لعنة ميناء الحاويات

أخبار البلد- يوسف محمد ضمرة

 
اقتربت مدة الحديث عن أزمة ميناء الحاويات وتكدسها، من نحو الشهرين، ليصبح ذلك مظهرا من الواقع. فهل هذا هو الوضع الطبيعي الذي تريده شركة إدارة الحاويات (ACT) المشغلة للميناء؟
وأمس، تم الإعلان عن حريق في الميناء، والأسباب ستظهرها لاحقاً نتائج التحقيق من قبل الأجهزة الأمنية. لكن بغض النظر عن ذلك، فإن إدارة ميناء الحاويات تتحمل المسؤولية، كونها الآمر الناهي هناك، كما أن من المنطق توقع حدوث خلل في ظل تكدس 13 ألف حاوية بانتظار خروجها من الميناء.
الاتهامات المتبادلة، وقرارات مجلس الوزراء، والجهود التي تبذل، جميعها لا تشير إلى حل قريب للأزمة في ظل عدم توفر اتفاقية معلنة تظهر ما للشركة وما عليها، فيتم على أساسها محاسبة المقصر.
فبعيدا عن التوصيات والبيانات الرسمية، يبدو أنه لا توجد جهة تتحمل المسؤولية عن تأخير إنجاز المعاملات، فيما لو كان هناك أي غنيمة، لوجدنا بالتأكيد كثيرين ينسبون المنجز لأنفسهم. وهو أمر طبيعي، فكلما تحدث شخص عن تحميل جهة المسؤولية، ستجد من يدافع عنها، لتنعكس حالة الانقسام وتضارب المصالح على أرض الواقع.
عصا الشركة الأم ضربت سمعة ميناء العقبة، بعد إعلانها أنها ستفرض مبلغ 200 دولار غرامة تأخير ابتداء من 12 من الشهر الحالي، فيما ستسري الغرامة على الحاويات القادمة من الولايات المتحدة في بداية الشهر المقبل. وربما أن لغة الدبلوماسية و"أخذ الخواطر" لسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة قد يكون لها مجال خلال الأيام المقبلة، لاسيما وأن رئيس السلطة د.هاني الملقي، دعا شركة "ميرسك" الأم (Customer Advisory)، إلى إعادة النظر في قرارها القاضي بفرض "رسوم ازدحام ميناء حاويات العقبة".
مجلس الوزراء لم يدن الشركة التي خرجت بأقل الأضرار، لاسيما وأنها ترفض أن يكون النظام الإلكتروني الذي اعتمدته مؤخرا هو السبب، كما ضعف أدائها، ولتخلص إلى أنه لا يوجد عليها أي مسؤولية، وأنها بريئة من كل الاتهامات التي تكيلها مختلف القطاعات الاقتصادية.
أصوات من موظفي الميناء بدأت بالتململ مرة أخرى، مما يشي بأمور لا يحمد عقباها. وهو أمر ينبغي أن تفكر فيه إدارة شركة ميناء الحاويات، لأن عدم قدرتها على إدارة شؤون الموظفين لديها يعني أن "التنظيم غير الرسمي" في داخل الشركة أقوى من تنظيمها الرسمي الذي تمثله، وهي الشركة التي بدأت عملها في إدارة الميناء منذ العام 2006، بما يؤشر أيضا على ضعف لديها بشكل واضح.
شركة ميناء الحاويات، بعيدا عن أي شيء، ينبغي أن تقف مع نفسها وتراجع مسيرة عملها في الأردن، لتعرف نقاط الضعف والقوة لديها. لكن صورتها لدى الغالبية باتت مهزوزة، ومشكوك في قدرتها على تحقيق الأهداف التي ينبغي أن تناط بها. إن الأوضاع الحالية ينبغي أن تمثل فرصة للاقتصاد الوطني قبل أن تكون للشركة، بحيث يصبح ميناء العقبة معبرا تنساب من خلاله البضائع.