«حضور أسمهان الذي لا يحتمل» يختتم مهرجان الفيلم العربي في عمان
اخبار البلد
عمان – اختتم مهرجان الفيلم العربي في دورته الخامسة بالفيلم الوثائقي «حضور أسمهان الذي لا يحتمل»، وذلك في الهيئة الملكية للأفلام في العاصمة الأردنية عمان.
ويروي الفيلم الأردني للمخرجة عزة الحسن، حياة المطربة العربية المشهورة أسمهان، التي استلهمتها من أغنيتها «ليالي الأنس في فيينا» موضحة حبها للعاصمة النمساوية التي لم تزرها يوما. تجري أحداث الفيلم عبر ثلاثة محاور رئيسة، يتعلق الأول بحياة أسمهان ومسيرتها الفنية وأثر أغنيتها في وجدان المستمع العربي، وتشبيهها لفيينا بجنة عدن، وهو ما يتناقض مع واقعها آنذاك، أي في عام 1944 عندما كانت مدمرة بعد تعرضها للقصف المستمر من قبل قوات الحلفاء قرب نهاية الحرب العالمية الثانية.
والغريب أن أسمهان لم تزر فيينا قط، بل اعتمدت على وصف مفردات الشاعر أحمد رامي الذي خلدها، بثراء شعري عاطفي زاده جمالاً النغم الراقي للموسيقار فريد الأطرش. ويتناول المحور الثاني موضوع الهجرة، واختلاف ظروفها بين الزمنين، حين هاجرت أسمهان من سويداء سوريا إلى مصر التي تلقفتها واحتضنتها بيسر، ورفعتها نجمة لامعة، ما يدل على مدى تسامح وانفتاح وتطور المجتمع المصري آنذاك. ويقارن الفيلم بين الأستوديو الذي صورت فيه الأغنية، وبين وضعه الحالي، وما تعرض له من خراب وإهمال وتدمير.
ومن ناحية أخرى، تناول الفيلم نوع وشكل الهجرة بالنسبة للعرب المهاجرين في فيينا حالياً، وأوضاعهم المزرية في الغربة، وهو ما تعبر عنه إحدى شخصيات الفيلم «كذبت أسمهان بأغنيتها ولم تعش الذي نعيشه بفيينا حالياً». ويرتكز المحور الثالث على منحى ثوري، من خلال طرحه فكرة رفض بقاء أسمهان أيقونة مقدسة للفن، داعياً إلى تجاوزها ومنح الجيل الجديد الفرصة، وتجديد دماء الفن، وهو ما عبرت عنه مطربة شابة هضمت كل أفلام وأغنيات أسمهان، وأطلقت أغنية ثورية بإيقاع وكلمات حديثة في ميدان التحرير.
ويعكس الفيلم أيضا أسمهان على أنها شخصية مغايرة كسرت السائد والمألوف بهروبها من الأجواء الأرستقراطية لعائلة الأطرش في السويداء، بمساعدة أخيها فريد الأطرش، إلى معايشتها لأهل الفن بكل أصنافهم في هوليوود السينما العربية القاهرة.
وعكست المخرجة حالة التمرد عبر شخصية شابة سورية من السويداء تركب الدراجة وتتجول في أنحاء فيينا متحررة من قيود مجتمعها المحافظ. ومن أروع مشاهد الفيلم لقطة تسجيلية للفنان الراحل يوسف وهبي، يسرد للجمهور الذي يشاهد فيلمها بعد موتها أحداث حلم رآه ليلة العرض تظهر فيه أسمهان تؤكد له أنها لم تمت. لم يتعرض الفيلم لتفصيلات شخصية كثيرة من حياة أسمهان وعرج سريعاً على موضوع انتمائها السياسي، وعلاقاتها مع مخابرات دول عدة في وقت واحد، وأوضحت مخرجة الفيلم في أحد لقاءاتها أنها لم تتناول كل التفصيلات الشخصية، كونها أصبحت معروفة، ولكنها أرادت توصيل مجموعة أفكار تربط بين حياة أسمهان وواقعنا الحالي. وتؤكد الحسن على ضرورة الخيال «فقد يغير لنا أفكارنا وأهدافنا، والتغيرات التي تطرأ علينا في العالم العربي». وعن اختيارها شخصية أسمهان تقول «أسمهان لطيفة، والجمهور يحبها ويحب صوتها، على الرغم من أنها ليست لطيفة في كل الأوقات، إذ لعبت دور الشريرة بعض الأحيان وتشبه كثيرا من الناس، هذا ما يزيد تفاعل الجمهور معها، وفي بعض الأحيان كانت مثالا للحرية، الأمر الذي يطمح اليه معظم الناس في يومنا هذا».