هل يصبح محمد دحلان نقيبا للصحافيين في الأردن؟ ولماذا تلعب 'الجزيرة' دور 'عم العروس'؟

اخبار البلد- بسام البدارين -لا أحد في الطبقة السياسية الأردنية يريد أن يعترف بحصول خطأ فادح يرقى إلى مستوى الجريمة السياسية، في ما عرف محليا باسم أحداث الدوار.
وكل ما يفعله هؤلاء فقط هو الإعراب عن الانزعاج من عودة مراسل الجزيرة الزميل ياسر أبو هلالة إلى عمان لتظهر تقاريره المبرمجة من جهات إمبريالية ضد الأردن والأردنيين، على حد وصف سياسي بائس لا يريد رؤية شواهد الإمبريالية المتعددة في البلاد، التي سبقت حتى تأسيس محطة الجزيرة.
أبو هلاله عاد صاخبا ومتحاملا على بلاده، حسب الآراء التي يمكن رصدها في شارع النخبة إياها، فسرعان ما تقدم الرجل بمقال ساخن بصفته أحد أبناء مدينة معان الجنوبية وليس بصفته مراسلا للجزيرة.
.. في هذا المقال ندد أبو هلالة بمشهد أشار له الأمير حسن بن طلال حيث حضرت حافلات من مدينة معان وتجمع ركابها في دوار الداخلية وقرب الديوان الملكي، بعد (تحرير) الدوار من دعاة الإصلاح والبعض أطلق الرصاص ابتهاجا وتأييدا للنظام في مواجهة الاعتصامات.
المفارقة ان رصاص الاحتفال بثته الجزيرة عشرات المرات وحصل بالقرب من المواقع السيادية الحكومية وعلى مرأى من الأمن، من دون ان يتدخل احد حتى ولو تحت عنوان الرصاص الطائش، كما يحصل في الأعراس، حيث درجت الفضائية الأردنية على تكرار بث وجبة تمثيلية دعائية مليئة بالدراما تتحدث عن حفل عرس ينتهي بمقتل العروس وشقيق العريس، وسجن الأخير بعدما أطلق أحد الجيران النار من سلاح رشاش ابتهاجا ولتحية الزفة.
الزفة التي انتقدها أبو هلالة كانت مختلفة هذه المرة، فليلة الدخلة كانت قوات الأمن فيها هي العريس، أما الشعب فلعب دور العروس. وبوضوح شديد على طريقة أبو عنتر قطع العريس رأس القط من الليلة الأولى وهذا المشهد لم يعجب الأمير حسن، ولم يعجب لاحقا أبو هلالة، الذي سارع للقول (ليست هذه معان ولا هؤلاء أهلها).
.. طبعا ظهر موقف الزميل في تقاريره الإعلامية فتمنى البعض لو بقي متابعا للثورة التونسية ولم يعد لبلاده، فزميله حسن الشوبكي لم يقصر هو الآخر في فضح مشهد الاغتصاب - عفوا العرس- وفي اللحظة التي يرغب فيها رئيس الوزراء معروف البخيت بطي الصفحة والانتقال لمرحلة جمع النقوط بعد العرس، دخل الساحة أبو هلالة مثل (عم العروس) .. كأننا 'ناقصين' أبو هلالة بعد الشوبكي من عصابة الجزيرة .. قال أحد المسؤولين على مسمعي شخصيا.
والفكرة هنا بسيطة: لا أحد على المستوى الرسمي في الأردن يريد قراءة سطر من صفحة أحداث دوار الداخلية، لكن عصابة الجزيرة مصرة على معاكسة الاتجاه.. لذلك نفخت مجددا بقصة رجل مسكين تأثر بعملية التعبئة التي حصلت ضد الإسلاميين وحضر من منطقة الريشة النائية جنوب الأردن لضاحية العبدلي، مزنرا بحزام بدائي غريب، ثم صاح الرجل بموظفي مقر حزب جبهة العمل الإسلامي قائلا: أين الشيخ حمزة منصور؟ .. سأله الموظفون لماذا؟ ..قال: سأفجر نفسي به.
حتى بالخيال لم يكن ذلك متوقعا في الأردن، والشرطة خرجت لتطمئن الشعب قائلة بأن الرجل المهوس لم يكن يحمل متفجرات، أما عصابة الجزيرة فقالت في تقريرها بأن الحزام الناسف كان عبارة عن نشارة خشب وبرادة حديد والرجل كان مخمورا ويريد تنفيذ عملية انتحارية بالشيخ حمزة منصور.
والخيال هنا لا يتسع لحادثة من هذا النوع، فالشيخ حمزة منصور رمز الاعتدال الأهم في جماعة الأخوان المسلمين، وقبل أسابيع قليلة كانت الفضائية الأردنية تبث صورته والملك عبدلله الثاني يربت على كتفه، ولاحقا صورته وهو يجلس لطاولة الحوار الملكية.
وهذا الشيخ أصبح هدفا اليوم لكل بلطجي ضللته الروايات الرسمية، وصاحبنا المخمور بتاع منطقة الريشه يسعى لتنفيذ عملية انتحارية ليس لتحرير الأقصى ولا لاستعادة الضفة الغربية كجزء لا يتجزأ من أرض المملكة الأردنية الهاشمية، حسب الدستور بكل الأحوال، ولكن لتخليص البلاد والعباد من شرور هذا الشيخ المعتدل، حتى تخلو الساحة للمتطرفين الأصوليين في مواجهة المتشددين من البلطجية.
وعلى طريقة الفضائية الليبية يقال في الأوساط الرسمية والحكومية: لقد سجلنا اتصالات هاتفية للشيخ منصور تتضمن توجيهاته للكوادر حتى تتحرك لدوار الداخلية والاعتصام المقموع.
.. السؤال الآن: على فرض صحة ذلك هل يستحق الشيخ منصور الإعدام بعملية انتحارية؟.. سؤال أخطر يقفز للبال: كيف عرف الرجل المخمور من منطقة صحراوية نائية بمعلومات من طراز (سري ومكتوم) كتلك التي تعتبر الشيخ منصور بطلا لعملية التحريض على الاعتصام الشهير؟
قبل أسابيع فقط ظهر الشيخ منصور على شاشة الفضائية الأردنية في مساجلة تلفزيونية مع نائب رئيس الوزراء الذي غاب فجأة أيمن الصفدي. واليوم فجأة أيضا يحمل الشيخ منصور بجدارة لقب المستهدف الأكبر فقد هدد احد نواب الحكومة علنا بنتف لحيته، ثم تعرضت عائلته لتهديد هاتفي حيث تسكن، ثم حضر البلطجية لمكان يلقي فيه محاضرة، واستدعى الأمر حماية الشرطة، وأخيرا حضر رجل مخمور لتنفيذ عملية انتحارية بالشيخ المخضرم الذي يوصف في أروقة الحكم والحكومة دوما بأنه (الأعقل) في التيار الإسلامي.
صاحبنا الشيخ إذا هو العدو الأول الآن لطبقة جديدة تفرض أجندتها في الشعب الأردني، وهي طبقة البلطجية، علما بأن أحدا لا يستهدف الدكتور عبد اللطيف عربيات او نمر العساف أو رحيل الغرايبة او زكي بني إرشيد أو حتى شيخ الطاقم الدكتور همام سعيد.. لماذا؟
المثير ان الطبقة السياسية تريد من عصابة الجزيرة إياها وغيرها من عصابات الإعلام ان لا تأتي على ذكر كل هذه الأحداث تحت عنوان طي الصفحة والتطلع للأمام فأي عهر هذا ؟ وعن أي أمام يتحدثون؟.

إشاعات الصحافيين

أطرف ما سمعته مؤخرا في كواليس انتخابات نقابة الصحافيين الأردنية هو الإشاعة التي تردد صداها في مؤسسة تلفزيون الحكومة ويقال انها خرجت من مكتب أحد مسؤولي الإعلام الرسمي.
تقول الشائعة ان ما يقارب الـ300 صحافي أردني ومن مختلف المؤسسات والمحافظات اجتمعوا قبل ثلاثة أسابيع في مقر نقابتهم، مطالبين بالتغيير وعدم تجريب المجرب يخططون لترشيح شخص (فلسطيني) لموقع نقيب الصحافيين في الأردن.
.. الطريف في المسألة ان كلمة (فلسطيني) هنا لا تنطبق على أي عضو في الهيئة العامة لنقابة الصحافيين التي لا يوجد في سجلاتها بند للعضوية الشرفية ولا للضيوف والغرباء والأجانب، فالقانون والوثائق والوقائع تقول بان جميع ألأعضاء في الواقع أردنيون ونقطة. والأطرف ان القانون لا يسمح فعليا بترشيح شخص فلسطيني للنقابة الأردنية إلا إذا كان مبتكر الشائعة الفصيح وصل في الإيمان بوحدة العلاقة بين الشعبين إلى حد القبول بترشيح الرئيس محمود عباس أو محمد دحلان نقيبا للصحافيين في الأردن، فهو مع خمسة فلسطينيين آخرين يملكون في الواقع، خلافا لكل أبناء الشعب الفلسطيني والأردنيين الذين يتم تجريدهم من قيودهم المدنية، الجنسية الأردنية.
نعم سجلات الأحوال المدنية تقول بان عباس مواطن بجواز سفر ورقم وطني أردني، وكذلك أحمد قريع ومحمد دحلان واثنين من الهيئات القيادية في السلطة.
وبهذا المعنى يصبح قريع او عباس او دحلان مرشحين من قبل الأوساط التي لا تتقبل فكرة أردني من أصل فلسطيني في نقابة الصحافيين، ليصبح احدهم نقيبا للصحافيين، وهو خيار بائس في الواقع لان شروط الترشيح في النقابة تبدأ بان يكون الزميل مسجلا في كشوفات العضوية ومضى على تسجيله عشر سنوات.
وعلاقة قادة السلطة الفلسطينية من حملة الجنسية الأردنية بالمهنة لا تزيد عن سياق (الدفع قبل الرفع) بمعنى أن القانون يحظر عليهم حتى الدخول لمقر نقابة الصحفيين خلافا للمئات من أردنيي الأصل الفلسطيني الذين أسسوا أصلا مع رفاقهم من الوطنيين الشرق أردنيين قبل أكثر من نصف قرن نقابة الصحافيين قبل تحولها لبقالة، بسبب صفقات المؤسسات ورأس المال وتبعات الهاجس الأمني.
والاقتراح العبقري الذي يحذر من وصول الفلسطينيين لنقابة الصحافيين وكأنها البنتاغون أو البيت الأبيض بنسخته الأردنية التي سيحتلها الآخر الفلسطيني ينسى او يتناسى ان حبر المطابع الأول في تاريخ المملكة اختلط بدم نخبة طيبة من الوحدويين المؤسسين أمثال سليمان عرار وكامل الشريف ومحمود الكايد وإبراهيم سكجها والحاج جمعة حماد رحمهم الله جميعا، جيل العمالقة الذين رحلوا وتركوا في الصحافة الأردنية صبية يتلاعبون بالوحدة الوطنية و(تشيخهم) الحكومات على أبناء المهنة بمقياس أمني فقط يسقط الاعتبارات الوطنية والمهنية.
وفي الشارع الصحافي الذي توقف مؤقتا عن الغليان في عمان يمكن للأذن التقاط ما تيسر من أسرار الطرائف التي يكشفها ضد بعضهم البعض علنا وسرا، نخبة من النقباء السابقين الساعين لتجديد الثقة الشعبية بهم وامتطاء الموقع الذي أصبح في الواقع أقرب لصيغة المختار منه لصيغة النقيب.
.. أحد هؤلاء قدم للزعيم الأممي معمر القذافي يوما بعد مصافحته جائزة الحريات الإعلامية، باسم اتحاد الصحافيين العرب، حيث اكتشف بعبقريته بأن ليبيا القذافي خالية تماما من الانتهاكات ضد حريات الصحافة، وحصل ذلك تزامنا، ومن سوء الحظ، في نفس العام الذي وجد فيه أحد الصحافيين مقطعا بعد التمثيل بجثته في مدينة بنغازي، إثر نشره مقالا عن الفساد.
ومن الواضح تماما ان القذافي حصل على هذا التكريم من اتحاد الصحافيين العرب قبل سنوات من خطبته الأخيرة الشهيرة التي استخدم فيها تعبيرا أسمعه لأول مرة في حياتي حين وصف صواريخ التحالف التي تنهال على قواته بأنها (خط ولوح).
وعند الاستفسار من أقارب أقاموا في الجماهيرية العظمى فهمنا بأن (خط ولوح) هي المفردة المطابقة في لغتنا المحكية لكلمة (فتاش) والمقصود هي المفرقعات التي يفرقعها أطفالنا في الأعياد وتباع بشلن للواحدة، وبعد التطور أصحبت تستورد من الصين وتطلق في حفلات الأعراس.
إذا الزعيم الملهم يظهر سخريته الشديدة من مفرقعات الأطفال التي تلقيها القوى العظمى على بلاده.
وبنفس الطريقة يسخر الدكتور معروف البخيت رئيس الوزراء منا جميعا دعاة الإصلاح، وهو يظهر لعشرة كتاب وصحافيين شغفه العنيف بالتجديد والتغيير والإصلاح قائلا: أنا أستخدم نفس المشط لشعري منذ ثلاثين عاما.