في انتظار استقالة الوزير

مثلما كان متوقعا، فقد خذل رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور وزير التعليم العالي الدكتور لبيب الخضرا ومجلس التعليم العالي في الخطوات الاصلاحية التي شرعا فيها لتصويب اوضاع التعليم العالي، ورفع معدلات القبول في الجامعات الرسمية من 65 % لتصبح 70 %، وفي الجامعات الخاصة من 60 % لتصبح 65 %، ووضع الاستثناءات على طاولة البحث والتمحيص و"التقنين" على رأي الوزير.

لا بل؛ فقد ظهر الرئيس امام لجنة التربية والتعليم، واللوبي النيابي الذي اشتغل ضد هذه الاجراءات، كمن جاء ليعتذر عن خطأ كبير كادت الحكومة تقع به، وتم تأنيب الوزير في عدم قبول الرئيس: "أن يستأثر وزير لوحده في مرفق التعليم والتعليم العالي".

لا ادري إن كان احد غيري يصدق ان ما قرره الوزير ومجلس التعليم العالي لم يطلع عليه الرئيس ومجلس الوزراء سابقا، او انه جاء من بنات افكار الوزير وحده، وفاجأ بها الحكومة، لا بل؛ صدمها، حتى يقول الرئيس: ان "قرار رفع معدلات القبول في الجامعات ليس قرار تكنوقراط فقط بل قرار له ابعاد سياسية واجتماعية ورأي عام"، على اعتبار ان قرارات الحكومة برفع الاسعار وغيرها ليست ذات ابعاد سياسية واجتماعية ولا رأي عام.!

اذا كانت الحكومة تقول: ان مجلس التعليم العالي، هيئة مستقلة تبحث قراراتها وتوجهاتها من دون تدخلات من قبل الحكومة، ولا "توشوش" له كما قال الرئيس، فلماذا تتدخل الآن، وتقرر اعادة دراسة قرار رفع معدلات القبول في الجامعات؟.

في 7 حزيران الماضي كتبت مقالا (قرار جريء ينتظر الأجرأ منه) اثنيت فيه على قرار وزير التعليم العالي، كما كتبت مقالا في 10 حزيران (..لا يريدون اصلاحا) اكدت فيه ان قوى الشد العكسي سوف تجهض التوجهات الاصلاحية التي يقوم بها مجلس التعليم العالي، وقلت ان كل عملية اصلاح يُعلن عنها في البلاد، يُشهَر في وجهها فورًا سيف الاتهامات المرعب، بدءًا من التوطين والوطن البديل، والحقوق المنقوصة والحقوق المكتسبة، إلى تدمير المحافظات.

وكل عنوان للإصلاح ـــ مبادرة برلمانية أو لجنة للحوار الوطني أو الاجندة الوطنية ـــ أصحابه متهمون حتى تثبت إدانتهم لا براءتهم.

للاسف، كل قضية إصلاحية حقيقية منذ سنوات في البلاد، تقفز معها "طوشة اجتماعية" فتضيع القضية، ونبقى أشهرًا ندفن جمر النار تحت الرماد.

قبل سنوات؛ في موضوع اصلاح التعليم العالي، تجرّأ الوزير الدكتور وجيه عويس ـــ في حوار مع "العرب اليوم" ـــ للقول إن هناك خطة استراتيجية لاصلاح التعليم العالي ستبدأ بإعادة النظر في موضوع القبول الجامعي والاستثناءات، خلال يومين، لم تسمح له قوى الشد العكسي ـــ عندما ارتفعت الاتهامات ضده ـــ بأن يدافع عن خطته، لا بل تراجع عنها، وقال: ان كلامه نُزِع من سياقه، مع أنه كان يعرف أن الحوار مسجّل، ولم تمض أشهر إلّا وطار الوزير، وبقيت قضايا التعليم العالي على حالها، مع أنها القنبلة التي قد تشعل نيرانًا في البلاد، بسبب ـــ على الاقل ـــ مصير عشرات الآلاف من الخريجين الذين لا يجدون فرص عمل، وينضمون إلى جيش المتعطلين من العمل.

بعد التراجع الحكومي، وبعد مذكرة 45 نائبًا ضد وزير التعليم العالي، لم يعد امام الوزير الدكتور لبيب الخضرا سوى قرار جريء باعلان الاستقالة من منصبه، وبمبرر واضح ان الحكومة لا تريد اصلاحا…