التجييش الحكومي ضد الإسلاميين..لصالح من؟
اخبار البلد- محمد سلمان القضاة-أكرمهم العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال، وأحسن معاملتهم وأجاد التعامل معهم بحنكة السياسيين ودهاء الحكماء، وبالرؤى الثاقبة، حتى أنه قض مضاجع إسرائيل عندما أرادت أن تجعل من المملكة الأردنية الهاشمية مرتعا لمخابراتها وعملائها، وأَنّى لها ولهم ذلك، فقد كان لهم الحسين واقفا بالمرصاد، وقفة شَهِد ويشهد بها القاصي والداني والعدو والصديق، وتشير لها كتب السياسة والتاريخ والأدب.
فالحسين احتضن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهز الكيان السياسي الإسرائيلي مهددا بتجميد أو وقف العمل باتفاقية السلام إن هي أي إسرائيل لم ترسل بالترياق المضاد للسم الذي استخدمه بعض عملاء إسرائيل، والذين تسللوا إلى عمّان تحت مسميات مختلفة، السم الذي نفخوه على شكل أشعة أصابت دماغ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، وذلك في الخامس والعشرين من سبتمبر/أيلول 1997ميلادية.
و تدخّل الملك حسين، وجيء بالترياق لمشعل، وجيء بأحمد ياسين الذي كان معتقلا لدى السجون الإسرائيلية طليقا هو ومرافقه الأسير رائد البلبول إلى عمان على متن مروحية أرسلها "أبو عبد الله"، حيث تم إدخال ياسين إلى مدينة الحسين الطبية لتلقي العناية الطبية في العاصمة الأردنية عمان التي احتضنت وستبقى تحتضن كل من لا ملجأ له من شتى أقطار الدنيا.
واليوم تتحدث بعض الصحف عما يدور في أروقة السياسة الغربية عن احتمالات تعرض حركة حماس وحركات مقاومة أخرى إلى ضغوطات متعددة، ومن بينها إسرائيلية، وربما سورية في ظل الحراك الشعبي السوري الذي بدأ ينفث لهيبه سعيا للحرية وإن تضرجت بالدماء الزكية.
والسؤال هو لماذا حالة العداء الأردنية مع حماس؟ وإن لم تكن عداء فلماذا حالة الفتور؟ فهل يمكن للوطن الأردني الأم احتضان أبناءه الذين كان لهم إلى وقت قريب حيا وحارة وبيتا ومكتبا في ربوع الوطن؟ خاصة وأنهم قالوها في أكثر من مناسبة إنهم ليس لهم أي هدف من شأنه هزهزة استقرار المملكة الأردنية الهاشمية؟!
وأما الجزء الثاني من مقالتي، فيتعلق بالإسلاميين في الأردن، فهم أيضا أكرمهم العاهل الأردني الراحل الحسين بن طلال، وأحسن معاملتهم وأجاد التعامل معهم بحنكة السياسيين ودهاء الحكماء، عاملهم ضمن نطاق الأسرة الأردنية الواحدة، لا بل ودافع عنهم في كل الميادين، حيث يُذكر أنه في زيارته ما قبل الأخيرة إلى عجلون، تقدم أحد أبناء "لواء عجلون"، من حضرة الملك وربما أراد أن يكون ملكيا أكثر من الملك، فوصف الإسلاميين "بخفافيش الليل"، وما إلى ذلك من هذا القبيل.
فماذا كان من العاهل الأردني الراحل؟! كان أن امتعض من ذلك الوصف الذي رمى به صاحبنا الإسلاميين!!، إذاً، لم يكن "أبو عبد الله" مسرورا ولا مبتهجا لأن يستمع إلى من حرّكه الحماس الزائد والوطنية المنفلته من عقالها وهو (أي صاحبنا المتحمس) يصف الإسلاميين بوصف مثل "خفافيش الليل!"، فطوبى لكم "أبا عبد الله"، ومغفرة من الله ورحمة منه وحسن مآب.
والإسلاميون الأردنيون اليوم باتوا يتعرضون لهجمة شرسة من لدن الحكومة الأردنية العادية لا هوادة فيها، وحتى أن الحكومة "البخيتية" شجعت من حيث تدري أو تدري صغار الطير وبعض صغار "الغربان" على التجرؤ ومحاولة النيل من سمعة الإسلاميين ومن سمعة جماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، حتى تجرأ بعض الناعقين في ظل "الميمعة" التي تريدها الحكومة العادية، وخاصة في أعقاب طريقة معالجتها غير الموفقة لاعتصام دوار الداخلية، تجرأ على مهاجمة الإسلاميين صبح مساء، وحيث تشجع نفر نكرة على تقليد شخصيات "الشجعان"، وقام باقتحام مقر الجبهة في عمان بحزام ناسف مزور "فالصوه"!!!
وترى لصالح من يتم "التجييش" ضد الإسلاميين في الأردن؟! وما هو الخطر الحقيقي الذي يمثلونه؟! فهم ركن كبير قوي مكوّن من نسيج منتشر عبر جسم المجتمع الأردني، وهو جسم رشيد وركن من أركان تثبيت العرش الأردني الهاشمي وعنصر من عناصر تثبيت استقرار الوطن.
هؤلاء الإسلاميون الذين تسعى الحكومة العادية وبعض الأجهزة الأمنية إلى تشويه صورتهم في الأردن، وإلى محاولة اختزال احتقان الشعب الأردني من شتى المنابت والأصول في فزاعة الإسلاميين، هم أكثر انتماء وإخلاصا للشعب الكريم وللوطن الغالي وللأسرة الهاشمية الطيبة، وهم أكثر انتماء وإخلاصا من أي ناعق من هنا أو همجي من هناك أو بلطجي من بلاطجة الحكومة أو بلاطجة الأجهزة الأمنية الأخرى.
فكفى أيتها الحكومة العادية وكفى أيتها الأقلام الرخيصة المسمومة المأجورة الرقص والتراقص على جراح الوطن، بدعوى الوطنية التي لا يمكنكم الاتصاف بها بقدر ما هي ديدن الإسلاميين على الدوام.
إذن، تحاول الحكومة الأردنية العادية و"مُطبلوها" و"مُسحِجوها" اختزال كل المشاكل والأزمات ومظاهر الاحتقان التي نعانيها نحن الشعب الأردني في فزّاعة جبهة العلم الإسلامي والإسلاميين، وهذا والله ظلم وافتئات ومراوغة ومحاولة التفاف على المطالب الشعبية العارمة المنادية بالإصلاح السياسي وبالملكية الدستورية وبالإصلاح الحقيقي نحو دولة أردنية ملكية هاشمية ديمقراطية حقيقية، ينتخب فيها الشعب الكريم حكومته انتخابا حرا مباشر نزيها، بحيث تقدم الحكومة المنتخبة برنامجها إلى الملك، في ما يشبه طريقة الحكم في بريطانيا أو المملكة المتحدة، وعندئذ يشكل من لم يحالفهم الحظ حكومة الظل، وهكذا ينعم الشعب الكريم بالحرية والديمقراطية الحقيقية.
وأما كاتب هذه السطور فلم يكن متحزبا يوما ما، ولكنها كلمة الحق في زمن بوادر "الميمعة" أو الفوضى التي تريد حكومة البخيت أن تسوق الشعب الكريم إليها، كلمة الحق التي لا بد أن يصدح بما المرء، حيث على الحكومة العادية أن ترعوي، وتتقي الله في الشعب الكريم.
وأما الحراك الشعبي الأردني فموجود وكائن وحاصل ومتنامي، وربما هي مسألة وقت قد لا يسعف الحكومة العادية فيه لملمة أحابيلها وحِيَلِها المكشوفة، فهي تحاول أن تغطي الشمس بغربال الوقت، ولكن الشعب الأردني من شتى المنابت والأصول بات صاحيا واعيا مستيقظا، وهو ينادي بالإصلاح الشامل.
وأما من لا يرغبون بالإصلاح، فيمكنهم التجمع وعقد الدبكات حتى يتعبوا، فيستريحوا ثم يعودون للدبكة، فهي على الأقل تخفض من نسبة الكلسترول والسكر وتخفض من نسبة الشحوم المتراكمة على حسابنا نحن الشعب الصابر والقابض على الجمر وعلى حساب أجيالنا الحاضرة والقادمة، وكل ذلك أيضا على حساب تضخم المديونية.
ثم عن أي حوار تتحدثون؟ فالحوار الحقيقي يقتضي امتلاك المعارضة تلفزيونها أو تلفزيوناتها وإذاعاتها وصحفها العادية والإلكترونية حتى تتمكن من الحوار على طاولة متوازنة، وأما الحوار الذي يتم على طريقة "ائتوني بهم"، أو "اجلبوهم لي"، فهذا ليس حوارا يا معروف البخيت بوصفك الحكومي، بل هذا أشبه ما يكون "بالضحك على الذقون". إلى هنا.
* مترجم فوري أول/إعلامي/أردني مقيم في دولة قطر. roaqodah@hotmail.com