في الوطنية و حب الوطن

عندما هاجر رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم من وطنه مكه الى المدينه مضطرا الى ذلك من أجل نشر الدين الاسلامى والبعد عن اعتراض وايذاء أهل مكه قل قولته المشهورة : (( يعلم الله أنك أحب البلاد الى قلبى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت )) كلمات قليله تعبر عن معانى وقيم كبيرة وتعطى درس فى حب الوطن الذى تربينا وعشنا فيه .
والوطن فى أعناق أبنائه أمانة يجب عليهم أن يحافظوا عليها لأن حب الوطن من الإيمان، وإن واجب كل إنسان أن يحرص على حماية الأوطان، فلا يمارى امرؤ ومعه عقله أن الوطن بيته، فيجب عليه أن يحافظ على أمنه وسلامته، وأن يدافع عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلا وقد أوجب الاسلام، الدفاع عن الأوطان، وشرع الجهاد فى سبيل الله دفاعا عن الدين والوطن والأرض والعرض ومن قتل فى سبيل الدفاع عن وطنه كان شهيدا فى سبيل الله، ولا تقتصر حماية الأوطان والدفاع عنها على مواجهة العدوان ومقاومة الدخيل فحسب، بل إن من الواجب فى حماية الأوطان مناهضة كل فكر مغشوش، أو إشاعة مغرضة ، كما تشمل حماية الأوطان، المحافظة على أسراره الداخلية، وعدم التعامل مع أعداء الوطن أو من يريدون به السوء
أو الذين ينفثون سمومهم فى أجواء المجتمع بغيا و عدوانا .
وحب الوطن ليس بترديد الشعارات وهي ليست وسيلة للتعبير فحب الوطن ممارسة وحب الوطن بأن نخدمه وتفني عمرك لأجله ولأجل أن هذا الوطن ينمو وأن تساهم في كل ما تستطيع لرفعة وطنك، وترديد الشعارات أو التجمهر فهذه ليس لها علاقة في حب الوطن، فحب الوطن يكون بالتعبير الصحيح وما تفعله من أجله على الوجه السليم .
والوطنية كلمة جميلة تحمل معاني سامية تتحقق عندما نربي عليها أبناءنا تربية صالحة ليكونوا أفرادا نافعين لدينهم ووطنهم ، ولن تتحقق في الوطنية في شعارات تردد أو تجمهر أو في تشكيل مسيرات، إنما هي شعور بالانتماء للأرض والمجتمع الذي نعيش فيه، وبذل كل ما هو غال ونفيس للدفاع عن أراضيه وتقديم كل ما هو جميل له، وكما قيل: وطن لا نستطيع أن نحميه لا نستحق العيش فيه . !!.
فالوطنية تتحقق عندما نغرس في انفسنا و نفوس اولادنا حب الوطن وقيادته والاعتزاز به وبتاريخه ومقدساته, و نتحصن من أفكار الغلو والإرهاب والتطرف .
فواجب أبناء الوطن أن يكونوا عيونا ساهرة لحماية أمن الوطن وأن يتضامنوا فى درء أى خطر يتهددهم وأن يتكاتفوا جميعا عن بكرة أبيهم وبلا استثناء على درع كل من تسول له نفسه أن يجترئ على الوطن وأن يسعى بذمتهم أدناهم، وأن يكونوا يداً على من يسودهم، بغض النظر عن عقائدهم فيجب أن يتعاونوا فيها مسلمين وغير مسلمين.
وأعظم صورة يقتدى بها فى ذلك ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فور هجرته من مكة إلى المدينة حيث بنى المسجد توثيقا للصلة بالله، وآخى بين المهاجرين والأنصار توثيقا للصلة بين المسلمين، وأبرم صحيفة المدينة توثيقا بين المسلمين وغير المسلمين دفاعاً عن الوطن، وحماية له من أى عدو يناوئه وأى خطر يتهدده. وأعطى بهذا نموذجا من أرقى النماذج فى الحفاظ على سلامة الوطن وأمنه واستقراره، ليقتدى به العالم كله بعد ذلك، وكانت هذه الصحيفة التى أبرمها فى المدينة بين المسلمين وغير المسلمين أول وثيقة عرفتها البشرية لحقوق الإنسان حيث شرط لغير المسلمين وشرط عليهم ووحد كلمة الجميع على أن يتضامنوا فى الحفاظ على الوطن ودرء أى خطر يوجه من أعدائه إليه

والانسان الذى يفرط فى وطنه ويتنازل عنه من الممكن أن يتنازل عن أى شئ بعد ذلك فكل شئ أصبح عندة لا قيمه له ويمكن التفريط فيه ومن يتنازل عن جنسيه بلدة هو تنازل عن كل ماضيه ..عن أهله وأصحابه ومنزله ومدرسته ومسجدة جمله واحدة من أجل أن يحمى نفسه .من يفعل ذلك هو شخص خائن وجبان وجاحد ولا يستحق العيش .
ومن يظل فى بلدة يدافع عن قيمه ومبادئه وأفكارة ويحاسب على أخطائه ولا يترك بلدة ويهرب أو يتنازل عن جنسيتها هو شخص محترم يستحق كل التحيه والتقدير حتى لو أختلفنا معه سياسيا أو فكريا .