مقال / الشيب
كل يوم أقف أمام المرآة وأبدأ بمراقبة الشيبات التي تزداد يوما بعد يوم ، الزحف يأتي من المنطقة المحاذية للسوالف ، ويبدو أن هذه المنطقة هي الأضعف دوما لذا يغزوها الشيب بكل بساطة وسذاجة ودونما أي مقاومة.
قبل مدة أشتريت ماكنة حلاقة كهربائية (شحن) من بسطة بوسط البلد ، أستخدمها في عملية اخفاء وتشتيت الشيبات المتمردة ، ولا أنكر بأنني وفي كل صباح أتضرع إلى الله حامدا شاكرا بأنني لم أصل بعد إلى مرحلة استخدام الصبغات لأخفاء الجيوش الزاحفة من العدو الأبيض.
أمس دار حديث بيني وبين صديق عن الشيب ويبدو أننا استرسلنا بالحديث وأخبرني شيئا مهما قال لي : " ما وقفت على الشعرات ، القلوب شابت " ، لا أدري لماذا استفزتني هذه الكلمة كثيرا ، فهل تشيب القلوب حقا؟!
في نهاية الحديث أخبرني بأن الشيب وقار وردد على مسامعي بيت الشعر القائل : " عيرتني بالشيب وهو وقار ويا ليتها عيرتني بما هو عار " ، مرة أخرى استفزني بكلامه وتذكرت تلك الصبية العشرينية التي أعادت لي قلم استعارته مني ذات مرة ورفضت استرجاعه وقتها قلت لها " خليه معك عشان تذكريني" ،
كان بودي أن تقول لي " تسلم خلو " أو أن تقول " ما رح أنساك يا خلخيلو" ولكنها اكتفت بأن ضحكت ببراءة وقالت " يسلموا عمو خلدون " ، فهل رأت شيباتي اللئيمة فعلا و لهذه الدرجة أصبحت عمو ؟!.
بصراحة ... أنا أكره الشيب وأحاول اخفاؤه وبودي أن يختفي نهائيا وتبقى شعراتي سوداء داكنة ربما سأسرحهم على جنب وربما سأصنع غرة "تهفهف" مع أول نسمة هواء ويصبح اسمي أبو "غرة جنان". وإن كان ولابد من الشيب –فلن أهتم- سأتحول للصبغات من غارنيه الى لوريال مرورا بكلستون ومن دار حولها.
المهم أن لا يشيب القلب.
المحامي خلدون محمد الرواشدة
Khaldon00f@yahoo.com