معا في خندق واحد لمحاربة التطرّف والارهاب
مما لا شك فيه .. ان فداحة جرم الاعتداء الإرهابي الذي نكوة به الاردن ممثلة مثل الدول الأخره
هو باستشهاد الطيار الأردني البطل معاذ الكساسبة وقتلة على يد تنظيم داعش الإرهابي والذي
ما زال يذكر العالم بمدى شرور هذا التنظيم الذي لا هدف له سوى القتل والتدمير، وإن الكساسبة
كان مثالاً للشجاعة والانضباط والمسلم المخلص، فيما اخر عمليات الارهاب والتطرف التي نفذها الانتحاري
الذي فجر نفسه يوم الجمعة الماضي في جامع الامام الصادق بمنطقة الصوابر وهو سعودي الجنسية ويدعى
فهد سليمان عبد المحسن القباع، وعليه يجب علينا جميعا ان نقف معا في خندق واحد لمحاربة التطرّف
والارهاب.
نذكر هنا .. أن الإرهاب والتطرف والطائفية تعمل على تقسيم الأمة الإسلامية إلى فرق وأحزاب تقاتل بعضها
البعض باسم الدين، وأن الواقع المؤلم الذي تعاني منه بعض من بلداننا من إرهاب وصراعات داخلية وسفك
للدماء هو نتيجة مباشرة للتحالف بين الإرهاب والطائفية التي نحذر من الوقوع بها والإرهاب المتمسح برداء
الدين، والتطرف في فهم الدين كان موجودا في كل الأديان وفي كل الأزمان، ولكن شاء حظنا التعيس نحن
المسلمون أن يكون معظم الإرهابيون في عصرنا هذا من الذين يتمسحون بالدين الإسلامي، والتطرف في فهم
الدين الإسلامي خلق العديد من الميليشيات المسلحة والتي تتبع إسلوب حرب العصابات بطريقة إضرب وإهرب والإحتماء والإختفاء وسط المدنيين، وأحيانا يستخدمون سيارات الإسعاف والمدارس والمساجد وحتى المستشفيات لتخبئة أسلحتهم وبدء عملياتهم، ولكل من تلك العصابات المسلحة فكر متطرف يساندها ويبرر جرائمها وكلهم يعتبرون أن ما يقومون به هو جهاد في سبيل الله وهو فرض عين على كل مسلم ومن يتقاعس عن أداء هذا الفرض فإن مصيره جهنم ويمكن إحلال دمه، ومعظم أفراد تلك العصابات تم تدريبهم على أداء أبشع الجرائم وهم يهتفون "الله أكبر" وإذا ماتوا أثناء أداء تلك الجرائم فإنهم "شهداء" عند ربهم بل وفي أعلى مراتب الجنة كما يروج لهم.
وبصرخة الهاشمين " قتباس " عبرت الملكة رانيا العبدالله عن ألمها لما جرى من أعمال اجرامية في الكويت
ظهر الجمعة، كما تأسفت لما حصل من عمليات ارهابية في تونس وفرنسا، كما نعت الملكة الشهيد الاردني
الشاب الرمثاوي طالب الهندسة عبد المنعم الحوراني الذي قضى إثر قذيفة سورية سقطت في وسط البلد
ظهر الخميس.
وقالت الملكة في تدوينة لها عبر مواقعها على التواصل الاجتماعي مساء الجمعة " نعزي اهلنا في الكويت
بهذا المصاب الجلل...اي سواد وفكر ظلامي إرهابي استباح حرمة الكويت وأمنها ومسجدها ومصليها".
وتابعت " هذه المدينة التي احتضنت طفولتي ولي في وجوهها وشوارعها ومدارسها صداقات وذكريات... وكم
كان يوم الجمعة آمنا، كم كان شهر رمضان يجمع القلوب. سلمت للمجد يا كويت وعلى جبينك طالع السعد.
رحمة الله على تلك الارواح التي صعدت وهي ساجدة لله والهم ذويها الصبر".
كما كتبت "الجمعة التاسع من شهر رمضان 2015، وبينما بلدي الأردن يشيع شهيده الشاب طالب الهندسة
عبد المنعم الحوراني، رحمه الله وألهم عائلته الصبر والسلوان، جللت غمامة السواد والحزن سماءنا العربية،
في تفجيرات إرهابية قتلت 25 مصليا في مسجد في الكويت و 38 قتيلا في تونس، وفي فرنسا!".
واضافت الملكة " لم تردع حرمة الشهر الفضيل أو الجمعة المباركة يد الإرهاب، فطالت ثلاث قارات، بأعمال
وحشية، لا علاقة للإسلام فيها ولا المبادىء الإنسانية.
وتساءلت "فأي دين يدعون؟ وأي وحشية وتكفير يستبيح حرمة المصلين بينما يسجدون لربهم ويسبحونه
ويحمدونه؟ رحم الله شهداءنا وتغمدهم برحمته، وأدخلهم فسيح جناته. وحمى أوطاننا وأعاد إليها السلام
والأمن".
ندعو هنا الى توعية النشء وتزويده بالقيم التربوية لغرس روح المواطنة الصالحة في نفوس الشباب ليكونوا سدا
منيعا في وجه الإرهاب وسندا لرجل الأمن لتوفير الأمن للمجتمع الأردني والذي حققته القيادة الحكيمة لجلالة
الملك عبدالله الثاني ووعي المواطن الأردني ويقظة أجهزته الأمنية، بوجود 135 تعريفا عالميا للإرهاب، وأن الأردن
تعرض للإرهاب منذ تأسيسه، فيما من المتعارف عليه أن تعريف الارهاب والتطرف هو ذلك العمل الذي يمارس عنفا يقصد منه زعزعة الأمن، وأن الدين الإسلامي هو دين الوسطية وعدم التطرف واحترام حق الإنسان في الحياة حيث إنها مصانة لا يجوز مصادرتها بأعمال إرهابية، كما أن الإرهاب هو عنف يقصد منه التخويف لشل حركة الحياة بكافة مركباتها مؤكدا على أهمية الأمن والاستقرار لتوفير الرفاه الاقتصادي والحياة الآمنة.
وفي هذا الحراك .. أكد الأردن في كافة المحافل المحلية والدولية، بأنه كان دوما في طليعة الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة الإرهاب والتصدي للتطرف انطلاقا من القيم الإسلامية المعتدلة التي تمثل الاعتدال والوسطية وقبول الأخر
و حمايةً للمصالح الوطنية الأردنية العليا كون أن الحرب على هذه التنظيمات الإرهابية وعلى هذا الفكر المتطرف الذي يستهدفنا هي حربنا من منطلق ما أكد عليه جلالة الملك عبدالله الثاني في خطاب العرش خلال افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة السابع عشر بأنه لابد لنا من الدفاع عن أنفسنا وعن الإسلام وقيم التسامح والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب، وإن كل من يؤيد هذا الفكر التكفيري المتطرف أو يحاول تبريره هو عدو للإسلام وعدوٌ للوطن وكل القيم الإنسانية النبيلة كون الأردن لم يألوا جهدا في توظيف كل طاقاته وإمكاناته للتصدي لمخاطر التطرف والإرهاب وخاصة من خلال المبادرات التي تهدف لتعزيز الحوار بين الديانات والمذاهب والحضارات المختلفة وشرح المفاهيم الحقيقة للدين الإسلامي الحنيف ورسالته السمحة العظيمة ومنها رسالة عمان وكلمة سواء وأسبوع الوئام العالمي والمؤتمرات العديدة في هذا الخصوص.
للاسف دعونا نعترف .. أن البطالة من الممكن ان تقود الشاب الى مرحلة انه لا يوجد ما يبكي عليه او يخسره
فليس له وظيفة وليس لديه أسرة وليس لديه منزل، والإنسان عندما يصل به الامر الى هذه المرحلة فمن
الممكن تجنيده لعمل اي شيء، ممكن تجنيده لتوزيع وبيع المخدرات وممكن تجنيده في عصابة سرقة بالاكراه
وممكن تجنيده لعمل اعمال بطولية و"استشهادية" لخدمة الله والدين وما اجمل من الاستشهاد في سبيل الله
والدين، وفقهاء الاٍرهاب يجدون ضالتهم في مثل هذا الشباب اليائس والبائس والذي لا حاضر له يبكي عليه ولا مستقبل يأمله الا ان ينخرط في منظمة ارهابية ناهيك على ان تلك المنظمات مثل داعش ليس فقط تعدهم
بالشهادة والجنة والحور العين ولكن تعطيهم مرتبات بالدولار (عملة الكفار) و تعطيهم ايضا سكنا وزوجة من
السبايا ويصبح الشاب مجندا في تنظيم داعش وما عليه الا إطلاق اللحية ولبس عمامة غريبة الشكل وعليه
"اذا وفرنا لكل شاب وظيفة ووفرنا لهم إمكانية الزواج والسكن، لن يكون لديهم وقت بالتفكير بتامين حياة لنفسه
واسرته عن طريق الالتحاق بالعصابات الارهابية.
ليعلم الجميع أن الكراهية هي بداية التطرّف والارهاب، لان الانسان الذي يصل به الامر الى ايذاء وقتل الاخر هو
إنسان وصلت به الكراهية الى منتهاها، وكثير من المجرمين العاديين كان من الممكن ان يكونوا مواطنين عاديين يندمجون بالمجتمع ولكن البطالة تجعل الشخص مواطنا مهمشا لا لزوم له، بمعنى انه اذا اختفى من المجتمع فلن يتاثر المجتمع، بل على العكس ربما يرتاح منه المجتمع، لذلك اذا استمع هذا الشاب الى احد فقهاء الاٍرهاب وأقنعه بانه اذا قتل عددا من "كفار" المجتمع فانه سوف يتخلص من تلك الحياة الفانية ومن هذا المجتمع الكافر الذي لا
ينتمي اليه ليس هذا فحسب ولكنه سيصعد الى الحياة الدائمة حيث جنة الخلد والحور العين في انتظاره كما يروج
له والحقيقة ان مشكلة البطالة هي مشكلة عالمية وهي اخطر ما يواجه المجتمعات في هذا القرن، لان التكنولوجيا الحديثة وثورة المعلومات تسببت في إلغاء العديد من الوظائف القديمة وفتحت المجال للعديد من الوظائف الجديدة والتي تتطلب تعليما تقنيا عاليا صعبا في معظم الأحيان.
والمرأة مستهدفة من قوى التطرّف والارهاب، فأمام المرأة رسالتان رسالة الدفاع عن نفسها ضد قوى التطرّف
والارهاب ورسالة تنشأة اجيال جديدة تمقت التطرّف وتحارب الاٍرهاب، والطفل ممكن ان يرضع الكراهية كما يمكن
ان يرضع الحب، وهذا يتوقف على مرضعته، وبالطبع لا يمكن ان نغفل المجتمع بكافة مؤسساته مثل المدرسة ودور العبادة والإعلام والثقافة بشكل عام، وبالرغم من التأثير الطاغي الذي يمكن ان يكون للمجتمع ومؤسساته على الشباب، الا ان الام من الممكن ان تعادل هذا التأثير بصفتها الأقرب الى قلب اطفالها.
ولحل مثل هذه الامور الخطرة هو تشجيع البرامج الاجتماعية والجمعيات الخيرية على العناية الموقتة بأسر العاطلين، وكذلك البدء في تدبير تأمين العاملين ضد البطالة، لان في هذا حفظا لكرامة الفرد اذا فقد عمله، تشجيع المشروعات الصغيرة في القرى والاحياء الفقيرة، وممكن ان يقوم الأغنياء ورجال الاعمال بذور هام في هذا المجال وقد تبدو هذه حلولا بسيطة على الورق ولكنها تحتاج جهود جبارة واستثمارات هائلة، ولو انفقت أمريكا والغرب نصف ما أنفقهوه
على حرب العراق وافغانستان في التنمية ومحاربة البطالة لما كان لدينا اليوم داعش واخواتها!.
وأخيرا .. أن اجتثاث الأرهاب والتطرف يجب أن يبدأ من مناهجنا التعليمية باعادة النظر في سياسة التعليم لكي تتماشى مع احتياجات المجتمع وسوق العمل، ناهيك عن ضرورة تصحيح بعض الكتب الإسلامية ، هذا هو الحل
للقضاء على الإرهاب واجتثاثه من جذوره، أفلا نعقل!؟ أم أننا نراوغ أنفسنا لكي لانعترف بافلاس فكرنا الإسلامي وتمييزه بين بني البشر، كي لانغير ما بأنفسنا وكي لايغير القدر مابنا، وهكذا نطوف في حلة مفرغة الى مالا
نهاية؟، واعتقد ان كل انسان يستحق الفرصه ان يصنع لنفسه حياة اجتماعيه من خلال وظيفه وعمل ومن خلال الاستحواذ على المكاسب الماديه وما تجلبه من وسائل الراحه في حياته وترفع من مستوى معيشته وتعطيه
اشياء يعيش من اجلها كالابناء والبنات في المدارس والجامعات ودفعات البيوت والسيارات والامل المستمر في
التطور والتصلق الى مستوى اعلى، كل هذه الاشياء في النهايه هي حياة البشر على هذا الكون وهدف وجودنا،
لذلك لا بد من التفكير في حلول أخرى مبتكرة إلى جانب المواجهات الأمنية، وتلك الحلول الأخرى قد تستغرق
أجيالا وليس سنوات فقط، لذلك فإن أي وعد من أي مسئول أمني أو سياسي بقرب القضاء على هذه المنظمة
أو تلك خلال مدة زمنية محددة هو وعد واهم.