التحقيق مع مبارك سيتم في شرم الشيخ.. والجيش رفض طلبا لمسؤول بإطلاق قذيفة دبابة بميدان التحرير

كانت الأخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف المصرية الصادرة امس عن تصريح لمصدر في المجلس العسكري الأعلى أكد فيه وجود الرئيس السابق حسني مبارك في مصر وأنه لم يغادرها الى المانيا كما أذاعت قناة 'الجزيرة'. ونشرت الصحف عن مواصلة السلفيين هدم وحرق الأضرحة، فحرقوا ضريح سيد عز الدين في تلا بالمنوفية وتم انقاذ المسجد المجاور من الحريق، وأنباء عن مهاجمة ضريح أبو الاخلاص الزرقاني، في الإسكندرية، وإعلان الصوفيين ان الجيش وشباب الثورة يحمون الأضرحة في الاسكندرية وانهم سيقيمون يوم الخميس القادم مولد سيدي أبو الاخلاص لمدة سبعة أيام، ومطالبة رئيس محكمة جنايات القاهرة حبيب العادلي وزير الداخلية السابق أن يقف وهو داخل القفص، وطلب الادعاء الحكم بسجنه اثنتين وعشرين سنة، خمس عشرة منها للتربح وسبع بتهمة غسيل الأموال8

كما بدأت في الإسكندرية محاكمة مدير الأمين السابق وقائد قطاع الامن المركزي وعدد من الضباط بتهمة قتل المتظاهرين، ومحاكمة أمين شرطة من قسم الزاوية الحمراء بالقاهرة اسمه محمد السني لقتله ثلاثين وإصابة خمسة عشر اثناء المظاهرات من مدفعه الرشاش، واختطاف ابن رجل الأعمال وعضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطني، وابن شقيق الرئيس الراحل أنور السادات وهو عفت السادات وطلب المختطفين فدية قدرها خمسة ملايين جنيه ،واستمرار تلقي مكتب النائب العام بلاغات جديدة ضد وزراء ومسؤولين سابقين، كما تقدم محمود العسقلاني رئيس جمعية - مواطنون ضد الغلاء - ببلاغ للنائب العام ضد صديقنا ونائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل اتهمه فيه بأنه شارك في أشياء ما لأنه المستشار القانوني للشركة المصرية للمنتجعات السياحية المملوكة لرجل الأعمال إبراهيم كامل، عضو أمانة السياسات وأحد المسؤولين عن موقعة الجمل ومهاجمة المتظاهرين في ميدان التحرير، وذلك بسبب عقد بيع ثمانية وعشرين مليون متر مربع في منطقة سهل حشيش له، بدولار وأربعين سنتا للمتر وقيامه ببيعه بخمسة وسبعين دولارا.

أيضا، أولت الصحف اهتماما كبيرا جدا بالكارثة السياسية والأخلاقية، التي حدثت من جماهير نادي الزمالك في استاد القاهرة وتحطيمها له بعد مباراة الفريق مع الفريق التونسي، الافريقي، واعتذار رئيس الوزراء لسفيري تونس والجزائر، وقيام مظاهرة امام سفارة تونس تعتذر لشعبها، والمطالبة باتخاذ اقسى الإجراءات ضد من شاركوا في الجريمة ومن يحركونهم والقبض على عدد منهم، وكان من بينهم مشجع له ظروف خاصة قد تعفيه من المحاكمة، كما علمنا أمس من زميلنا الرسام بـ'الجمهورية' مصطفى حيث قال المشجع للضابط بعد القبض عليه : مضربتش حد يابيه، أنا كنت نازل أجيب الجون التالت.

وإلى شيء من أشياء كثيرة ومتنوعة لدينا:

 

مبارك في شرم وليس المانيا ومحاكمته هناك

 

أكدت جريدة 'الشروق' في تحقيق لزميلينا دينا عزت وأحمد البهنساوي، ما يلي: 'علمت 'الشروق' من مصادر في المانيا انه تم حجز باسم الرئيس السابق في مستشفى هايلدبرغ التي كان يعالج فيها من قبل، وقالت مصادر مطلعة ان أسرة الرئيس السابق اتصلت بإدارة المستشفى لعمل حجر بشكل مبدئي لكن دون تحديد موعد للسفر. ولفتت المصادر النظر إلى أن هناك طبيباً ألمانيا زار مبارك مؤخرا في شرم الشيخ، وأكد حاجته الضرورية لتلقي العلاج والتي قد تصل إلى إجراء جراحة عاجلة، وأنه تم عرض هذا التقرير الطبي على المجلس الأعلى للقوات المسلحة حتى يوافق على سفره، كما تلقت أسرة الرئيس السابق عرضا من دولة عربية خليجية رئيسية بإعداد طائرة تقل مبارك الى حيث يعالج، ولم تحدد المصادر ما إذا كانت أسرة مبارك سترافقه بالكامل خلال رحلته العلاجية لكن مصدرا آخر قال انه من غير المرجح حدوث ذلك'.

أي أن مصادر الخبر هنا لا تقل عن ثلاثة، أما 'الجمهورية' فقد انفردت بدورها بنشر خبر لزميلينا خالد عبدالعليم وياسر إمام، كان نصه: 'صرح مصدر رفيع المستوى لـ'الجمهورية' أن التحقيق المتوقع مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك وأفراد أسرته حول ما نسب إليهم من اتهامات بالكسب غير المشروع وتضخم ثرواتهم، سيتم لظروف أمنية بحتة في مقر رسمي بشرم الشيخ وسط حراسة أمنية مشددة، قد يكون في مقر الرئاسة الذي يقع بجوار مقر إقامة مبارك وعائلته، الخاص بمنتجع الغولف وهو ما يجعل استدعاء الرئيس السابق وأفراد عائلته للتحقيق معهم أمرا ممكنا أمنيا.

ونفى المصدر احتمال انتقال مبارك وعائلته إلى مقر النيابة العامة بمحكمة جنوب سيناء بمدينة طور سيناء والتي تبعد مائة كم عن شرم الشيخ لمخاطر وصفها بالأمنية خاصة وأن الطريق طويل وصحراوي'.

 

غليان في مصر من استباحة السلفيين للبلاد

 

ونبدأ بإخواننا السلفيين وعاصفة المعارك التي تسببوا فيها من خلال عدد من أفاعيلهم الغريبة التي عبأت الغالبية ضدهم، وبدأ التنبه إلى خطرهم، لا على الثورة فقط، وإنما على البلاد كلها، وبعد أن كان الشيخ محمد حسين يعقوب يناشد في خطبة الجمعة الشهيرة التي ألقاها في مسجد الهدى في امبابة من لا تعجبهم نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية أن يهاجروا إلى أمريكا وكندا، وأطلق على النتيجة لقب غزوة الصناديق، فقد رزقه الله باثنين طلبا منه هو أن يرحل، واستعانوا بالهتاف الذي كان المتظاهرون يهتفون به في الميادين، مطالبين مبارك بالرحيل، وهو، مش هنمشي، هو يمشي، وهتاف، ارحل يعني تمشي، انت ما بتفهمش..

الأول الذي هتف مطالبا برحيل الشيخ يعقوب كان زميلنا بمجلة 'الإذاعة والتليفزيون' السيد عبد العال الذي صرخ في وجهه قائلاً: 'دفع شباب مصر أرواحهم في كل ربوع مصر حتى تولد مصر من جديد وتودع عصر الكهولة والظلم إلى عصر الريادة والمساواة.

للأسف أصبح أصحاب اللحى الطويلة في مقدمة المشهد بعد أن كانوا بعيدين تماما عنه، بل غالبيتهم كان ضد ما يقوم به الشباب على اعتبار أن الخروج على الحاكم غير جائز شرعا، لذلك ظهر علينا الملا محمد حسين يعقوب واعتقد انه يقود فصيلا في حركة طالبان، وأعطى تصريحات هي نفسها تصريحات أسامة بن لادن والملا محمد عمر زعيم حركة طالبان.

هذا الرجل قال إن مصر انتصرت في غزوة يوم الاستفتاء وإن من قالوا 'لا' كانوا ضد الدين وعليهم الذهاب إلى كندا وبعد الهجوم عليه قال إنه كان 'بيهزر'.

وأنا أقول له كيف برجل عجوز مثلك يهزر في مستقبل أمة أنت بعيد عنها تماما، وتفرغت للزعيق في القنوات الفضائية لجمع أكبر كمية من النقود، وشيء مؤسف جدا أن تسمح الدولة لمثل هذه القنوات بالعودة لتضليل المواطنين.

يا سادة مصر لن تكون بلد الملالي وأنا أقول لهذا الرجل شعار ثورة يناير 'أنت تمشي مش هنمشي'.

 

مطالبة الشيخ يعقوب بالرحيل الى قندهار

 

طبعا، وما دامت الثورة تطالب الشيخ يعقوب أن يرحل، فعليه السمع والطاعة، وأن يرحل إلى قندهار، ولو مؤقتا، وهو ما طالب بمثله يوم الأحد في 'الوفد' صاحبنا محمود شاكر بقوله: 'أقول له بل ارحل أنت أيها الشيخ الذي كنا نجل لك كل احترام وتقدير، وأقول له أيضا: إنك خالفت تعاليم الدين والسماحة التي كنت تخرج علينا دوما بالحديث عنها، ابعد عن السياسة ولا تخلط الدين بها، وليس من حقك أن تكفر أحداً يختلف معك في الرأي وكان لا بد أن نعرف فكر الشيخ صاحب 'غزوة الصناديق' التي يتفاخر بأنه صاحب هذه المقولة، والشيخ صاحب الرأي الذي قاله في خطبه وشرائطه، إذا قال لك أبوك احلق لحيتك قل له أقطع رقبتي ولا أحلق لحيتي، وإذا طلب منك صاحب العمل حلق اللحية، قل له أموت ولا أحلق لحيتي، وأعطي نبذة عن الشيخ يعقوب فهو صاحب مقولة المصايف حرام، ومصافحة النساء حرام، وهو الذي وصف الديمقراطية والبرلمان بأنهما مخالفان للمنهج السلفي والشيخ الذي نادى بعدم الاحتفال بالمولد النبوي، مؤكدا أن الرسول حطم الأصنام والمسلمون يشترون حلاوة المولد، والشيخ الذي عارض شعار ثورة 25 يناير إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر، قال هذا الكلام كفر، وفي ختام كلماتي أقول للداعية خاف الله ايها الشيخ، فنحن لا نترك البلد، فهذا بلدنا بل عليك أن ترحل أنت!'.

وبصراحة، هذه هي المرة الأولى التي أعرف فيها أن الشيخ يعقوب كفر بذلك الشاعر التونسي الراحل أبو القاسم الشابي، وكفر الشعب التونسي، بمن فيهم راشد الغنوشي وأعضاء حركة النهضة، وهم إخوان مسلمون، لأنهم كانوا يرددون مع المتظاهرين، أشعار الشابي، إذا الشعب يوما أراد الحياة، ولذلك على الشيخ الغنوشي أن يرد على اليعقوبي.

 

الجماعة السلفية تطلق بالونات اختبار

 

وإلى أن يستجيب فإننا ننتقل الى جريدة 'الفجر'، الأسبوعية المستقلة، لنكون مع زميلتنا سحر الجعارة التي اندهشت من هؤلاء وعبرت عن دهشتها عنهم بالقول: 'الجماعة السلفية الآن تطلق بالونات اختبار لقياس جاهزية المجتمع لقبول أفكارها، مثل هدم اضرحة الأولياء الصالحين، ولو استسلم المجتمع لذلك بسلطته العسكرية ومؤسساته المدنية لقفز السلفيون على الثورة وتربعوا على رأس السلطة وفرضوا إرهابهم الفكري والمادي على الجميع، المجلس العسكري لن يعلن حمايته للدولة المدنية واكتفى بتصريح للواء 'إسماعيل عتمان' مدير الشؤون المعنوية يقول فيه: ' لسنا أخوانجية أو جماعة سلفية لكننا نتيح حرية التعبير عن الرأي للجميع'، وهنا لابد أن نسأل: هل قطع أذن مواطن يدخل في إطار حرية التعبير؟ أم أن هناك من أطلق 'فزاعة السلفيين' لإظهار وسطية الإخوان؟ فالمرشد العام للإخوان يسعى للفوز بنحو ثلث أعضاء المجلس التشريعي، وطبيعي أن يعمل نواب الجماعة لإصدار قوانين تحرم السياحة - مثلا - وما يستتبعها من بيع للخمور، وتصادر حرية الفكر والتعبير 'كما فعلوا تجاه رواية وليمة لاعشاب البحر'، على أن تترك للجماعات السلفية مهمة التنفيذ، وهكذا تقع مصر بين فكي مقص: 'الإخوان والجماعات السلفية' فإن كانت رؤيتي مسرفة في التشاؤم ، على الإخوان المسلمين حماية الدولة المدنية بالأفعال وليس بالمسكنات الإعلامية'.

 

الضريح ليس صنما

ولا يمكن أن يعبد من دون الله

 

ولو حدث هذا لكان خطرا لو تعلمون، عظيم، ولهذا قال عنهم زميلنا في 'الأهرام' حازم عبد الرحمن، يوم الأحد: 'من قال إن هناك إنسانا عاقلا في القرن الـ21 سوف يختلط عليه الأمر، ويتصور أن الضريح هو صنم؟ وأنه يمكن أن يعبد من دون الله؟ ومن قال إن الناس البسطاء لا يعلمون يقينا أن الله هو خالق الخلق؟ فإذا كان هذا المنطق لا يعجبك، فمن أعطاك الحق في أن تحرم الآخرين من الاعجاب به؟ من الذي أعطاك هذه السلطة؟

باختصار، هذه الجماعة المتطرفة الإرهابية الهمجية، باتت خطرا على المجتمع، انها توشك أن تصبح حركة طالبان جديدة على الطريقة المصرية، فقد أقامت حدا بقطع أذن رجل بائس في قنا، ثم قررت أن تهدم مجموعة أضرحة في القليوبية. ومن يدري ماذا ستفعل غدا؟ نحمد الله أن هذه الجماعة حتى الآن لم تخرج على الناس بالبنادق الآلية والمسدسات والقنابل اليدوية، ولكن من يدري إذا استمرت حالة عدم العقاب والتسامح الذي تلقاه حتى الآن، ماذا سيحدث غدا؟ فإذا كانت هذه المساجد لا تعجبهم، فإنهم يستطيعون أن يتجنبوها بسهولة ويؤدوا عباداتهم في مئات أو آلاف المساجد الأخرى التي ليس بها أضرحة، وإذا لم يجدوا مسجدا فإنهم يستطيعون أن يصلوا في 'العراء' أي في المساحات المكشوفة، وهي الأصل في المساجد.

لماذا لا يعبدون الله كما يريدون ويتركون الآخرين يعبدونه كما يريدون أيضا؟ هل هم أوصياء على خلق الله؟ ألم يقرأوا قوله تعالى: 'إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء'؟'.

 

دعوة لعلماء مصر للاجتماع

 

ونكتفي بهذا القدر اليوم، ونعطي لهم الفرصة لتوضيح موقفهم، إذ نشرت جريدة 'روزاليوسف' في نفس اليوم حديثا مع الدكتور عبد الله شاكر رئيس جماعة أنصار السنة أجراه معه زميلانا صبحي مجاهد ومحمود محرم، قال فيه: '- بعد أحداث الثورة وبعد ما حصل بعض المواقف ربما تكون متباينة في الآراء بين العلماء فكرت جماعة أنصار السنة المحمدية أن تجمع شتات العلماء في مصر كلها من كل اتجاه، وبالتالي عقدنا مؤتمرا لهؤلاء، سميناه مؤتمرا لجمع الشمل، تواصلنا فيه مع الدعوات الموجودة على الساحة وطلبنا من الجميع أن نلتقي ونتحد ونتشاور في ما بيننا، حتى إذا وقع بالمسلمين نازلة أو حدث شيء، نفكر كيف نواجه هذه النازلة؟

وما المخرج منها؟ وما الاسلوب الأمثل الذي يمكن أن نسلكه تجاه ما يمكن أن يحدث، وانبثق من هذا المؤتمر مجلس شورى للعلماء، حتى إذا جد جديد نتواصل مع هؤلاء العلماء وهذا تقارب وتوحيد للصفوف على منهج القرآن والسنة لأن البعض قد يقول إننا نتفق مع جهات تخالفنا ولكن الرد إننا نلتقي على أسس عريضة ونجتمع على الحق ونواجه الناس بفكر ورأي ومعتقد صحيح قائم على مرجعية القرآن الكريم والسنة النبوية.

- التعاون دعوي ولكن إذا كان هناك اتجاه بعمل حزب لن نشارك مع أحد في حزبه.

نحن أعلنا سلفا في هذه المرحلة الحالية عدم تأسيس أحزاب وعدم المشاركة فيها ونحن نعتبر أن تأسيس الأحزاب خطوة لأمور قد لا تفيدنا في المرحلة الحالية، أيضا عندما يتبلور قانون الأحزاب وتتضح الرؤية والواقع الذي تؤول إليه أمور البلاد نستطيع أن نحدد لذلك أنا أقول كل مرحلة قد يكون لها تعامل مختلف في المرحلة الحالية، لا نؤيد أحزابا ولن نشارك في أي منها، فالسلفي كان قبل الثورة لا يتمكن من أن يخرج من مدينته التي هو فيها ليلقي درسا في مكان آخر، ولكن بعد الثورة تغيرت الأحوال وبدأ ينطلق بقوة واندفاع ولا يعد هذا انه ركب الثورة أو حقق مصالح من ورائها، السلفية موجودة وكانت تشتغل في فترات سابقة بلون من ألوان القوة، ثم حدث لها تضييق في المرحلة السابقة وعندما فتح المجال بدأت تتحرك، وهذا شيء طبيعي، وبالتالي ما حدث للدعوة السلفية أمر طبيعي.

- مسألة رفض الخروج على الحاكم هي من المسائل العقيدية لدى أهل السنة والجماعة، فهم لا يخرجون على الحاكم المسلم، ولكن عندما تقع حادثة وواقعة العلماء لا يخرجون على هذا الأصل لأنه صحيح، ولكن يفكر هل ما يحدث هو خروج على الحاكم؟ أم كلمة حق تقال أمام سلطان جائر، لأنه لا يريد أن يسمع؟

فالخروج على الحاكم أمر مقرر شرعا في السنة مرفوض، ولكن ثورة 25 يناير كانت كلمة حق تقال لسلطان جائر، حيث ضاقت بهم السبل ولم يجدوا من يستمع لهم.

ونحن نتبرأ من كل سلفي يقوم بالاعتداء على مسيحي أو يهدد أفراد المجتمع باسم الدين، أو التطاول على الناس بالأيدي.

تغيير المنكر بالقوة له مراحل وخطوات وعلى حسب استطاعة الإنسان، فالإنسان في بيته يستطيع أن يغير المنكر بيده، فمن كان تحت سلطان المسلم وله ولاية عليه يكون تغيير المنكر فيه بالقوة، لكن في الشارع لا يمكن أن يكون تغيير المنكر بالقوة، حيث ينتقل الإنسان في تغيير المنكر إلى اللسان، بل لو ترتب على محاولة التغيير باللسان مفسدة فيجب التوقف، ويكفينا إنكار المنكر بالقلب، وعليه فدور الجماعة السلفية في تغيير المنكر داخل المجتمع لا يكون باليد وينحصر في اللسان أو القلب'.

 

الخلط بين المسؤول والشرعية الشوارعية

 

ونتحول الآن إلى المعارك الأخرى التي لا تزال متواصلة حول الثورة ونتائجها، وما يحدث من إجراءات تحت ضغط المظاهرات، وهو ما لم يعجب زميلنا في 'الجمهورية' وأحد مديري تحريرها، خفيف الظل محمد أبو كريشة، وعبر عن عدم اعجابه بالقول يوم الأحد: 'كيف لا يشعر أي امرىء عنده دم بالقلب، وهو يرى شرعية أي مسؤول في الوطن الآن 'شوارعية'، والشرعية الشوارعية تجعل اي مسؤول في اي موقع 'شخشيخة وشرابة خرج' ليست لديه سلطة ولا قرار، والمسؤول الذي كان يلتف حوله المنافقون يتحول في ظل الشرعية الشوارعية الى منافق للجماهير، 'لا يحل ولا يربط'، لأن شرعيته في الشارع ويمكن إسقاطه بمظاهرة، كيف لا يشعر المرء بالقلق وهو يرى اللا نظام الحالي، واللا دولة الحالية، واللا حكومة الحالية تنافق الشارع، وتعد ولا توفي، وتضطر للكذب والخداع والكلام العبيط إرضاء للشارع أو لحفنة عالية الصوت في الشارع، فالوطن في ظل الفوضى و'الشوارعية' يتحكم فيه الأعلى صوتاً والأقل قيمة فكرية وأخلاقية، يديره البلطجية وينزوي فيه ذوو العقول والقلوب والذمم'.

 

محركو الثورة المضادة ما زالوا طلقاء

 

لكن كلامه لم يعجب زميله أسامة سلامة رئيس تحرير مجلة 'روزاليوسف' الذي تساءل عن عدم اتخاذ الإجراءات ضد رموز النظام السابق، وقال عنهم: 'هؤلاء هم وقود ومحركو الثورة المضادة، وهم الذين يسعون لكي يقضوا على أي إصلاح تريده ثورة 25 يناير، تعالوا نتخيل البرلمان القادم وقد جلس في صفوفه الأولى أحمد عز 'إذا خرج براءة من تهم الفساد المالي' وقد نجد د. فتحي سرور يدير الجلسات من على المنصة بعد أن عاد إلى مجلس الشعب من بوابة الانتخابات والتحالفات والتربيطات السياسية، وربما لعلع صوت د. زكريا عزمي محارباً الفساد الذي وصل إلى الركب برغم أنه أحد أسبابه ورواده، وسنجد صفوت الشريف يدير جلسات مجلس الشورى بطريقته السينمائية، حيث لكل عضو دوره المكتب، والكل يتبارى في المجلسين 'الشعب والشورى' في الحديث عن حكمة وعبقرية الرئيس جمال مبارك الذي نجح في انتخابات الرئاسة 'إذا لم يدنه القضاء بجرائم جنائية'، هؤلاء جميعا وغيرهم من السياسيين من حقهم حتى الآن الترشح لانتخابات البرلمان المقبلة، هؤلاء الذين أفسدوا الحياة السياسية شاركوا في تزوير الانتخابات ووافقوا عليها ودعموا المزورين'.

 

غضب على لواء بالجيش لانه يمنن

المصريين بعدم قمع الجيش كما يفعل القذافي

 

لكن أعنف هجوم كان قد قام به رئيس تحرير 'صوت الأمة' زميلنا وصديقنا عبد الحليم قنديل ضد اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكري، وأبدى غضبه من تباطؤ المجلس في اتخاذ هذه الإجراءات بقوله وقد رأيت بوضوح الشرر يتطاير من خلف زجاج نظارته: 'على اللواء ممدوح شاهين أن يعتذر فورا للشعب المصري، أو أن يعتذر عنه المجلس العسكري، ويتصرف معه بطريقة ملائمة، حفظاً لكرامة الشعب والجيش المصري، اللواء شاهين - المتحدث الرسم باسم المجلس العسكري - أهان الشعب والجيش، وتحدث بعجرفة و'فرعنة' مستفزة في اتصال جرى مع فضائية مصرية خاصة، وبانفلات لسان، وبعصبية ظاهرة قال للناس 'احمدوا ربنا أن الجيش المصري لم يفعل ما فعله القذافي' '!' وبدا كأنه يتحدث عن جيش آخر، وعن بلد آخر، وعن قيادة أخرى غير القيادة التي نعرفها للجيش المصري، فالجيش المصري لا تصح مقارنته مع جيش المعتوه القذافي، الجيش المصري بيت الوطنية الراسخة والانضباط الصارم، والولاء المطلق للشعب الجيش المصري ليس جماعة من المرتزقة وكتائب خميس، الجيش المصري ابن تقاليد الدولة المصرية العريقة، وقائم على مبدأ التجنيد الوطني العام، ولا أحد - مهما علا مقامه - يملك أن يدفع الجيش المصري الى صدام بالنار مع شعبه، ولا أن يأمر بإطلاق النار على المتظاهرين ناهيك - لا سمح الله - عن خطيئة القتل والذبح للناس على الشيوع وكما جرى في حالة عقيد ليبيا السارق القاتل، وربما هي مصيبة حقيقية أن يفكر اللواء شاهين بهذه الطريقة'.

 

قنديل: الجيش ملك الشعب المصري

 

الجيش ملك الشعب المصري، وليس ملك اللواء شاهين ولا أي شخص آخر مهما علت رتبته، وقد حاول مبارك أن يحول الجيش إلى سند لحكم عائلته، وانتهى الرهان إلى الخسران، وحافظ الجيش المصري على كرامته وكرامتنا.

وقد قلنا، ونعيد التأكيد على حق النقد لسياسة المجلس العسكري' وبما لا يمس احترامنا البديهي للجيش بضباطه وجنوده، فالمجلس العسكري وكيل عن الثورة، وليس مجلس قيادة الثورة، والفارق بين المعنيين ظاهر حتى للعميان، ونريد أن يصارحنا 'المجلس العسكري' بالحقيقة فهو المسؤول أمامنا عن تأخر محاكمة الرئيس المخلوع وعائلته الفاسدة، وعن إتاحة وقت متصل بمخاطره، جرت فيه عمليات تهريب بعشرات المليارات من الدولارات من حسابات بنوك إلى مخابىء 'الأوف سورز' ومن مصر إلى السعودية والإمارات بالذات، وعن إجراءات تتلكأ وتتلكع، قرارات متأخرة، لا نريد للواء شاهين - مع كامل الاحترام - أن يتكلم ونريد من المشير طنطاوي أن يتكلم'.

 

'الوفد' : لولا القوات المسلحة

لما نجحت الثورة

 

وأسرع بالدخول على خط هذه المعركة ولكن بطريقة أهدأ زميلنا وصديقنا وأحد رئيسي تحرير 'الوفد'، والمحرر العسكري، أسامة هيكل بقوله في نفس اليوم معبرا عن رأي الحزب: 'لولا القوات المسلحة لما نجحت الثورة في تنحية الرئيس السابق، ولا يخفي على أحد أن النظام السابق طلب فض المظاهرات بالقوة، ولم تستجب له القوات المسلحة، والتزمت عدم إطلاق الرصاص ضد أي مواطن مصري رغم أن الرئيس السابق كان قائدا أعلى للقوات المسلحة وقتذاك، بل ان القوات المسلحة رفضت اقتراحا من مسؤول كبير سابق بترويع المتظاهرين عن طريق ضرب قذيفة من مدفع دبابة لتسقط في النيل، وأصرت القوات المسلحة على مبدئها منذ اليوم الأول.

ولا يجب أن ننسى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد عقد اجتماعه الدائم اعتبارا من الخميس 10 فبراير، قبل أن يلقي مبارك خطابه الأخير بتفويض سلطاته للنائب السابق عمر سليمان وكان في هذا الاجتماع إشارة واضحة للرئيس بضرورة الرحيل لأن الوضع لم يعد يحتمل، وقد غادر الرئيس بالفعل في الثالثة عصر الجمعة 11 فبراير مع ابنه علاء متوجها الى شرم الشيخ، مضطرا، بينما ظلت زوجته وابنه حتى الخامسة ظناً أن المظاهرات سوف تهدأ ولم تغادر إلا مضطرة أيضاً، وبعد رحيل الأسرة الحاكمة أدلى عمر سليمان ببيان التنحي الشهير من المجلس العسكري وليس من رئاسة الجمهورية.

والقوات المسلحة حملت ملفات تختلف في طبيعتها عن دورها الرئيسي، وهو حماية حدود الدولة، فهي ليست مؤهلة لملاحقة اللصوص والمجرمين داخل المدن.

ولا يتصور أحد أن دبابة أو عربة مدرعة تسير على جنزير سوف تلاحق لصاً في الشوارع والأزقة.

القوات المسلحة بطبيعتها العسكرية الانضباطية لم تكن تتعامل مع الإعلام إلا في إطار محدود وفي ضوء مهمتها.وطالما انها أصبحت تتعامل في ملفات ذات طبيعة سياسية وإدارية وقانــــونية، تمس حيـــاة المصريين جمــــيعاً، فهذا يســــتوجب انفتاحا أكبر على الإعلام حتى يطلع الرأي العام على ما تفعله بشكل أوضح، يمنع اللبس ويحول دون محاولات إثارة الفتنة بين الشعب وقواته المسلحة'.

 

لماذا لم يحاكم مبارك حتى الان؟

 

وطالما انها تتعامل الآن في ملفات سياسية فيجب أن يتسع صدرها للنقد، فمن الطبيعي أن يحدث اختلاف في وجهات النظر السياسية، ولا مانع أن يصدر بيان يومي أو كل عدة أيام عبر متحدث رسمي عسكري للإدلاء بمعلومات حول التطورات المختلفة أولاً بأول منعاً للالتباس.

كما أن الرأي العام بدأ يتساءل عن اسباب عدم محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، ويربط بين ذلك وبين ما أعلنته قيادات في المجلس العسكري عقب تنحي الرئيس السابق بأن القوات المسلحة لا تقبل إهانة أحد أبطال حرب أكتوبر وهذا موقف ينبغي مراجعته في ضوء التطورات التي حدثت خلال الشهرين الماضيين، فقد أصبحت الاتهامات بالفساد تلاحق الرئيس السابق يومياً، وهي اتهامات تستوجب المحاكمة، وهذا حق للرئيس السابق أيضا إذا كان بريئاً من هذه الاتهامات، ونحن في مرحلة ثورة تقتضي العمل في ظل قاعدة أساسية، فالمؤسسة أهم من الفرد، والدولة أهم من المؤسسة.

وهكذا كان نفس النقد الذي وجهه عبد الحليم، ولكن بشكل أهدأ، ومن ناحية من له صلة قوية بالجيش، وكان يدافع عنه باستمرار، وحين يصل الأمر به إلى المطالبة بتحديد متحدث عسكري يجيد التفاهم مع وسائل الإعلام، وعندما يشير إلى ضرورة تخلي الجيش عن تعهد سابق بعدم السماح بإهانة أحد رموز حرب أكتوبر، فان القلق من الموقف يكون مفهوما، وبالنسبة للإشارة الى ان الجيش أجبر عمر سليمان على إلقاء بيان تنحي مبارك، فقد سبق وأشرنا بعدها مباشرة إلى أنه لم يكن تنحيا، وإنما قرارا بالعزل اتخذه الجيش.

 

تونس ومعركة الاستاد:

المصريون يشعرون بالخجل

 

وأخيرا، إلى المهزلة التي حدثت من جماهير نادي الزمالك، بنزولهم إلى أرض الاستاد وتحطيمه في مباراة الزمالك مع النادي الافريقي التونسي، وهم مسلحين بالشوم والسنج، مما دفع الكثير للتساؤل عن كيف تم السماح لهم بدخول الاستاد هكذا، وصاح أمس زميلنا في 'الوفد' وعضو الهيئة العليا للحزب محمد مصطفى شردي قائلا: 'همجية فوضى بلطجة وقلة أدب، هذا أقل ما يجب أن نصف به ما حدث في مباراة الزمالك والافريقي التونسي في دقائق معدودة استطاع بعض الهمج تدمير صورة مصر أمام العالم أجمع، والمسألة ليست بسبب الخسارة وليست لأننا تعرضنا لأي ظلم.

تونس التي هاجم هؤلاء المجرمون فريقها هي البلد الذي استقبل مائة وخمسة وعشرين ألف مصري هارب من جحيم القذافي، هي البلد الذي بدأ ثورات الحرية وشجعنا على ان نتحرك وفي المعسكرات التي اقيمت لاستقبال المصريين على الحدود مع ليبيا، كان أهل تونس يقتسمون قوتهم القليل مع اخوانهم يقدمون لهم الخيام والغطاء فهل هذا هو الشكر الذي تقدمه لهم مصر، والحكاية ليست في أن نقول ان ما حدث سببه مجموعة من المشجعين الالتراس، لأن التاريخ سيكتب ان ما حدث في مصر من مصريين ولن يقول قلة منحرفة أو بلطجية، لقد لطخوا سمعتنا بهذا الغباء والتعصب، وأرجو عدم السماح لرجال أعمال نادي الزمالك وقياداته بمحاولة التدخل والوساطة لحماية بعض الذين اعتقلوا'.

 

ماذا أصاب المصريين في أخلاقهم؟

 

صحيح، ما هذا الذي حدث وأصاب المصريين في أخلاقهم؟ وأثار قلق زميلتنا بـ'الأخبار' آمال عبد السلام فقالت عنه أمس:'هل الفوضى والانفلات الأخلاقي أصبحا هما السمة السائدة لنا؟ لدرجة الإساءة للضيف، وأي ضيف؟ التوانسة العاشقون لمصر وعبروا عن ذلك حين استقبلوا المصريين الفارين من ليبيا وأكرموهم بمنازلهم لحين عودتهم لبلادهم؟! ولماذا؟ بسبب الكورة! عيب علينا، وهل كنا نقبل لو ما حدث أول امس في اللحظات الأخيرة لمباراة فريقي الزمالك والافريقي التونسي باستاد القاهرة، كان حدث لنا بتونس؟! ماذا حدث؟ ومن المسؤول؟ عن هذه الفوضى والتدني الأخلاقي الذي أصاب أعدادا كبيرة من المصريين.

وأياً كانت الأسباب، أرجو من جميع المسؤولين، وقفة، ووقفة حاسمة حتى لا يفلت العيار أكثر من ذلك، وفي النهاية الخاسر هي مصر'.

لا، لا، المسألة أكبر بكثير مما تصورت آمال، أنها مؤامرة واضحة قال عنها في نفس العدد زميلنا وصديقنا ونقيب الصحافيين السابق جلال عارف: 'المشهد في الملعب كان مؤسفا، ولكن بالتأكيد ليس شغب الملاعب الذي نعرف حدوده، اننا هنا أمام فلتان أمني وعصابات لا علاقة لها بالكرة بل هدفها التخريب، وتواطؤ لإدخالها الملعب، وقصور أمني فادح لم يعد ممكنا أن يستمر، فما حدث لا يمكن فصله عن محاولات لا تتوقف من فلول النظام السابق لضرب الثورة والتحريض ضدها وتعطيل مسيرتها، محاولات لم تتوقف من مسيرة ميدان مصطفى محمود الى موقعة الجمل إلى إثارة الاحتجاجات الطائفية الى بث الرعب ونشر البلطجة في الشارع المصري'.

 

مقارنة خطاب

إعلامي في موقعة الجمل

 

طبعا، طبعا، وهو ما أكده في نفــــس اليوم ايضا زميـــلنا في 'المصري اليوم'، أحمد الصاوي بقوله: 'قارن بين خطاب إعلامي في ظل موقعة الجمل، كان يقول إن اشتباكات جرت بين مؤيدين ومعارضين في الميدان، ويكيل على المـــعارضين الاتهامات من كل حدب وصوب وبين خطــــاب إعلامي في بعض 'القنوات الخاصة' التي يملكها رجال اعــــمال معروفــــون بولائهم للحزب الوطني وعضويتهم فيه، كان يحاول أن يصور للمشاهد إحساسا بأن هؤلاء الذين اكتســـحوا الملعب واعتدوا على الحكــــم واللاعبين وخربـــوا الاستاد ومقدراته هم شباب الثورة.

أدعوك لأن تعود إلى 'يوتيوب' أو 'فيس بوك' لتشاهد على سبيل المثال، فيديو من المباراة منقولا عن قناة 'مودرن سبورت' يبدو فيه صوت هامس لمخرج يوجه مذيع المباراة ويقول له: 'مش همه دول شباب الثورة يا أيمن قول بقين' ولم يكذب المذيع خبرا وانهال بعد ثوان على شباب الثورة هجوما بقصد توجيه رسالة محددة للمشاهدين بأن هؤلاء 'الهمج' هم شباب الثورة'.