عن انتخابات الرابطة

نعم انتخابات رابطة الكتاب الأردنيين، تلك الرابطة التي لم تعد تسترعي اهتمام أي عضو ينتمي إليها؛ فيجلس في الفناء هناك يتقاسم والآخرون الراحة فتكون بيت القصيد لا بيت تصفية الحسابات السياسية والولاءات الخارجية باسم الإنسانية تارة وتارة باسم العروبة التي نالت من عمر المثقف الأردني وطرحته أرضا بعد أن قادته عنتريات أقامت الجدل ولم تقِم العمل والعضل، الرابطة التي صارت استوديو الاتجاه المعاكس رقم 2 جراء التنازع الذي وصل مرةً حدّ الشتماء ومرة أخرى حدّ الشجار بالأيادي، الرابطة التي تحولت لغرفة عمليات حزبية خلفها ما خلفها وأمامها سوبر ماركت وبجوارها دوّار باريس مرتادوه لا يعرفون شيئا عنها، إذ أكاد أُجزم أن الرابطة لم تعد تعني أحدا من المثقفين بل هم الآن في حالة إحباط شديدة حيالها، وهو ما دفعهم في جوانب كثيرة إلى فتح صالونات ثقافية وروابط ومنتديات تجمع مثقفين وتلمّهم بعيدا عن الرابطة التي راحت تصنف الناس هناك "ممانعين أو أمريكيين"، فقد غاب النشاط الثقافي وغابت الأمسيات والحوارات التي كانت تمتد إلى منتصف الليل لتتحول الرابطة ومنذ اندلاع الثورة السورية تحديدا إلى مضافة يمارس فيها الكهول أمسيات زمنهم الجميل، حيث لا تقام هناك ندوات باسم الرابطة او باسم لجانها الميتة سريريا، فقد حدث مرةً أن أعددت وزميلي الأستاذ حسين العموش ندوة حول روايته الأخيرة، وطلبنا من الزميل سكرتير الرابطة أن يرسل دعوة الحضور للجميع، وكان قد صادف أن يكون هناك لقاء آخر لرئيس الرابطة في اليوم الذي يليه، فجاء الحضور في ندوة الرواية قرابة الأربعة أشخاص وطلبة أجانب كنت قد دعوتهم، في حين كان الحضور عند الزميل الدكتور رئيس الرابطة محتشدا وكأنه مهرجان حزبي، وفي ندوتنا تلك لم يحضر رئيس الرابطة ربما لظروف ما وهو الذي كان يدأب على المشاركة في كل فعاليات الرابطة، فالمستهجن والغريب هو أن كل ما يحدث داخل الرابطة من فعاليات أغلبه يكون بتنسيق وإعداد من لدن جمعيات وروابط مختلفة، بل إن فروع الرابطة في المحافظات باتت أكثر نشاطا وجدة من الرابطة العمّانية الأم، وصار لتلك الفروع جمهور وتفاعل ثقافي وشعبي مميز. ها هي الانتخابات القادمة تثير مبكرًا غبارًا رَقد طويلا على نوافذ كافتيريا الرابطة وفي قاعاتها التي سكنها جمهور بطيف واحد مارس خطابه الخاص (الممانع) وأدار حواريته وحده دون الآخر، فكل ما يتم تريده هناك ينحصر في تخوين الناس وأمركتهم وصهينتهم أو اتهام آخرين بالتشبيح والتسحيج، الانتخابات القادمة تطلب منطقيا وبحكم فعل الدورة التاريخية أن يَحلّ بعضهم رباط خيله عن بوابات الرابطة ويذهب بها أين شاء، فما نبغي هو عودة الرابطة كبيت دافئ يثير الوئام و يحفظ السلم وينمي الفعل الثقافي ويشيع الروح الأدبية بين أبناء الجيل الصاعد؛ نريد رابطة لا تُحاسب الناس وتصنفهم ليبراليين أو قوميين أو إسلاميين، نريد رابطة لا بمحطات مختلفة سوى قناة الميادين