فهد الخيطان يكتب : ماذا لو كان الشاب انتحاريا وفجر نفسه?
اخبار البلد- قبل ايام اقتحم اشخاص مجهولون مكتبا للحركة الاسلامية في جبل التاج وحطموا محتوياته. الحادثة كانت بمثابة جرس انذار لما يمكن ان تؤول اليه الاوضاع في حال استمرت حملات التحريض الاعلامي والشعبي ضد المعارضة في البلاد. ويبدو ان احدا من المسؤولين لم يتوقف عند الدلالات الخطيرة للاعتداء, فجاء الحادث الثاني يوم امس ليشكل تطورا نوعيا وخطيرا في حملة الاستهداف حيث اقدم شاب "مجهول" لم نعرف الا اسمه الاول على اقتحام المقر الرئيسي لحزب جبهة العمل الاسلامي في عمان مهددا بتفجير المقر بدعوى ان الحزب يريد تخريب الاردن, وتبين من التحقيقات ان الحزام الناسف الذي كان يرتديه عبارة عن قطعة خشبية مربوطة ببطاريات تالفة ولا يحمل اي مادة متفجرة.
هذه الحوادث لا يمكن النظر اليها بمعزل عن حملات التجييش والتحريض في الاعلام والميدان ضد اصحاب الرأي الآخر في المجتمع.
البداية كانت باعمال البلطجة ضد المعتصمين في "الحسيني", وميدان جمال عبدالناصر, واستمرت بمواكب السيارات التي ظلت تجوب شوارع عمان ومدنا اخرى. ويترافق ذلك كله مع خطاب اعلامي تحريضي سعى الى تجريم المعارضة وشيطنة بعض رموزها, ولذلك لم يكن غريبا ان يسأل الشاب الذي اقتحم مقر الحركة الاسلامية عن حمزة منصور, بعد الحملة المكثفة التي استهدفت شخص منصور على وجه التحديد.
لا اعتقد ان الانتحاري المزعوم ملم بتفاصيل ما جرى ويجري في الاردن وبطبيعة الخلافات السياسية, لكنه مثل كثيرين وقع ضحية "البربو غاندا" الموجهة التي وفرت في خطابها التحريضي الغطاء لارتكاب اعمال مخالفة للقانون وفي كل الحوادث المشابهة كان ثمة ارتباط دائما بين الاعلام والارهاب.
لقد حذر الكثيرون من أن اجواء التصعيد والتحريض والتحشيد تسمم المناخ العام في البلاد وتشجع على ارتكاب اعمال عدائية ضد المعارضة ووسائل اعلام طالتها هذه الحملات, والبيان الصادر عن صحافيين اردنيين امس كان في محله عندما اشار الى "ان بعض المسؤولين, سواء بتهاونهم في وضع حد لمثل هذه التهديدات او الرضا عنها وغير ذلك! قد اسهموا في تشويه صورة بلدنا واستقرارنا, باشاعة مثل هذه الصورة التي يستهدف فيها الصحافيون بأشد انواع القمع والتهديد والارهاب الفكري, والتي يمكن - لا سمح الله - ان تنزلق اكثر لتصل حد تنفيذ الاعتداء و"البلطجة" على الصحافيين".
كان هناك بالفعل تساهل مع البلطجة في الشارع وفي وسائل الاعلام, وقد جرت محاولات رسمية لا ننكرها للجم حالة الانفلات, لكن تفاعلات الحملة استمرت وتغلغل خطاب التحريض في مسامات المجتمع بسرعة فائقة وتحول عند البعض الى حالة هستيرية نشهد تجلياتها في صفحات "الفيسبوك".
بعد الحادث الأخير على مقر الحركة الاسلامية وحملات التهديد بالقتل لاعلاميين وسياسيين فإن من حق كل صاحب رأي معارض ان يشعر بالقلق على حياته في هذا المناخ المسموم.
كيف لنا ان نوقف التصعيد عند هذا الحد ونمنع وقوع المزيد من اعمال التهديد ونتجنب اعمالا انتقامية متبادلة تودي بالمجتمع كله في أتون صراع دموي لا ينتهي.
والسؤال الذي ينبغي على المسؤولين التوقف عنده: ماذا لو كان الشاب يحمل حزاما ناسفا وفجر نفسه?0