القناة التلفزيونية الثالثة

أخيرًا وبعد طول انتظار صدر نظام محطة الإعلام المستقلة (رقم 53 لسنة 2015 الصادر بموجب المادة 5 مكرر من قانون مؤسسة الإذاعة والتلفزيون رقم 35 لسنة 2000، المنشور بعدد الجريدة الرسمية رقم 5346 صفحة 6292 بتاريخ 22/ 6/ 2015 أي قبل يوم واحد من اليوم العالمي لخدمة البث العام الذي يتم الاحتفال فيه بتاريخ 23 حزيران من كل عام).

وقبل التعليق على النظام وبالتالي شكل المحطة ومضمونها أورد بعض أهم مواد النظام:

المادة 4: يتولى إدارة المحطة مجلس (غير متفرغ) يتألف من رئيس وأربعة أعضاء يتم تعيينهم بإرادة ملكية بناء على تنسيب رئيس الوزراء لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد.

المادة 7-أ: يعين المدير (مدير المحطة) بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب الرئيس (رئيس مجلس إدارة المحطة).

المادة 8-أ: تكون للمحطة موازنة مستقلة.

المادة 9-أ: تتكون موارد المحطة من ما يرصد لها في الموازنة. ب: الإيرادات المتأتية لها من الإعلانات التجارية ورعايات البرامج والأخبار والدراما.

المادة 10 ينطبق على المحطة نظام الخدمة المدنية ونظام الانتقال والسفر واللوازم المعمول بها في الوزارات.

ولنحاكم نظام المحطة بالمعايير الدولية لخدمة البث العام.

أولا: الاستقلالية المالية. لا يمكن أن نطلق على المحطة الجديدة تسمية خدمة البث العام لأن النظام لا يضمن استقلاليتها التحريرية والمالية. فمحطة تعتمد في تمويلها على ما يرصد لها من الموازنة وريع الإعلانات والتبرعات سيبقيها تحت رحمة الحكومة ورضا مجلس النواب. أضف إلى ذلك ان عدم تحديد نسبة بث الإعلانات فيها (مع أنها تعتمد على الأموال العامة) سيضعها أمام منافسة غير مشروعة مع المحطات الخاصة (التي لا تتلقى أي دعم حكومي).

ثانيًا: الاستقلالية التحريرية. كيف نضمن استقلالية المحطة التحريرية طالما أن تعيين رئيس وأعضاء مجلس إدارة المحطة يتم بناء على تنسيب رئيس الوزراء وتعيين مدير المحطة بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب رئيس مجلس إدارة المحطة (المنسب تعيينه اصلا من رئيس الوزراء)؟!. أيهما أهم تعيين رئيس واعضاء مجلس إدارة المحطة أم مديرها؟ الأول يتم تعيينهم بتنسيب من رئيس الوزراء والثاني بقرار من مجلس الوزراء بتنسيب من رئيس مجلس الإدارة مع أن الأفضل أن يتم التنسيبان من مجلس الوزراء.

والحال هذه سيكون رئيس مجلس المحطة مدين لرئيس الوزراء بتعيينه، ومدير المحطة مدين لرئيس مجلسها بتعيينه، والجميع مدينون لرئيس الوزراء. إذًا بماذا تختلف هذه المحطة المستقلة اسميًا عن التلفزيون الأردني؟!

كما ستكون المحطة خارجة عن ولاية هيئة الإعلام وقانون الإعلام المرئي والمسموع. وأين ممثلو المجتمع في المحطة؟ وكيف ستخضع المحطة لرقابة المجتمع؟

وبما أن العاملين في المحطة سيخضعون لنظام الخدمة المدنية كيف سيتم استقطاب كفاءات مبدعة؟ المبدعون يكافئهم نظام السوق ونظام الخدمة المدنية يوضع للموظفين العاديين! والمبدعون في كثير من الفضائيات العربية كانوا من خريجي مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني الذي لم يستطع الحفاظ عليهم.

لو كانت هناك إرادة حقيقية للتغيير والتحول نحو خدمة البث العام كما هي معروفة دوليًا لكان الأفضل والأوفر على الدولية إجراء عملية جراحية لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون التي تبلغ ميزانيتها ثلاثين مليون دينار يتم صرف 90 % منها رواتب لأكثر من 1800 موظف بعضهم جرى إرسالهم بباصات لتعيينهم.

الأصل أن يتم إصدار قانون تحت اسم قانون البث العام يرث مؤسسة الإذاعة والتلفزيون كلها وليس إجراء تجارب بالأموال العامة في زمن بلغت فيه المحطات التلفزيونية بالآلاف والبريموت كونترول يتم القفز عن المحطة التي لا تحترم عقل المشاهد.