زيارة الأقصى ترقيع وليست تطبيع
قبل عام من الآن تقريبا عقد في عمّان مؤتمر الطريق الى القدس وكانت اهميّة المؤتمر في تدارس الحاضرين من علماء وشيوخ وبرلمانيّين وسياسيّين مدى شرعيّة واهميّة زيارة العرب لمدينة القدس الشريف ونصر المقدسيّين في الدفاع عن المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين في ظل الحملات الإعلاميّة لمنع تلك الزيارات بحجّة انّها تحت الإحتلال الإسرائيلي والإجراءات التهويديّة في المدينة المقدّسة .
والواقع ان تلك الفتوى من ذلك المؤتمر جائت متأخرة جدا لأنها في تأخرها كانت قد و وضعت الفلسطينيّين واهل القدس لقمة سائغة بيد دولة الإحتلال وكان يجب ان نبدأ مبكِّرا بحملات تطبيع مع اهلنا في فلسطين لكي لا نضفي صفة الشرعيّة للإحتلال جرّاء القطيعة مع اهل فلسطين وهل تلك القطيعة الطويلة جلبت أي خير للفلسطينيّين وهل رفعت الشرعيّة عن الإحتلال البغيض للقدس وفلسطين على حد سواءعلما انّه يوجد قرار للجامعة العربيّة لمقاطعة المنتجات الإسرائيليّة والشركات المتعاملة مع اسرائيل منذ عشرات السنين رغم الخروقات الكثيرة له أمّا ان نقاطع الأهل في فلسطين فهذا ظلم في حقِّ فلسطين والأقصى .
وتشجيع العرب لزيارة القدس بمقدّساتها الإسلاميّة والمسيحيّة ما هو إلاّ إصلاح وترقيع لقرارات ظالمة بحق الفلسطينيّين والمقدسيّين كنّا نعتقد اننا نحارب الأعداء بقطيعة الأهل حتّى تمكّن المحتل من إتِّخاذ خطوات تهويديّة وغيّر المعالم الجغرافيّة والديموغرافيّة وانجز الكثير من الحفريّات تحت ساحات الحرم القدسي بحثا عن آثار هيكلهم المزعوم .
ومن الدروس الأساسيّة في عمليّة التفاوض لحل خلافات معيّنة هي الإستماع للطرف الآخر والإستفادة من ذلك في ترتيب الرد عليه وتحضير الوثائق الدامغة التي تثبِّت الحق في الارض والمقدسات .
ولكنّنا للأسف عربا وفلسطينيّين لم نحضِّر اي اوراق ولم نستفد من اي تفاوض لأننا لم نعرف كيف نحدِّد اولويّاتنا وكان المصلحة الشخصيّة هي هدف اي تفاوض وحتّى لم نستطع توفير الموازنات اللازمة لتغيير اي معالم او تشغيل وسائل إعلام عربية وإقليميّة ودوليّة لتغيير الرأي العام الدولي او التأثير عليه للتخفيف من اثر الإعلام الداعم لموقف العدو واعوانه .
وقد حاول الفلسطينيّون الباقون في اراضي 1948 المحتلة التقرب من العرب شعوبا وحكاما ولكنهم قوبلوا بالصد والنكران وكأنهم العدو لنا وقد طالت القطيعة عشرات السنين
حتّى عدنا لرشدنا وعرفنا طريق الأعداء وقطيعتهم بالرغم من الحال الذي نحن فيه من فرقة عربيّة وتناحر على توافه الأمور حتّى داهمتنا ثورات الخريف العربي وبتنا لا ندري اي طريق نسلك .
وآخر ماصرّحت به السلطة الفلسطينيّة هو رفضها لهدنة طويلة الأمد بين اسرائيل وقطاع غزّة خوفا من إعلان الدولة الفلسطينيّة على ارض القطاع بمساحة لا تتعدّى 300 كيلومتر مربّع وتكون دولة هزيلة مرتبطة بإسرائيل فقط وكأنّها تؤكِّد ان هذا ما سيحصل في المستقبل القريب بدلا من ان تعمل السلطة على إنهاء قصّة الإنقسام لتغييب موضوع إستقلال القطاع بأي شكل حتّى لو أدّى ذلك لإستئثار حماس بالسلطة في الضفّة والقطاع معا ولكن الأيدي التي تخطِّط في الخفاء لا تقبل بذلك لأنّه خارج على خطوط سيناريوهاتها المستقبليّة فهي تزيِّن لكل من فتح وحماس حب السلطة وعبادة الكرسي وجعله فوق كل إعتبار والعياذ بالله .
وباعتبار أن الفلسطينيُّون لا يستطيعون مسك خيوط القضيّة الفلسطينيّة بشكل صحيح وخوفا من ان تضيع البلاد بشكل كلّي فقد آن للعرب ان يتراجعوا عن قرار تفويض منظمّة التحرير الفلسطينيّة كممثِّل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وان يطالبوا الأمم المتّحدة بإعادة الأوضاع كما كانت في الرابع من حزيران عام 1967 دون اي مفاوضات مقيتة وعلى الشعوب العربيّة ان تكثِّف زيارتها للمدينة المقدّسة وبقيّة الأراضي الفلسطينيّة لنثبت لإسرائيل والعالم اجمع ان تلك الأراضي عربيّة ولها تاريخ عربيُّ ومرجعيّة عربيّة وبعد عودتها يعطى الفلسطينيُّون حقّهم الذاتي في اختيار شكل دولتهم وحكّامهم دون تأثير من أيِّ فصيل او مؤثِّر خارجيْ .
وعندما ينفجر غضبنا ونكثِّف زياراتنا لفلسطين ويصبح الأقصى قبلة المسلمين المرحلية وملاذهم والقيامة قبلة المسيحيّين العرب وملاذ حجِّهم يصبح للشعب العربي دور حقيقي وصادق لمساندة الشعب الفلسطيني في نيله حق تقرير المصير الذي طالما نادينا به قبل عشرات السنين ونكون اوفينا لفلسطين وزهرة المدائن فيها بعض حقِّها علينا .
الغضب الساطع آتٍ بجياد الرهبة آتٍ
و سيهزم وجه القوة
البيت لنا و القدس لنا
و بأيدينا سنعيد بهاء القدس
بايدينا للقدس سلام آتٍ
احمد محمود سعيد
22/ 6/2015