هل تحمل نتائج تعداد السكان مفاجآت غير سارة؟

اخبار البلد-محمد علاونة

نتائج قد لا تكون سارة تلك التي سيحملها التعداد العام للسكان والمساكن الذي تنوي تنفيذه دائرة الاحصاءات العامة في تشرين الثاني المقبل بالنسبة لعدد السكان، بل يمكن أن يأتي بمفاجآت غير متوقعة بما يخص الوقائع الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
الحكومة قررت ولأسباب مجهولة تأجيل التعداد الذي كان مفترضا أن يكون في تشرين الثاني من العام 2014 إلى العام الحالي، باستثناء ما تسرب أن ذلك لأسباب مرتبطة بأحداث الاقليم والوضع في سوريا والعراق وموجات اللجوء، مع وجود عوائق فنية ومالية، علما أن رصد ما مقداره 20 مليون دينار يثير تساؤلات حول الأسلوب والطريقة والدقة خلافا لما كان معمولا به في السابق.
اختلفت الأرقام التي تم الكشف عنها في أوقات سابقة قريبة حول عدد السكان الفعلي في الأعوام 2013 و2014 والعام الحالي وما هو متوقع بعد عشر سنوات، إذ قدر مدير عام دائرة الاحصاءات العامة قاسم الزعبي عدد السكان في 2014 بنحو 8 ملايين نسمة بمن فيهم اللاجئون السوريون، أما وزير الشؤون السياسية خالد الكلالدة فكشف في تصريحات صحفية قبل فترة قصيرة أن سكان الأردن أصبحوا نحو 9.9 مليون نسمة.
«
السبيل» وفي سياق التحليل وبحسبة بسيطة قد لا تكون دقيقة لكنها بالتأكيد خلصت إلى أرقام مهمة، قدرت عدد سكان الأردن بنهاية 2015 بنحو 10.3 مليون نسمة تشمل الوافدين واللاجئين.
في التفاصيل وباعتماد الحد الأدنى لمعدل نمو السكان 2.2 في المئة منذ 2004 -التعداد الأخير للسكان- حتى اليوم، علما أن ذلك المعدل تجاوز 4 في المئة لفترة زمنية طويلة (1952-1994)، انخفض إلى 2.4 في المئة خلال الفترة الفاصلة بين تعدادي السكان للعامين 1994 و2004 والى 2.2 في المئة للعام 2010.
النتيجة ستكون زيادة في عدد السكان بمقدار 232 و242 و253 و265 و277 و289 و303 و316 و331 و346 و361 ألف نسمة للأعوام 2005 و2006 و2007 و2008 و2008 و2009 و2010 و2011 و2012 و2013 و2014 و2015 على التوالي، بإجمالي 5.1 مليون نسمة لعام 2004 و 5.332 و5.574 و5.574 و5.827 و6.092 و6.369 و 6.658 و6.961 و7.277 و7.608 و7.954 و8.315 مليون نسمة للأعوام المذكورة على التوالي، يضاف إليهم نحو 1.5 مليون نسمة من اللاجئين السوريين وغيرهم، ونحو 400 الف وافد منهم 200 الف لا يحملون تصاريح قانونية.
بالتأكيد أصحاب القرار لديهم تقديرات دقيقة وتحديدا بما يتعلق بمن يحملون الجنسية الأردنية من أصول أخرى والذين غالبا لا يتم الافصاح عن أعدادهم من قبل الجهات الرسمية وإن فعلت فإنها ستكون أرقاما متضاربة بالإضافة إلى التقديرات الأخرى.
يقينا، ستحمل النتائج مفاجآت أخرى مرتبطة بالفقر ومعدلات الدخل والانفاق إذا ما علمنا أن دراسة للبنك الدولي نشرت أخيرا أكدت أنه من المتوقع أن يؤدي رفع الدعم الحكومي عن السلع إلى زيادة تراكمية في معدل الفقر بنسبة 3.4 في المئة، في حين أن تحرير سعر اسطوانة الغاز وحدها سيزيد من نسبة الفقراء بنسبة 0.5 في المئة من المواطنين، أما رفع أسعار المياه فيزيد نسبتهم بـ1.4 في المئة.
المنعطف الأكثر خطورة يتمثل بإطلاق وثيقة الأردن 2025 دون الاستئناس بنتائج التعداد المرتقبة والتي يمكن أن تشكل قاعدة أساس لأي استراتيجية مستقبلية، تحديدا إذا كانت تتعلق بالاقتصاد.
الخلاصة، أن البيانات الاقتصادية والمؤشرات الرئيسية التي شرحها رئيس الوزراء عبدالله النسور خلال لقائه عددا من الكتاب ورؤساء التحرير أخيرا قد لا تكون حقيقية، يمكن أن تنقلب 180 درجة ما يضع الحكومة في حرج بإطلاق تلك الرؤية اعتمادا على قواعد بيانات غير واقعية، رغم أن النسور لفت الى أن أهمية الوثيقة لا تكمن فقط في توفر الإرادة السياسية لتكون وثيقة مختلفة عن سابقاتها بل ستجري العودة اليها في كل موازنة سنوية مثلما ستكون هناك وقفات للتقييم والمراجعة كل ثلاث سنوات، أكد أنها ليست خطة محددة بتواريخ واجمالي مشاريع ومصادر تمويل ولكنها رؤية شمولية استشرافية.. كيف سيكون الأردن عام 2025 مع الأخذ بالاعتبار المتغيرات التي يمكن أن تطرأ خاصة في منطقة الشرق الاوسط، فهل تعيد الحكومة النظر بالوثيقة استنادا لما ستأتي به نتائج التعداد.
كان أجدى تعديل قوانين الإحصاءات العامة رقم 24 لسنة 1950 وتعديلاتها اللاحقة، والمؤقت للإحصاءات رقم 8 لسنة 2003، والقانون رقم 12 لسنة 2012، التي تنص بوضوح على ضرورة تنفيذ التعدادات السكانية مرة كل عشر سنوات على الأكثر، علماً بأن آخر تعداد للسكان والمساكن أجرته الدائرة كان في عام 2004، ما يشي بالتناقض الواضح بين قوانين الدولة وأي خطط مستقبلية، إلا إذا كان هنالك نوايا لعدم التنفيذ مثل العادة وعمليات الاعلان والكشف عن تلك الاستراتيجيات ليست إلا مجرد بروتوكول تحصيلا حاصلا كما يتم التعامل مع كتب التكليف السامية.