تفضل افطر معنا

يقود سيارته بالسرعة القانونيّة وأحيانا أكثر… الطريق طويلة وهناك مئة سبب وسبب للتأخير… حشر العائلة في السيارة وتأمين البيت… وتذكرنا… وماذا نسينا.. كل هذا أفقده الزمن المتوقع للوصول إلى الكرك أو معان أو الطفيلة… لماذا ليس الجفر أو بير الدباغات ؟؟؟ … سيتناول الإفطار مع العنايا والولايا اللواتي لا يقطعهن من زيارته كل رمضان وكل عيد… فجأة ظهر رقيب السير من بعيد… أكيد رادار… يا مستعجل وقف اقول لك… ربما أسرعت… تتضح الصورة بأكثر من رقيب سير وجدلة حمراء على قبة القميص… يا ساتر… خفّف السرعة وهو يحسب كل حساب…

هاتِي الرخص من جيبة السيارة يا بنت الحلال… حينما توقف أمام المحطة الأمنيَّة رسم الابتسامة التي يواجه بها كل رقيب سير في الشوارع وعلى الطرق الخارجيّة… أأمرنا يا بيك… فوجئ بالبيك يدعوه… تفضل افطر معنا… باقي نصف ساعة للإفطار ولا نظن انك ستلحقه في مشوارك… كانت هناك أكثر من سيارة متوقفة وعائلات تحمل وجبات الإفطار والماء والعصير… اطفال يلعبون ويتراكضون انتظارا لصوت الاذان… يا رجل انزل وافطر أنت والعائلة حتى تكمل طريقك وأنت مرتاح وتقود بهدوء… ربما قال له أحد الرقباء… أفلح يا ابن الحلال… فلاح الفطور ما ينرد خاصة برمضان… تخيلت هذه الصورة وأنا أقرأ خبر العرب اليوم عن موائد الرحمن التي تقيمها الدوريات الخارجيّة للسائقين على الطرق البعيدة… قمة المفارقة في الدعوة لوجبة إفطار بدل من هات رخصتك أنت مخالف… الفكرة جميلة مؤثرة إنسانيًا وجذورها ضاربة في عمق المجتمع الأردني القديم… كان سكان القرى والبوادي يعترضون المسافرين في رمضان ويدعونهم للإفطار منذ ساعات العصر وبعضهم من الأثرياء كان يقيم مأدبة الإفطار لكل الناس طوال الشهر الكريم… لا شك أن لحظات ما قبل الإفطار تدعو السائقين للسرعة وهي على الطرق الخارجيّة مغرية ومحببّة لبعضهم وكلنا يعرف أن تلك الطرق مصيدة للموت بسبب تهور السائقين… جاءت فكرة الأمن العام أسلوبا لكسر هذه الظاهرة بوسيلة ولا أجمل منها إلاّ ابتسامة الشرطي وهو يقول للسائق… تفضل افطر معنا…