ازدواجية الاخوان المسلمين في الأردن ما هو الحل
يقول أحد اساتذتي في العلوم السياسية: ان موضوع الحديث عن الحركات الاسلامية في الأردن هو أشبه ما يكون بمن يسير على حقل من الألغام لا يعرف متى يثور فيه ان لم يكن واثقا حذرا في كل كلمة ينطق بها وفي كل حرف يتفوه فيه.
يعود تأسيس حركة الاخوان المسلمين في الأردن إلى عام 1946م, ومنذ ذلك التاريخ وجد الاخوان المسلمون في الأردن كثيرا العطف والتأييد من الملك عبدالله الأول إلى الملك الحسين وصولا إلى عهد الملك عبدالله الثاني.
العنف والصدام والتحدي كان عنوان الصراع بين أنظمة الحكم في الوطن العربي والاخوان المسلمون منذ نشأة هذه الحركة ولغاية الآن (حزيران 2015), أمّا في الأردن فقد كان الأمر مختلفا فمنذ عام 1946- 2015 لم يحدث صراع دموي أو عميق بين الاخوان ونظام الحكم, وقد وجد الطرفان في مسيرتهم السياسية أن لا مبرر للصدام بينهما.
بعد ان الإشارة إلى هذه الحقائق التي لا يمكن لأي كان انكارها يطرح السؤال التالي نفسه: هل وجد أي من الطرفين (نظام الحكم والاخوان) مبرر للصدام ؟ والمجازفة بهذه العلاقة الطويلة من التفاهم ؟ ومن وجهة نظري يمكن الاجابة على هذا التساؤل لو كان الاخوان المسلمون كما هم حركة واحدة برأس واحد, اما وقد أصبحت الحركة قسمين وبرأسين مختلفين, فلا يمكن طرح توقع واحد لإجابة التساؤل, مما يجعل الأمر من وجهة نظري المتواضعة يسير في اتجاهين لا ثالث لهما امام الاخوان.
السناريو الأول: نظام الحكم خرج بذكاء واضح من موضوع الصدام مع حركة الاخوان المسلمين ككل, فاذا (لا قدر الله) ان حدث مثل هذا الصدام فانه يدور بين حركة الاخوان المسلمون المرخصة قانونا والتي تحمل أرث الحركة التي حافظت على تجنب الصراع طيلة سبعون عاما من جهة وبين حركة الاخوان غير المرخصة قانونا, وفي هذه الحالة سيقوم نظام الحكم باستغلال الضعف القانوني للحركة غير المرخصة مدعوما بجزء كبير من الرأي العام المحلي والعالمي لدعم الحركة الجديدة التي ستؤول اليها قيادة الحركة عاجلا أم آجلا, ولكن قد يكون هذا السيناريو مليئا بالأخطار ولا يحمد عقباه.
السناريو الثاني: قبل الخوض في تفصيل هذا السناريو لا بد من تأكيد حقيقتين يجب ان تدركها حركة الاخوان المسلمون بجزئيها ولا اظنها عاجزة عن ذلك, الأولى: أن حركة الاخوان المسلمين الحالية (غير المرخصة) بكوادرها وهيئاتها وأعضائها ومؤيديها ومؤسساتها وتاريخها حقيقة موجودة على الارض والواقع ولا يمكن ان تنتهي او تندثر بسهولة. والثانية أن حركة الاخوان المسلمين الجديدة ( المرخصة) أصبحت حقيقة موجودة تستند لغطاء قانوني مدعومة من نظام الحكم, وبجزء غير قليل من الرأي العام في الأردن, ولا يمكن ان تتخلى عن دورها أو ما وصلت اليه بذكاء ودعم من وراء الكواليس. انطلاقا من الحقائق التي وردت اعلاه فان السناريو الثاني الأسلم والأمثل والذي يصب في مصلحة الجميع حركة الاخوان والوطن والمحافظة على الارث التاريخي للحركة ككل أن تندمج الحركة من جديد تحت إطار واحد ومسمى واحد يستند لغطاء قانوني لا بد فيه من تقديم التنازلات والتي قد تكون صعبة في بعض الاتجاهات فلا بد ان تتغير سياسات وقيادات واعادة هيكله وتنقل مؤسسات وأموال وغير ذلك من أمور مختلفة.
من وجهة نظر الكاتب كناشط سياسي وللأمانة أمام الله وامام المواطنين منذ اندلاع احداث الربيع العربي وحضور العشرات من الندوات والمؤتمرات الوقفات لم أرى من أعضاء الحركة الاسلامية الا الخوف على الوطن والمصلحة العليا وعدم الطعن بشرعية القيادة ونظام الحكم ولكن بأسلوبهم الخاص وبقدرتهم على التعبير والتنظيم ولا عيب في ذلك لأن المنظم يستطيع التأثير أكثر, لذلك انصح اخوتي في الحركة الاسلامية تدارك الامور قبل ان ندخل في متاهات السناريو الأول لا قدر الله ولا بد من تقديم التنازلات من الطرفين والعودة تحت مظلة واحدة وان كانت بقيادات جديدة وفكر منفتح فلا يمكن ان يبقى شيئا كما هو عليه هذه سنة الله في خلقه, والله من وراء القصد.