ومضى عام على رحيلك يا عبدالله .....

حبيبي عبدالله ..!!

عام مضى على رحيلك وما زلت أربت على كتف ذاكرتك المتخمة بحزن عميق.. عام مضى ونهارنا كالحاً بينما الليل مزعجاً ..!

عام مضى وأنت الأقرب من جفني لعيني وأنا ابحث عن صوتك الذي ما زال يرن بمسامعي دون جدوى ..!                                                      عام مضى والحروف غابت عني حزناً عليك ولا ادري أي عبارات تكفي للإحاطة بوجعنا وألمنا ومشاعرنا المبعثرة على امتداد عام قضيناه وأنت غائب عنا ..!!                                                                                  في مثل هذا اليوم بلعت الأرض قطعةً مني لا زال جرحها غائراً في الجسد ..!  في مثل هذا اليوم زارتنا قوافل الموت واختطفتك يد المنون وحملتك الأيادي إلى مثواك الأخير تحرسك الملائكة ودموع أمك الثكلى عليك ..!!

غادرت يا عبدالله ونزعت عنا فرح السنين لأنك كنت تضيء مراكبنا كلما حللنا أو ارتحلنا  .!

فيا صاحب الظل العالي , أينما تلفتنا نراك في المقل التي زادها الدمع بريقاً فكشفته مخزون محبة لا تنتهي ومعين وفاء لا ينضب .!

تغيب عنا يا عبدالله لكنك حاضر في أكثر زوايا الفؤاد دفئا وخفقاً وحميميه ..!!   فيا من أحبته القلوب وعلى غيابه انفطرت .. أعلم أن سفينتك قد غادرت شاطئ الحياة تحت الأرض وأن لا عودة لها ..!

 

وأعلم، أن ناظري لم تعد تنعم بتّسلق تضاريس هيبتك الشاهقة وجمالك على امتداد جسدك الغائب ..!

أعلم انك فارقت الحياة الدنيا وتركت لنا وجع السنين نتألم ونبكيك آناء الليل وأطراف النهار ونحن نراك في كل مكان وزاوية , وأنا الذي كنت أنام بعينيكّ وآكل بفمك الطافح بقبلات الطفولة البريئة .

 

أعلم ومنذ احتضنك القبر تحت أجنحة التراب أنك غدوت طاعن في الغياب وأعلم  أنك عظيم اغتاله الموت في غلس الطفولة .!

 

لا عليك يا حبيبي فأنت ضيفي الذي لا يغيب وها هو الصغير مقيم بجانبي ليشعرني بالأمان ويشد من عزائمي كي أمارس الحياة على طبيعتها رغم قسوتها وسوادها .!

  

لذا سأبعث برسالتي هذه إلى ما يشي بوجود إلى أشياءك ..

قمصانك الجميلة الخاوية

عطرك الذي يشتاق لرائحتك

فراشك المستيقظ بعدك أبداً لم تعد تقاسمه وحشة الليل ولم يعد يقاسمك الأحلام .. ألعابك الحزينة , كتبك ودفاترك وأقلامك على حالها تنتظر ..!

 اسمك المرسوم على جدار المدرسة تعلوه صورة وجهك المحببة إلى القلوب ما زالت تبكيه العيون وأنت المتفوق بعلمك وخلقك ودينك ..!

الشوارع بعدك تبكي خطى قدميك ..!

الأمكنة تعبق بوقار حضورك ..!

أحلامك المتجمدة ..!

أمنياتك الواهنة ..!

سنينك التي تلبس ثوب عزائك ..!

  

وتلك المحترقة بصقيع رحيلك التي حملتك مأساةً في أحشائها، وهدهدت فجيعة عمرها بأكفّ لهفتها إليك، وسقت بدمعها أرض القدر، لتنبت موتاً، أطفأ ألق الأمل في أحداقها، فباتت سليبة دهر، تعد أنقاض صوتك الشّجي، تحتسي لوعة الفراق، وفتات الحزن في أدراجك الصّامتة إنها المنكوبة أمك .!!!!

فعزائي بك يا حبيبي أن روحي تحت الثرى وفوقّ الثرى أعضائي .!!

  

فطوبى لك يا رفيق الرّوح  ويا من أوقدّت سيرته نوراً في جوف الظلام , يا من غادرنا وترك لنا طعم محنة عظيمه ..!                                      فلتتلقفك أكف الرّحمة في ديار الرّحمة .. أخلد إلى خلودك .. اظفر بلقاء ربك ذو المغفرة، الأزلي الأبدي، ، دع لنا شقاء الحياة وامض إلى رحابة السماء , إلى نعيم إله الخلق ، واهب الحياة وواهب الموت في سواء ..!

امضي يا طيراً من طيور الجنة , فلك رحيق الحياة ولنا أكسير الموت .!!  والى رحمة الله أيها الراحل ( الفاتحة ) .!!!