الغاء امتحان الثانوية.. لِمَ لا؟

بعد ان اصبحت قضية ضبط امتحانات التوجيهي من الغش قضية سيادية بالمعنى الحكومي، ولم يتم وقفها نهائيا، وبعد ان اصبحت الامتحانات بؤرة توتر في المجتمع الاردني بعد امتحان اللغة الانجليزية الاخير، الذي سوف تضطر الوزارة لمعالجة الخلل بزيادة علامات متساوية للطلبة، فماذا استفدنا من كل التصويبات التي وقعت في الوزارة خلال السنوات الماضية.

لا نشكك في النوايا الطيبة لدى وزير التربية الدكتور محمد الذنيبات، الذي يحاول بكل ما اوتي من سلطة ان يحسن من اداء وزارة التربية، لكن كيف سيبرر بعد اعلان نتائج التوجيهي، اذا ارتفع عدد المدارس الحكومية التي لم ينجح فيها احد عن السنة الماضية التي بلغت 342 مدرسة بسبب امتحان الانجليزي الصعب.

الغش في امتحانات الثانوية العامة لم يعد حكرا على الاردنيين، فقد وقعت حالات غش عديدة في امتحانات الثانوية العامة في فلسطين ومصر، وقد ارتفعت الاصوات عالية مطالبة باعادة النظر في جدوى الامتحان، بعد ان تطورت اساليب الغش واستفاد الغشاشون من التطورات التكنولوجية لأجهزة الهواتف، بحيث يتم استغلالها في تهريب الأسئلة إلى خارج قاعات الامتحان لأشخاص جاهزين لحلها وإعادة إرسالها من جديد.

لقد خضع امتحان التوجيهي في الأردن إلى تجارب نقلها وزراء التربية كل على طريقته الخاصة، ففي السنوات الأخيرة جرت تعديلات على أسس الامتحان، لا يمكن أن تصنع طمأنينة لدى الطلبة ولا لدى أهلهم، بل إن معظم الأردنيين لم يعودوا يعرفون أسس الامتحان ولا طريقة اختيار المواد الدراسية، حتى أولياء أمور الطلبة ذاتهم مصدومون من جهلهم في التغييرات التي وقعت على الامتحان وهم لم يتمكنوا من متابعتها.

ليست أسس الامتحان فقط التي أصابها الإرباك، بل طريقة تقديم الامتحانات، فلماذا يحتاج الطالب إلى نحو الشهر ليقدم المواد المطلوبة منه، وما مغزى أن يكون بين الامتحان والآخر أربعة أو خمسة أيام؟.

حتى قضية إعلان نتائج التوجيهي، لا احد يعلم لماذا تحتاج إلى نحو الشهرين لاستخراجها، وفي دول أخرى، عدد طلابها خمسة أضعاف طلبتنا كالسعودية ومصر مثلا، لا تحتاج سوى أيام قليلة، وفي دول أخرى تعلن النتائج بعد يومين من تقديم آخر امتحان، ومع كل هذه المدة التي تصرفها الوزارة لاستخراج النتائج، إلا أن نسبة الأخطاء ليست قليلة، ولنا تجربة مؤلمة قبل سنوات.

لم يعد مقبولا المبررات التي تسوقها الوزارة سنويا، على غرار أن جميع الأسئلة من المنهاج، وأنها في مستوى الطالب الضعيف والمتوسط والجيد والممتاز، وأن هناك استعدادات أمنية مكثفة لضمان عدم تسريب الاسئلة ومنع حالات الغش.

لا حل الا بالتفكير الجدي في الغاء امتحان الثانوية العامة، والبحث عن بدائل اخرى للقبول الجامعي، مثلما تفعل دول عديدة، حيث يترتب على الطالب الحصول على علامات محددة في مواد جامعية معينة تؤهله للحصول على المقعد الجامعي والتخصص الذي يريد، اما ان نبقى خاضعين لامتحان لم يعد مقياسا نموذجيا لمستوى الطلبة فاننا نتأخر عن ركب الدول المتقدمة.