النرويج، السويد واليابان

 
ما فتئ هذا السؤال يلاحقني منذ سنوات، هل ينتمي شعوب هذه الدول الثلاث الى كوكب الارض، وهل هم متساوون مع باقي البشر، هل نأكل نفس الطعام، ونشرب ذات الماء!!
الفجوة العلمية والتقنية بين اليابان، وباقي شعوب العالم يجب ان يتم حسابها بالسنوات الضوئية وليس الأرضية، اخلاصهم في العمل، تقديرهم لقيمة الوقت، إتحاف البشرية بالاف الاختراعات التي تخدم بقاء الانسان، وتطوره، رغم خروجهم شبه مدمرّين تماماَ نتيجة الحرب العالمية الثانية، الا انهم سرعان ما وقفوا على اقدامهم، وقرروا ان يغزوا العالم باختراعاتهم وخدماتهم لكل بني البشر، بعد ان ادركوا ان إعمار الأرض خير من تدميرها، كل البشرية تدين لليابان بسبب تمتعها بالتكنولوجيا اليابانية، انهم يصدّرون للناس العلم والتكنولوجيا، لانهم عظماء، وغيرهم يصدّر للعالم اسلحة الدمار.
منذ أن وعيت على الدنيا، كنت اسمع، وأقرأ، وأشاهد بأم عيني، ما تفعله المؤسسات الخيرية النرويجية ، والسويدية في كل بلدان الدنيا، بما فيها الاردن، رعايتهم للاجئين من شتى اقطار العالم، احترامهم لكل من يقيم فوق اراضيهم،  وشاهدت فيلما وثائقياً، يبين ان القادمين الجدد لهاتين الدولتين يعاملون معاملة المواطنين، بل اخبرني احدهم ان السجون لديهم عبارة عن فلل مفروشة، لانه حتى المجرم يستحق منحه فرصة، حتى المجرم قد يكون ضحية المجتمع، او الغزو الفكري، والثقافي، او نتيجة عدم تساوي الفرص، والعدالة الاجتماعية، سمعت قبل عامين ان السويد أغلقت اربعة سجون، فيما أنشات النرويج سجوناً بخدمات خمس نجوم، ورغم رفاهية السجن لديهم الا ان السجين عندما يخرج من السجن لا يعود اليه، فنسبة الذين يعودون للسجن هي ادنى نسبة في العالم. 
مشاركة عدد كبير جدا منهم في مختلف المنظمات التطوعية العالمية، ترى.. ما الذي يجعل هؤلاء الاشخاص يتركون بلادهم، وأعمالهم، ويسيحون في الارض متطوعين لخدمة أناس لا يعرفونهم، ولا تربطهم ببعض اي رابطة، سواء الدين، اللغة، الجغرافيا، من اي طينة خرج هؤلاء البشر، لانهم رسل سلام ومحبة، سمعت عن احد الاطباء النرويجيين الذي بذل جهودا خارقة للدخول الى قطاع غزة في الحرب الاخيرة التي شنتها اسرائيل على هذا القطاع الشجاع، وتمكن من الدخول رغم منعه من قبل اسرائيل، وتعرض للقصف، واسعف مئات المصابين، وفوجئت اكثر عندما علمت انه تطوع للعمل هناك في الحربين الاخيرتين، فمن جرّب الأولى هل سيعود لتلقي نفس الضربات في الثانية، لكي يساعد بشراً لا تربطهم به أي صلة، إلا إذا كان من صنف ارقى من البشر العاديين، هناك بشرّي وهناك إنسان، وشتّان بين الإثنين. 
هاتان الدولتان، ومعهما باقي الدول الاسكندنافية، ولو بدرجات متفاوتة، تقومان بجهود انسانية جبارة، دون – تحميل جمايل-  ودون اي هدف، لانني اعلم ان التبادل التجاري مع الدول التي يساعدونها يكاد لا يذكر، فهم لا يقومون بذلك لتسويق انفسهم، وإنما لانهم يتمتعون بانسانية، يفتقدها معظم البشر، هم يصدرّون للناس المحبة، والتعاون،وغيرهم يثير الاحقاد، والضغائن.
يقولون ... اجتمعت الدول العظمى ، ولا اجد هاتين الدولتين بينهما، ترى اي دولة اعظم منهما!
النرويج، السويد، اليابان، شكرا لأنكم بشر تنتمون لكوكبنا، شكرا لتواضعكم، إنسانيتكم، خدمتكم لبني الانسان، انتم العظماء، فالعظمة ليست بالجبروت وقوة السلاح،والسطو على مقدرات الاخرين،  بقدر ما هي بالانسانية، والرحمة ، والمحبة، والعطاء.