رمضانيّات
رمضانيّات / محمد بدر
ويعود شهر رمضان المبارك كعادته في كل عام زائراً جميلاً محبوباً ، ومن رحمة الله أنه ارتبط بالأشهر القمرية ، لذلك فهو يدور على أيام العام كاملاً ، فمرة يكون في الصيف فيطول نهاره ، وأحيانا في الشتاء حيث يكون النهار قصيراً . ذاك من رحمة الله ، فالله سبحانه لم يجعل عبادته ليُعذّب الناس ، وهو أرحم بهم من أنفسهم ومن أهليهم .
ومع كل رمضان تظهر بعض الممارسات والتي نحتاج الوقوف عندها ومناقشتها .
ا أولا : لا أدري لماذا تريد الحكومات أن تشعرنا بأن رمضان شهر مختلف عن باقي الشهور ، فتؤجّل الدوام في الدوائر والمؤسسات ، فيحدث الإرباك وتعطّل مصالح المواطنين ، وتحدث أزمات المواصلات والاختناقات المرورية ، خاصّة عندما يكون رمضان في أشهر الصيف . ولو كان الأمر إلي لعمدت إلى تقديم الدوام وليس تأجيله خاصة في مثل هذه الأيام الحارّة
ثانيا : ولا أجد مبررا للحكومة أن تستنفر أجهزتها ، ويبدأ المسؤولون بتكثيف حضورهم الإعلامي ولقاءاتهم وتصريحاتهم بضرورة توفير كافة المواد التموينية وتناشد التجار عدم الاحتكار والتلاعب بالأسعار وجودة المعروض من السلع ، موحية بأن هذا الشهر غير ، وأن الاستهلاك من الطبيعي أن يزيد خلاله ، وأن جشع التجار يزيد ، فيتحول الشهر من شهر قلّة استهلاك لقلّة عدد الوجبات ، وبدل أن يكون رحمة الناس لبعضهم ورحمة لجيوبهم ورحمة لأجهزتهم الهضمية ، يكون الواقع عكس ذلك .
ثالثا : صحيح أن للحكومة دور ، ولكن للمواطن أدوار ، فهو الذي يسرف في الشراء ، وأحيانا شراء ما لا يلزم ، وهو من يسبب الأزمات التموينية والمرورية ، وهو الذي يعطي بعض ضعاف النفوس من التجار لرفع الأسعار بل وعرض بضائع منتهية الصلاحية أو قريبة من ذلك
رابعاً : أرى أنه من المعيب أن ينشغل أفراد الدفاع المدني والكوادر الطبية مشكورة في حالات الطارئة ، بدل أن تتفرّع لواجبها الطبيعي والكبير المنوط بها ، والتي سببها سوء التعامل الغذائي مع هذا الشهر الفضيل والذي يجب أن يتم فيه تحسين الوضع الصحي للأجسام لا العكس ، فتكون التخمة والتلبّكّات المعوية لعدم فهم الحكمة الحقيقة للصيام بأنه تطهير للروح والجسم في آن .
خامساً : تزاد في رمضان ظاهرة انتشار المتسولين على الطرقات وفي الأسواق والمحلات التجارية وأمام المساجد . صحيح أنه توجد حالات فقر كثيرة في المجتمع ، ولكن الصحيح أيضاً أنّ الدولة توفر عن طريق مؤسساتها المختلفة كوزارة التنمية الاجتماعية وصندوق الضمان الاجتماعي دخلا محترما للحالات التي ليس لها دخل لسبب من الأسباب كوفاة المعيل أو إصابته وعجزه . كما أن هناك الكثير من مؤسسات المجتمع المدني تقوم بدور كبير في مساعدة مثل هذه العائلات كالجمعيات الخيرية المنتشرة في طول البلاد وعرضها حيث لا تخلو بلدة من جمعية أو فرع لجمعية ، وكذلك صناديق الزكاة . ولكن التسوّل أصبح مهنة ومافيا منظمة ، ولعلنا نحن من نشجع هذه الظاهرة ونساعد على زيادتها وانتشارها بإعطاء هؤلاء دون بحث وتقصّي . وأذكر أنني قلت لإحداهنّ مرّة هل تريدين عملاً شريفا أكرم لكِ فرفضت ، وقلت لأخر هل أدلك على جمعية خيرية ليتم تسجيلك وعمل دراسة لحالتك فرفض أيضاً .
سادسا : أشكر معالي وزير الأوقاف الدكتور هايل داوود الذي أعاد أوقات الصلاة وإقامتها إلى أوقاتها الطبيعية العادية دون تأخير عن موعدها خاصة العشاء والفجر ، فالتأخير مدعاة للكسل ولمزيد من استهلاك الطعام والشراب والتدخين وإضاعة الوقت .
سابعاً : كما وأُطالب معاليه الإيعاز للأئمة بأن تكون صلاة التراويح روحانية وطبيعية لا مشقة وتعب فيها ومراعاة أحوال الناس وظروفهم ، ومن أراد الإطالة في القيام فليفعل ذلك لوحده في بيته فليُطل كما يشاء ، وكذلك التخفيف من الدروس بين الركعات والتي تكون بعضها طويلة لدرجة الملل والتّأفّف .
سابعاً : ولا ننسى في هذا الشهر الكريم أن هناك مقاعد فارغة على مائدة إفطار كثير من العائلات ، بعضها بسبب الغياب والسفر ، لهؤلاء ندعو بالتوفيق وأن يردهم الله سالمين غانمين وأن يحفظهم من كل مكروه ، وبعضها بسبب الغياب الدائم لأن أصحابها اختارهم الله لجواره ، فلهؤلاء ندعو الله لهم بالرحمة والمغفرة ولعائلاتهم بالصبر والأجر. وكل عام والجميع بخير .