أهكذا اصبح شهر رمضان
غدا هو أول يوم من أيام رمضان وكل عام وانتم بخير ، ولكن التحضيرات لرمضان بدأت قبل ذلك الوقت بكثير ، وهذه التحضيرات هي ما لذ وطاب في المولات ، نشتري ما نحتاج وما لا نحتاج ، كأن شهر رمضان أصبح للأكل ، وليس الأكل فقط بل للعزائم أو بمعنى أصح الاستعراض في العزائم ، صحيح من الجميل أن يجتمع الأهل في المناسبات الطيبة وهذا يقرب القلوب أكثر ولكن ما أتحدث عنه هو المبالغة في تلك الولائم حيث أن الذي يصرف عليها يشكل عبء كبير على كاهل الأسر ومنهم من يستدين لتغطية نفقات هذا الشهر.
والغريب في الأمر أننا نرى أعداد الناس في المولات بازدياد وبازدحام وبشكل غير اعتيادي ومتى دخلت على أي سوق تجاري تراه مزدحم وبكل الأوقات وترى عربات التسوق ممتلئة عن آخرها ، وإذا دققنا النظر أكثر نجد أن ما يشتريه الناس مخصص فقط للأكل وكأننا سنأكل أكثر من طاقتنا ، هنالك مثل إنجليزي يقول " لا تتسوق وأنت جائع " ذالك لأن الجائع يشتهي أي شيء أمامه ، فنشتري هنا أشياء لا نأكلها في أيامنا العادية ولم نعتاد على أكلها أصلا دون شهر رمضان ، بل وأننا قد لا نأكلها ما بعد الإفطار لأن متى امتلأت المعدة أصبحنا نرى كل الطعام واحد ولا نشتهي شيئا منه ، فيصبح مقر هذا الفائض من الأكل في سلة المهملات.
إذا تحدثنا عن جانب آخر وهو سلوكيات الناس في رمضان حيث أن كل واحد فينا يظن نفسه أنه هو وحده الصائم، وأن المفروض أن يقوم الناس بتهيئة الأجواء النفسية له حتى يساعده ذلك على التركيز في الصيام ، وبالتالي على الجميع أن يعطوه دوره على طوابير الخبز والأكل ، أو أولية السير بسيارته أو حتى الوقوف على إشارة المرور.
أما آن الأوان مراجعة سلوكياتنا على الأقل في هذا الشهر الفضيل حتى لا نخرجه عن معناه الحقيقي الذي أمرنا الله فيه وحدد لنا سلوكنا وكذلك العبرة منه.
أما آن الأوان أن نخلع ثوب الأنانية ونفكر أن للآخرين حقوق أخرى ، فليس من المعقول أنه لمجرد أن شخص يريد شراء غرض صغير أم كبير يقوم بإيقاف مركبته بشكل أرعن وإعاقة حركة المرور ، كما أن العقل البشري لا يحتمل فكرة أن يعلق الناس في أزمة سير خانقة سببها أن هنالك من يريد شراء كيس سوس أو تمر هندي.
شهر رمضان معانية وأهدافه يعرفها الصغير قبل الكبير ولكن إذا لم نتخلى عن عاداتنا غير الصحية فإن المعنى سوف يتلاشي شيئا فشيئاً ، وإذا كنا لا نتعلم من الصيام ونتعلم في شهر رمضان فمتى إذا سنتعلم.
الدكتور خالد جبر الزبيدي
17/6/2015
khaledjz@hotmail.com