السلوك الحكومي بين احتفاليتين

حتى عهد قريب كانت جموع وجمعيات الشاذين جنسيًّا تمارس نشاطها بشيء من السرية والكتمان، ولكن مزاعموشعارات حقوق الإنسان فتحت أبواب جهنم على كل المجتمعات.
أخذت أجهزة الإعلام في الغرب تشن حملات مكثفة ضد ما تسميه «الاضطهاد الذي يلاقيه الشاذون جنسيًّا»، معتبرة أن أي إجراء ضد شذوذهم وممارساتهم المشينة إنما هي إجراءات لا إنسانية وهمجية وضد حرية الإنسان، نجحت تلك الحملات المنظمة بانتزاع الاعتراف القانوني من العديد من الدول باعتبار «الشذوذ الجنسي من الحرية الشخصية»، فظهرت جمعيات «الشاذين جنسيا» إلى العلن، وقامت لجان واتحادات وهيئات عالمية للدفاع عنهم، وظهرت المجلات والصحف والكتب والأفلام والبارات والنوادي والشواطئ الخاصة بهم، وكلها تتعهد بمواصلة «النضال» (لإحداث التغيير التدريجي في ثقافات الشعوب) للوصول إلى ما يهدفون إليه، من إعطاء الشواذ كافة الحقوق التي يتمتع بها الأسوياء، ناهيك عن إلغاء كافة القوانين التي تجرم ذلك الفعل.
اتسع مجتمع الشاذين وأنصارهم حتى بات «إرضاؤهم» مجالا للتنافس بين مرشحي المناصب العامة من رئاسات وبرلمانات ومجالس محلية، وأصبح منهم وزراء، ونواب وحكام ولايات وبلديات.
أما المفارقة الغريبة وغير المقبولة أن ينتقل هذا الوباء إلى الأردن، وأن تفتح أرض أنبياء الله من شعيب إلى يوشع، ومن هارون إلى هود عليهم جميعا أفضل السلام، أردن مؤتة واليرموك والكرامة، أردن جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة، أردن معاذ وشرحبيل وأبو عبيدة وضرار ومعاذ بن جبل، والحارث الأزدي –رضي الله عنهم وأرضاهم- أن يصبح أردن هؤلاء الأطهار وآلاف غيرهم ساحة للدنس والشذوذ، ترتفع في سمائه رايات الشواذ، وتتسع صالاته لاحتفالاتهم ومجونهم، فيقيمون احتفالا –غير مرخص وعلني- وبرعاية أمريكية في عمان- على مشارف بحيرة «لوط»، ومقامات الصحابة والأنبياء، وشهداء الفتح.
أما المفارقة المفزعة الأخرى فتتجلى بأن هذا الاحتفال بالكيفية والرعاية التي تم بها، رغم ما يمثله من انتهاك صارخ لدستور دولة دينها «الإسلام»، وما فيه من تجاوز للأعراف الدبلوماسية التي تنظمها «اتفاقية جنيف»، وما يتضمنه من تشجيع للفجور ودعم لفاحشة يصنفها الدستور وقانون العقوبات وقوانين الأسرة والأحوال الشخصية باعتبارها جريمة، إلا أن أحدا لم تحركه الغيرة فيتصدى لهذا «الفسق»، فلم تتحرك حمية الشرطة لوقف هذا العبث المخزي بالقيم والدين والأخلاق، ولم نسمع كلمة واحدة من الحكومة تفسر لنا ما جرى، أو موقفها مما جرى، أو إجراءاتها المستقبلية لمنع تكرار ما جرى، أو إجراءاتها العقابية بحق من انتهك كل القوانين والمقدسات واجترح المحرمات!
في الوقت نفسه وفي ذات السياق تأبى النخوة الأردنية إلا أن تسارع لمنع احتفالات الإسلاميين بالإسراء والمعراج، والله إن هذا «إفك ما بعده إفك»، وعار سوف يلاحق هذه الحكومة مهما كانت الذرائع والمسوغات!
إن هذه الممارسات وحدها كافية لكي ترحل الحكومة، فما بالكم باستمرار حكومة تسعى بكل ما لديها من أدوات لوأد الحياة السياسية، وتعطيل مسيرة الإصلاح، وقمع الحريات، وتلاحق الأحرار بينما تتستر على المطبعين والشاذين، وتتوقف عن ملاحقة الفاسدين!