ازدواجية الرؤية!

وقت ما كنّا نقول: هناك أردنان:
- الأردن الذي نعيشه يوماً بيوم.
- والأردن الذي نحلم أن يكون.
ولعل اختلاط الصورتين هذه الأيام هو الذي أدى بنا الى نمط غير عادي من فوضى التفكير، واختلاط الأشياء.
أخطر ما نواجهه في هذه المرحلة من اختلاط الصورتين ظاهرة الاحتجاج، فالمواطن الذي يضع كل توفيراته ومصاغ زوجته في يد إنسان يقول له: سأعطيك 25% أرباحاً كل ستة أشهر، يشعر بعد أن فات الفأس في الرأس أنه ضحية.. وان الحكومة مسؤولة عن ارجاع أمواله.. مع فوائدها طبعاً.
وهذا المواطن يدخل التجربة مرة أخرى إذ يقول له تاجر: سأشتري سيارتك بعشرة آلاف دينار.. مع أن سعرها سبعة آلاف. وسأعطيك شيكات على دفعات بهذا الثمن.. وحين تدخلت هيئة مكافحة الفساد ووضعت يدها على أموال تجار السيارات الذين يبيعون الأحلام بدأ الاحتجاج: ارفعوا يدكم عن أموال تجّار السيارات لأننا نريد استرداد أموالنا.
أي أردن يتعامل فيه المواطن بفائدة 25% وعده بها مواطن آخر «نصّاب»؟. وأي أردني هذا الذي يريد أن يثري بهذه الطريقة؟ ولماذا تسكت أجهزة الرقابة الحكومية على أناس يبيعون الأحلام، وينهبون ملايين الدنانير من البسطاء الجشعين؟.
تربينا وتربىّ أبناؤنا على أن بلدنا طيب، وأن الأردني «عصامي»، ارتفع من وهدة الفقر إلى رجل غني يبذخ بلا رقابة اجتماعية. لذلك لا يحب الأردني دفع ضريبة الدخل. ولا ضريبة المسقفات، واذا اغلقت الحروب الداخلية في الجوار حدودها معنا يهدد بالاعتصام لأن شاحنته لا تعمل؟!. واذا استقبل الأردن مرغماً مئات آلاف اللاجئين من جيراننا العرب يشمخ الأردني اعتداداً ببلده.. ويا مرحبا بالضيوف ولكنه مع معرفته بـ«الطاسة وغطاها» يتذمر من الدولة. ويلعن الفقر والبطالة.. وكل ذلك لأنه لا يريد ان يفهم أن اللاجئ لا بد أن يعمل ليطعم نفسه وأولاده.. وأنه لا بد أن يأخذ مكان الأردني الذي تخلى منذ زمن طويل عن عمله طواعية لمصلحة عرب نسميهم العمالة الوافدة وهم عملياً لاجئون اقتصاديون.
لنحدد أي أردن نريد، لنحدد أي أردني نريد. وقبل ذلك لنضع حداً بين الأردن - الواقع والأردن - الحلم. فلا يمكن للشعب الجائع أن يستمر في سماع الشعر الرومانسي: ونموت فليحيا الوطن.

تنويه
ورد في مقال الأستاذ طارق مصاروة الذي نشر في «الرأي» يوم السبت 13/6/ 2015 بعنوان «مرة أخرى جبل العرب والأردن» أن قائد جبل العرب سلطان الأطرش أقام في الأردن عام 1925 ضيفاً على الأمير عبدالله المؤسس رحمهما الله وعلى خرشان الضمور.. والصحيح أنه حل ضيفاً على الأمير عبدالله المؤسس وعلى عشيرة الخرشان من بني صخر وبالذات عند المرحوم الشيخ حديثة الخريشا.. لذا اقتضى التنويه.