في وداع طارق عزيز… بورك الثرى يا أردن

عندما تضيق على المرء الدنيا ويكون غير مؤتمن على حياته فهذه مصيبة، لكن المصيبة الاعظم عندما لايؤتمن على جثمانه بعد رحيله فتلك والله من اعظم… اعظم المصائب لذا نحمد الله اننا في الاردن آمنون على حياتنا وبعد مماتنا، وهنا لا بد من ان يُعزى الفضل لصاحب الفضل، فعندما فقدت الامة العربية قبل ايام احد اعظم رجالها المؤمنين بقيمها ومبادئها وفكرها المخلص لعروبته القابض على اخلاق الرجال.. ما ساوم على العراق وطن وقيادة.

كان يجول بقاع العالم وله صولات يشهد لها الاعداء قبل الاصدقاء حاملا على عاتقه قضية وطنه العراق وقضية الامة العربية فلسطين، كان يتكلم بلغة العروبة لا برطانة صنائع سيئ الصيت برايمر ولا بلكنة الفرس وعملائهم وهو المسيحي الديانة الذي لم تعرف الطائفية طريقا لموقفه صاحب الصوت الجهور قارع قادة العالم، وكان له رؤية واضحة بان هذا التكالب الدولي والاقليمي والعربي على العراق سببه (نفط العراق المؤمم…. وعدم اعترافه

باسرائيل) وليس ما يسمى باسلحة الدمار الشامل. ويقول اذا ذهبت العراق فالقادم اعظم ولم تسلم كثير من الدول ففي ستينيات القرن الماضي سجن طارق عزيز في سورية، وفي بداية الثمانينيات تعرض لمحاولة اغتيال من عملاء ايران، وفي محاكمة القرن كان مع رفاقه مؤمنا بعدالة قضيتهم وكان يردد دائما ان الرئيس قائدي ورئيسي ولم يهن ولم يخن انهكته السجون واخذ منه المرض وقارع سجانيه الى ان فاضت روحه الطاهرة الى بارئها. اوصى ان يدفن في الاردن وفي كل الاديان والاعراف ان للجثمان حرمة ولكن مليشيات الغدر المؤتمرين بفتاوى اصحاب العمائم السود لا فرق بينهم وبين خوارج العصر الذين احرقوا الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة، فلهم الخزي والعار في الحل والترحال. لقد شاهد العالم وتابع الايام العصيبة التي مرت على عائلة واصدقاء ومحبي الشهيد طارق عزيز، وكانت مناشدات نجله زياد للافراج عن جثمان والده والتي لم تجد طريقا لها الا عند سليل الدوحة الهاشمية من ابناء عترة المصطفى عليه السلام حفيد قادة الثورة العربية الكبرى ديدن اجداده وابائه حماية العروبة والاسلام واغاثة الملهوف وحماية المستجير بالجار.

وصل الجثمان الى بلد الامن والامان، وتنادى ابناء الاردن كيف لا وهم العروبيون نشأة، والمتجذرون في الامة تاريخا، الكل يريد ان تحظى منطقته بشرف ضم رفاة الشهيد، فكانت مادبا حاضرة لاستقبال الجثمان والمشيعين من ابناء الامة الشرفاء وابناء الاردن من كافة ارجائه، وكان لرجال الامن الدور المشرف في سير خط الجنازة، واعتقد ان فرسان الحق كان لهم جهد واضح ومميز، وكانت الطمأنينة بادية على وجوه الجميع، فالكل كان يعزي الكل جزى الله عشيرة الغنانيم من قبيلة عباد الذين صنعوا لعائلة طارق واصدقائهم وضيوفهم وحاضريهم طعاما تأسيا بالسنة النبوية الشريفة واكثر الله الخير على الشيخ فيصل محمد موسى النعيمات صديق زياد وعائلته لقيامه بواجب طعام اليوم الثاني لله درك يا وطني فكما قالت وحيدتي…… ابنتي عندما عدت متأخرا بعد التشييع يا والدي بعدما شاهدت على شاشة الجزيرة مباشر مراسم التشييع ترسخ عندي مبدأ وعقيدة بان هذا البلد وطني الاردن.

اخر بلدان الشرف….. فدمعت عيني….. على فراق عزيز قوم….. ودمع على دمع ام زياد وعلى عمق ونبل كلمة ابنتي….. فوداعا ابا زياد يا شريف امة لحقت بركب الشهداء منذ فجر التاريخ الى ركب رفاقك ومن ركب شهيد الاقصى…… الى ركب شهيد الاضحى…….. وصولا الى ركب شهيدنا البطل معاذ الكساسبة، وستبقى هذه الامة ولّادة تقدم الاحرار شهيدا تلو شهيد لانه قدر لا مفر منه و نحسبك عند الله شهيدا.

حمى الله وطني الاردن موئل العروبة وملاذ الاحرار احياء واموات عندما تضيق عليهم الارض بما رحبت فيتسع لهم صدرك الحاني ورجاله الكرام، جنب الله الوطن الشر واهله من مرتزقة وحاقدين. ضعاف نفوس ومارقين والفخر كل الفخر بقواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية والاعتزاز يعلوه اعتزاز بشعبنا الاردني العظيم.