الحكومة اختارت أخف الضررين

اختارت الحكومة التدخل بوقف موضوع البيع الاجل او ما يسمى التعزيم ، وهو باختصار شراء العقارات او السيارات وغيرهما من الممتلكات بموجب شيكات مؤجلة لشهور قادمة بأعلى من سعرها السوقي، وقيام نفس التجار بالبيع النقدي الفوري لتلك الممتلكات بأسعار اقل بكثير من سعرها العادل بهدف الحصول على السيولة الفورية، حيث جاء قرار الحكومة بالحجز التحفظي على اموال التجار المنقولة وغير المنقولة كونه الخيار الاقل مرارة، إذا ما قورن بتورط مواطنين آخرين إذا ما تركت كرة الثلج تتدحرج وتتضخم لتطحن في طريقها الكثير من المستثمرين الجدد.

القرار فيه حماية لآخرين كثر كانوا على وشك الانضمام لهذه التجارة عالية المخاطر غير القانونية المسيئة للمنافسة الحرة واقتصاديات السوق المنضبطة، لان هناك تجاراً واصحاب معارض سيارات وبضائع وعقاريين ملتزمين لا يتعاملون بمثل تلك المنتجات، وقد استثمروا بعرقهم ومولوا موجودات تجارتهم من حر مالهم وبقروض بنكيه، يبتغون تحقيق هوامش ربح معقولة، وفق اليات العرض والطلب في السوق، لكن بضائعهم لم تكن تلقى الاهتمام، في ظل رخص بضائع تجار الاجل و الدخلاء من المعزمين والمرمشين،الذين دخلوا على خط تجارتهم وبالتأكيد كبدوهم الخسائرالجسيمة.
تدخل الحكومة واجب انصافاً للمواطنين، ومنعا لتشوهات اقتصادية، لكن من المهم سرعة اجراءات تحصيل الحقوق للمتضررين وأعادة الأموال والموجودات لأصحابها دون تعطيل وبعيداً عن الإجراءات الرسمية البيروقراطية والمحاكم، و الأهم بناء الخبرة الحكومية والتدخل مستقبلاً في اوقات مبكرة ودون انتظار لتفاقم المشكلات، حيث المبتكرات المالية الخادعة في تطور مستمر حتى اضحت كالمشتقات المالية في البورصة هناك تفنن في ابتكارها.
يأتي هنا دور هيئة مكافحة الفساد التي من واجبها توفير رادارات استشعار مبكرة تتحرك قبل المشكلة وتفاقمها ،مما يستوجب اضطلاعها بدور استخباري كالذي كان لديها قبل انفصالها و استقلالها، لتعود لاستخدام اسلحتها كمؤسسة تجمع وتتحرى وتستدعي للتحقيق لتطفئ شرارة الحريق قبل اندلاعه، لا ان تنتظر من يطرق بابها شاكياً ،لان العمل وفق نهج استخباري تجند له الهيئة مبلغين، تقدم لهم الحوافز المناسبة والحماية كان كفيلاً بعدم تورط المواطنين الابرياء في قضيتي البورصات العالمية والبيع الاجل، وهي قضايا لاحظوا لا تنشأ الا في مناطق تشهد تراجعاً اقتصادياً او سياحيا ً لافتاً.
rami.kk@hotmail.com