صناعة الزجاج .. اّفاق واعدة
المواد الخام التي تدخل في صناعة الزجاج متوفرة في الاردن وخصوصا في منطقة الجنوب فمثلا الرمل الزجاجي Sand متوفر بكميات كبيرة في منطقة رأس النقب ويتوفر فيه SiO2 (99 - 99.5%) وفيه0.2 -0.3%) AL2O3 ) و(0.02- 0.04%) Fe2O3 والدولومايت متوفر في الطفيلة وياجوز واللايمستون (LIMSTONE) متوفر في رأس النقب
ونتيجة لتوفر هذه الخامات وبكميات كبيرة في المملكة ,وبهدف تنمية المجتمع المحلي وبعد القيام بدراسة وافية للسوق المحلي والعربي والتي تبين فيها انه يتم استهلاك ما نسبته 40% من الانتاج في داخل المملكة والباقي يصدر الى الدول العربية المجاورة مثل العراق ومصر والسعودية., تأسست شركة مساهمة عامة سميّت باسم شركة مصانع الزجاج الاردنية، في اواخر سبعينات القرن الماضي. تبدأ بمصنع واحد بالقرب من مدينة معان , ثم تبني مصانع اخرى ، على ان تبدأ بصناعة الالواح الزجاجية الشفافة في فرن واحد وان يتم انتاج ما كميته (27000) سبعة وعشرين الف طن منتج نهائي كل عام. ولذا اختيرت طريقة السحب العمودي او ما يعرف بطريقة Pittsburgh plate Glass وحسب لها ثلاث الات سحب تنتج كل واحدة منها (30) ثلاثين طنا يوميا وبمجموع (90) تسعين طنا وقد بنت الفرن شركة Karina الألمانية والات السحب بنتها شركة Glaverbel البلجيكية.
ولغاية عام 1988 انتج المصنع زجاج الواح ابيض شفاف عالية الجودة ثم تحول في ذلك العام لإنتاج الالواح الملونة لصعوبات فنية في الفرن لم يستطع الكادر الفني التغلب عليها تمثلت بوجود فقاعات اكثر من المسموح به وتموجات في الالواح , ( سمك الالواح من 2 - 10 مم وابعادها 200 × 240 سم.
طريقة عمل المصنع ليست بالبسيطة وتتطلب مهارات فنية عالية ودقة في العمل. وتبدأ بوزن المواد التي يراد خلطها في موازين يجب ان تكون دقيقة، ثم تذهب الى خلاط ومنها الى الفرن لصهرها , حيث تعمل عشر حارقات على رفع درجة حرارة الخليط الى اكثر من 1500م ويجب ان يحافظ مستوى خلطة الزجاج على مستوى معين داخل الفرن وهو من اهم الامور لإنتاج زجاج عالي الجودة علما بأن الوقود المستعمل هو الوقود الثقيل Fuel.
وفي نهاية الفرن توجد آلات السحب العمودية الثلاث وهي التي ترفع الزجاج اربع طوابق لتصل الى منطقة تسمى الاستقبال فيها يتم قطع الزجاج الى الالواح بالأقيسة المطلوبة. وهذه الطريقة ليست سيئة، ولكن تتطلب ان تصل الخلطة المصهورة الى الآلات بدون شوائب وتتطلب صيانة مستمرة لآلات السحب وخصوصا آلات الاطراف.
ومن منطقة الاستقبال وبواسطة المصعد تنقل الالواح الى المستودع ليتم تغليفها تمهيدا لبيعها بعد تصنيفها، الى ثلاث اصناف C, B, A, تعتمد في ذلك على كمية الفقاعات والتموجات في اللوح. ومن المرافق التي يجب ان تتوفر، المختبر ومشاغل الصيانة وغيرها.
وبالرغم من وجود المواد الخام والبنية التحتية للمصنع الا انه وبعد عشر سنوات من عمله خسر بأكثر من رأسماله بكثير. ولأخطاء ادارية في انتاج المصنع وفي التسويق، فانه توقف عن العمل ثم ازيل نهائيا علما بأن بدايات انتاجه كانت من احسن الالواح الزجاجية في المنطقة. فمن الاخطاء مثلا ان الفنيين في المصنع لم يتم تدريبهم او اعادة تدريبهم اثناء العمل طيلة السنوات العشر الا لعدد قليل منهم (6 فنيين) ذهبوا الى اسبانيا قبل البدء بإنشاء المصنع. و (الفرن) عمل عشر سنوات دون توقف مع انه كان بحاجة الى صيانة كاملة بعد اربع سنوات عمل . وفقط تم القيام بصيانة دون اطفاء الفرن ليتم اطالة لعمره قليلا. وبالإضافة الى الاخطاء الادارية الكثيرة , وعملية التسويق التي لم تكن سليمة ابدا", مع ان بداية انتاج المصنع تم تصديرها لأسواق السعودية وكانت بجودة عالية
خسارة الشركة (المصنع ) والاحباط الذي اصاب الحكومة والمجتمع المحلّي , لا يعني انه لا توجد آفاق تأسيس او اقامة مصانع زجاج سواء الواح او عبوات زجاجية او اي صناعة زجاجية اخرى ، فالمواد الخام والبنية التحتية (المدينة الصناعية في معان،) متوفرة . واذا تمت الاستفادة من الاخطاء السابقة، يمكن البدء بصناعات زجاجية منافسة في منطقة الشرق الاوسط، ولا بد من الاهتمام بالعاملين في المصنع من حيث التدريب والتأهيل وتطوير البحث العلمي في الصناعات الزجاجية من خلال جامعة الحسين واستعمال طرق الانتاج الحديثة والتي يمكن بواسطتها تغيير السحب الى افقي بدلا من عامودي بالنسبة للألواح، وبناء مكائن اوتوماتيكية للعبوات.
بالهمة والتخطيط السليم وفهم معنى المصانع الانتاجية يمكن ان تنشأ مصانع تكون رديفة للاقتصاد الوطني وليست عبئا عليه.