عبدالهادي الراجح يكتب : جريدة المجد صوت العروبة من الأردن
اخبار البلد- في الحادي عشر من نيسان من عام 1994م ، أذكر ذلك التاريخ وكأنه اليوم وأنا في أحد المكتبات في مدينة الزرقاء أتفقد الصحف العربية القادمة من الدول الشقيقة لمعرفة أخبار الوطن قبل الثورة الإعلامية الحالية التي نشهدها اليوم لأن الصحافة الأردنية بأمانة الكلمة ومنذ بدء ما يسمى بالعملية السلمية التي انطلقت من مدريد بعد مؤامرة تدمير العراق قد أصبحت صحافة حكومية مائة بالمائة وفرض التسوية التي يسمونها زورا بالسلام على وطننا العربي ، حيث بدأت جماعية في مدريد لتنتهي بحلول قطرية ضيقة من خلال المفاوضات السرية التي أبرمتها قيادة فتح التي خطفت منظمة التحرير وبكل أسف انتهت تلك المفاوضات بصفقة أوسلو وبعدها بساعات معدودة وقعت في واشنطن بالأحرف الأولى المسودة أو الاتفاقية التي أدت لصفقة وادي عربة بعد ذلك بشهور حيث وقعها بالأحرف الأولى سفير الأردن في واشنطن في ذلك الوقت ، وقد كان الوطن العربي ولا يزال حتى هذه الساعة يعيش أسوأ حالاته وان كانت الثورات العربية في تونس ومصر واليمن قد أعادت للإنسان العربي الثقة في نفسه وأنه قادر على صنع مستقبل وطنه وأمته بعد أن طفح الكيل بالشعب العربي وسدت في وجهه كل ما هو ممكن من إصلاح وتغيير حقيقي .
في ذلك اليوم الذي أشرت إليه وقع نظري على صحيفة تتميز باللون والشكل عن بقية صحافة الزفة التي اعتدناها وتأملت الاسم لهذه الصحيفة التي كانت بداية لفتح حقيقي في الإعلام العربي وإذا هي المجد وتناولتها واعتقدت أنها من إحدى الدول العربية الشقيقة ورأيت صورة الزعيم جمال عبد الناصر تزين صفحتها الأولى وتحمل ثلاثة عناوين لجانب السيف وماذا يعني في تراثنا العربي والإسلامي الذي فوقه اشراقة الشمس وإذا تلك العناوين الثلاثة التي هي شعار هذه الصحيفة المناضلة المجد ، آية من الذكر الحكيم تقول (( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل )) وثم مقولة السيد المسيح عليه السلام (( من لم يكن لديه سيف فلبيع ردائه لشرائه )) وثم مقولة للقائد العربي الكبير جمال عبد الناصر (( ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة )) وقلبت الصحيفة أبحث عن الجهة التي تصدرها والتي يبدو أنها صحيفة متميزة عن كل صحافة الزفة والموالي وصحافة الذي يتزوج أمي أقول له عمي ،وإذا رئيس التحرير لهذه الصحيفة هو الفارس القومي الناصري فهد الريماوي وهو من أشرف وأفضل وأنبل من حافظ على قداسة الكلمة التي هي المقدمة الأولى للديمقراطية كما أوصانا القائد المعلم جمال عبد الناصر ، وعلى الفور وأنا أتأمل الصحيفة وأقرأها بشغف رجعت بذاكرتي لمطلع ثمانينات القرن الماضي ومقال كتبه الأستاذ فهد الريماوي الذي أصبح هو رئيس تحرير هذه الصحيفة في جريدة الدستور واسمه (( حرب الوردتين )) الذي انتقد به بشدة الحرب العراقية الإيرانية والتي لن يستفيد منها إلا أعداء الأمة الصهاينة في واشنطن وتل الربيع المحتلة ، ويومها قامت القيامة حيث كانت تلك الحرب وهي جريمة بحق الأمتين العربية والإسلامية تصور من الإعلام الناطق بالعربية بأنها حرب بين العرب والفرس وكانت تلك الصرخة التي أطلقها الناصري الجميل أبا المظفر السابقة لعصرها وبرأي كاتب هذه السطور أن تلك الحرب كانت الخطأ الأكبر للرئيس الشهيد صدام حسين وهي السبب الرئيسي لكل ما حدث لأمتنا العربية حتى اليوم ، المهم أن مقال الأستاذ أبا المظفر في ذلك الوقت كان سباحة ضد التيار وسرعان ما احتج عليه سفير العراق آنذاك لويس إسماعيل وكاد أبا المظفر أن يدخل بيت خالته وتغلق جريدة الدستور بالشمع الأحمر لولا تدخل جمعة حماد رحمه الله رئيس مجلس إدارة الدستور في ذلك الوقت لدى الملك حسين رحمه الله وتم احتواء الموقف .
كل تلك الأفكار مرت أمامي وأنا أقرأ العدد الأول من جريدة المجد التي بدأت منذ ذلك التاريخ علاقتي بها واستمرت وستبقى كذلك إن شاء الله ، لأن صحيفة المجد التي تدخل عامها الثامن عشر هذه الأيام ليست صحيفة عادية شأن الكثير من الصحف التي لا يهمها إلا مجارات المرحلة وتعبئة الجيوب من أموال دافعي الضرائب من هذا الشعب الكادح لكتبة كل العصور وجماعة كل أنا .
المجد صحيفة لا في عصر المعماعات (مجموعة نعم ) وصوت الحق في زمن الباطل ومنبر المقاومة في زمن المساومة وصحيفة المبادئ والأفكار في عصر البزنس وادفع بالتي هي أحسن ، الصحيفة التي اختارت الناصرية مرجعيتها ووحدة الأمة هي الهدف والعنوان لها ولم تقفز في هواء القومي الواسع مرة واحدة والاكتفاء بالدعوة للوحدة ولكنها انطلقت أيضا من المصلحة الوطنية الأردنية التي تتقاطع ولا تتعارض مع المصلحة القومية العليا وفي سبيل ذلك تصدت صحيفة المجد لكل صفقات الظلام والخيانة والتآمر باسم السلام من كامب ديفيد التي أبرمها الخائن أنور السادات وملحقاتها بعد ذلك في مخازن أوسلو ووادي عربة كما تصدت المجد للفساد والاستبداد السياسي الحامي الأكبر للفساد ودفعت في سبيل ذلك الثمن غاليا بالمصادرة والمنع والحذف وحتى التوقيف والجرجرة في المحاكم حتى شاءت المصادفات أن يقضي ربان المجد وفارسها أبا المظفر ميلاده الستين في إحدى منتجعات السواقة لديمقراطية حكومات وادي عربة العميلة ، وماذا كانت النتيجة كما هو معروف ذهبت كل حكومات وادي عربة التي تحرشت بالمجد وضايقتها لمزبلة التاريخ واستمرت جريدة المجد تسجل حضورها وانتصاراتها السياسية من خلال السبق الصحفي وقراءة الأحداث بعين زرقاء اليمامة حتى أصبحت إحدى المصادر الأساسية التي تلجأ إليها كل الجهات التي تطالب بمعرفة الحقيقة وما يدور على الساحة العربية والأردنية على وجه الخصوص ، وكانت جريدة المجد وبلا فخر أول منبر على الساحة الأردنية يطرح ضرورة الإصلاح والتغير وقد صدقت تنبؤات المجد بالثورة والتغير في بعض الأقطار العربية إذا لم يتم الإصلاح ، ولم تزيدها الأزمات والمحن التي مرت بها إلا إصرارا على مواصلة الحق والنضال على طريق الزعيم جمال عبد الناصر حتى تحقق الأمة أهدافها بالحرية والاشتراكية والوحدة التي ستكون القوة الأساسية لهذه الأمة لأجل أن يكون لها مكانا في هذا العالم الذي يتوحد في أقطاب أمريكا قارة بأكملها وأوروبا أصبحت الموحدة وكذلك تسير دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا في الوقت الذي يحرم العرب من وحدتهم السياسية رغم ما يجمع بينهم من وحدة الجغرافيا والتاريخ واللغة ورسالات السماء المقدسة التي خرجت جميعها من بلادنا العربية لتهدي البشرية من عبادة العباد لعبادة الله رب العباد ، وهم المتواجدون أي العرب في قارتي آسيا وإفريقيا .
صحيفة المجد التي تستهدي بنهج الزعيم جمال عبد الناصر ، استمدت رسالتها من كل تلك الثوابت وذلك الإرث الناصري الكبير الذي يجمع ولا يفرق بين أبناء الأمة الواحدة ، نبارك لصحيفة المجد هذا المنبر الناصري الحر عيدها السابع عشر ونتمنى لها دوام التقدم والازدهار وأن تبقى كما عاهدناها راية ناصرية حرة في سماء هذا الوطن ولن نكون إلا أحد جنودها كل عام للمجد وأسرتها وعلى رأسهم أبا المظفر وكتبتها المميزين وقراءها المحترمين بألف خير ، عيدا سعيدا مبارك والى الأمام .
عبد الهادي الراجح
alrajeh66@yahoo.com