مقبلون على مرحلة مختلفة

ألغاز، لغز انبعاث داعش ونموها السرطاني المباغت وهيمنتها على مساحات واسعة من العراق وسورية، ولغز استمرارها وعدم توفير عناصر ومتطلبات وأسباب مواجهتها والحد من تفاقم خطرها وضررها. ولغز استمرار "مليشيات الحشد الشعبي" الشيعية العراقية المتعصبة في مقارفاتها المتوحشة ضد أبناء العراق الُسّنة مما يوفر طوق نجاة متينا لتنظيم "داعش" الوحشي وحاضنة سنية هائلة له.

على الصعيد الوطني لم يعد الرأي العام الأردني منقسما بين اتجاهين: 1- إنها حربنا 2- ليست حربنا. بل توحد الأردنيون نهائيا بعد اغتيال الشهيد معاذ الكساسبة بوحشية غير مسبوقة كشفت عن بنية "داعش" الإجرامية، توحد الأردنيون عن وعي ومن دون عناء رسمي أو حملات إعلامية أو ممارسة الضغط على جماعة "ليست حربنا".

واستقر في عقيدة المواجهة العسكرية الأردنية أن "قتال الأشرار يكون خارج الأسوار" وان نظرية الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه هي الأكثر دقة "اغزوهم قبل أن يغزوكم، فما غُزِيَ قومٌ في عقرِ دارِهم إلا ذُلّوا".

تكبر داعش وتنمو وتكسب المزيد من الأعضاء والمزيد من الأموال والمزيد من الأرض والمزيد من الاعتراف -الإكراهي- من ُسنّة العراق بهذا التنظيم الإرهابي "الممثل الشرعي الوحيد لسنّة العراق".

وفي هذا الباب فان همجية الحشد الشعبي الشيعي العراقي ووحشيته، إن كانت تحاول بقصد وعمد، تجيير سنّة العراق ودفعهم قسرا إلى حوزة "داعش"، من خلال إيقاع الفتنة المدمرة بين مكونات الشعب العراقي، فان هذا الحشد المتوحش يهدف إلى تجيّر شيعة العراق العرب الأقحاح ودفعهم قسرا إلى حوزة ملالي إيران الصفوية، لتشكل إيران -كرها- "الممثل الشرعي الوحيد لشيعة العراق العرب".

وفي المقابل يعاني الأردن أقسى أنواع المعاناة من ضائقة مالية تكبر وتشتد ولا تنقص أو تتجمد، فاللجوء السوري يزداد ولا ينقص وأعباء هذا اللجوء تلقَى على الأردن بنسبة تزيد على الـ 80 % والبطالة في تفاقم مخيف وفاتورة الطاقة في ارتفاع والفقر في ازدياد والتجارة والصناعة والتصدير والاستيراد والنقل في طور الشلل تقريبا، يتم هذا على مرأى أشقائنا في الخليج العربي الذين يشكل الأردن واليمن ابرز مكونات أمنهم واستقرارهم.

وأخشى ما أخشاه إن بقي الحال على ما هو عليه الآن أن تختل موازين القوى في الإقليم أكثر فأكثر لمصلحة المنظمات الإرهابية المتطرفة التي تكبر ويشتد عودها وان يمس ذلك أمننا الوطني الأمر الذي يستدعي الدعوة إلى ملتقى دولي متخصص لبحث أعباء الأردن الاقتصادية والعسكرية والأمنية واحتياجات الأردن المخذول الذي يترك وحيدا في ميدان ملتهب مضطرب.

لا شك أننا مقبلون على مرحلة مختلفة نارية ملتهبة وعلى مهام وتطورات جديدة نوعية على دور جيشنا الأردني حامي حمانا وسيفنا الفولاذي البتار وعلى مـــــــسؤولياته التي يتضــــــح أنها لم تعد محددة في عقيدة الانتظار والترصد والتربص والتحوّط والدفاع عن مقدرات وطننا وهي المهام التي أنجزت بأعلى درجات الكفاءة حتى الساعة، بل يتجلى من مجمل الرسائل والإشارات الملكية والعسكرية الأخيرة أننا في صدد وثبة جديدة لقواتنا المسلحة الأردنية لفكفكة طوق الإرهاب والشر قبل أن يتكون حلقة فولاذية خانقة على أعناقنا.

نتفهم واجبات قواتنا المسلحة الباسلة ونزهو بقدرات وأداء مخابراتنا الأردنية الفذة وندعم ملكنا الغالي في مسعاه الشجاع للدفاع عن الوطن، دعما غير محدود.