لِمَ لا نتعلم من الحكومة الكويتية؟!

لافتة للنظر، طريقة التفكير والتخطيط التي تتمتع بها الحكومة الكويتية، على يدي رئيس وزرائها الهادئ الحازم، الشيخ جابر المبارك الصباح. ففي بداية الانخفاض الكبير الذي اصاب اسعار النفط، خرج الشيخ جابر برؤية واضحة؛ ان انخفاض أسعار النفط أمر يدعو للقلق، لكن يجب ألا يصيب الكويت ـــ التي تعتمد عليه بشكل كبير ـــ بالرعب.

والسبب برأي الشيخ جابر: "أن الحكومة اتخذت العديد من الإجراءات التقشفية التي لا تمس محدودي الدخل"، لأن "انخفاض أسعار النفط أمر متوقع، مثل الارتفاع، فالنفط سلعة يتحكم بأسعارها العرض والطلب والأحداث الجيوسياسية. ونحن في الكويت نتفهم قلق الناس، انما لا نريد ان يصابوا بالرعب نتيجة الانخفاض".

المسؤول الأول لأغنى حكومة عربية يقول: إن حكومته احتاطت لمثل هذا الانخفاض منذ زمن بعيد، ونوعنا مصادر الادخار والدخل، واليوم أصبح ترشيد الإنفاق أمرًا لا بد منه مع عدم المساس بأصحاب الدخل المحدود والمتوسط.

تذكرت هذا الكلام والرؤية والتخطيط، وقلته مباشرة لرئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور في آخر لقاء له مع رؤساء تحرير الصحف اليومية، وقارنت طريقة تفكير حكومتنا بطريقة تفكير الحكومة الكويتية، وتذكرته أيضا وأنا أراقب ما فعلته حكومتنا، التي لا تخطط إذا ارتفعت اسعار النفط أو انخفضت، إلا باعادة تسعير المحروقات على المواطنين، والتفكير فقط باعادة تنظيم الدعم الذي تقدمه الحكومة، وآخر شيء التفكير باعادة النظر في آلية دعم الخبز.

أول هذه القرارات التي اتخذها الشيخ جابر المبارك خفض مصروفات ديوان سموه، وتقليص بند المهمات إلى النصف، وخفض باب الهدايا من 9 ملايين دينار كويتي (نحو 30 مليون دولار) الى مليونين.

هذه العقلية التي يُكرّسها الشيخ جابر المبارك المعروف عنه نظافة اليد، والحزم، التي تفكر بحماية المال العام هي التي نحتاجها في بلادنا، وفي البلدان التي تشبهنا في الفقر، وكيف يتم صرف الاموال فيها، والبذخ غير المحبب على اوجه غير منتجة، وعلى مؤتمرات لا يخرج عنها سوى البيان الختامي ليصل الى الارشيف فقط. اموال تصرف هدايا بالملايين، وملايين اخرى لتحسين الاحوال والقصور، واخرى بدل خدمات وكسب الولاءات.

في الكويت قضية أخرى لافتة للنظر اسمها "سعة الصدر السياسية"، فقبل نحو شهر انضم الى الحكومة الكويتية وزير جديد جاء تعيينه بقرار من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، حيث تم تعيين الدكتور يوسف العلي وزيرًا للتجارة والصناعة، وهو القريب من جماعة الاخوان المسلمين، وله رأي مختلف عن رأي الدولة الكويتية في ما وقع في مصر،

حيث يسمي الوزير ما حدث في مصر انقلابا، وينتقد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهو الموقف الذي استغلته جماعة الاخوان المسلمين ولا تزال حتى الآن، وتحاول ان ترمي الشَّرَك بين الكويت ومصر، وتزعم ان الموقف الكويتي يتجه نحو الانسجام مع الموقف السعودي غير المتحمس للسيسي، مثلما تنشر ذلك وسائل الاعلام المحسوبة على الجماعة في كل مكان. وهي تعرف جيدا ان القرار ربما يكون عاديا، ولا علاقة له بسياسة الكويت الخارجية خصوصا أن المنصب الذى تولاه العلي لا يُعنى بالشؤون الخارجية كثيرا.