لــويــن رايـحــيــن

عمر كلاب 
لا تخلو جلسة اردنية من السؤال اعلاه " لوين رايحين " ، فحجم الترقب الشعبي محاط بالقلق من اقليم وجوار يلقي بظلاله كل ساعة بل كل دقيقة على الحالة الاردنية ، وسط غياب شريك حقيقي في دول الجوار القريبة ، سوريا ، فلسطين والعراق ، مما يعني ان الاردن يفكر بأحواله واحوال الجوار دفعة واحدة ويعنى بالفراغ الخارجي كمدخل في التفكير المحلي ، فليس المطلوب التفكير بردود افعالك فقط على الفراغ بل التفكير بوجود بديل له في ساحات فقد الاردن شريكا رسميا فيها وضعفت بدائله الشعبية امام ضربات الخصوم والانظمة وسوء ادارة الملفات والعلاقات مع القوى الشعبية خصوصا في سوريا وفلسطين .
ما يرفع درجة القلق الاردني فتور اهتمام حلفاء الامس بالظرف الاردني وخصوصا الاشقاء في السعودية الذين دخلوا معركة الجوار في اليمن ، فبات الضغط عليهم اكثر من ذي قبل ، فخواصرهم باتت رخوة في البحرين واليمن ويبدو ان دول الخليج الاخرى استثمرت الظرف وبدأت تخرج من تحت العباءة السعودية ، فالطائرات الخليجية عادت الى مهابطها وباتت مشاركتها في الطلعات الجوية من باب ابراء الذمة فقط ومصر الصديقة لم تعد معنية الا بنفسها في ظل التغير السعودي والخليجي ، في حين باتت واشنطن اقل اهتماما بالملفات الساخنة في المنطقة بعد انفراج الملف الايراني .
امام هذا التعقيد يبدو الحل اردنيا بامتياز ، فالرهان على الاقليم غير منتج والبقاء في دائرة الانتظار اقرب الى العدمية السياسية بالاضافة الى ان الحالة الاردنية لا تملك رفاه الوقت ، صحيح ان الملك يسعى الى تنويع المصادر السياسية فحراكه نحو اوروبا وخاصة المانيا مهم للاقتصاد الاردني لأن المانيا ليست من دول الثقل السياسي وكذلك نحو جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق ، لكن لا بديل عن اعادة تفعيل الحالة الاردنية واستنهاضها لمواجهة الاقليم وتقلباته بأدوات اردنية وبعقلية قادرة على الابتكار واستثمار نقاط القوة البشرية الاردنية التي نجحت في الحفاظ على دولتها وامنها وامانها وسط عواصف الاقليم .
في تصريح لرئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور قال فيه " لم يطرح اردني واحد شعار اسقاط النظام " يكمن الحل والمشكلة ، فأمام هذا التماسك الاجتماعي في عبور الاقليم وفجاءاته ، لم تقدم الحكومة ما يتوافق مع هذا التماسك والاصرار الاردني على حماية الدولة والنظام ، فالقوانين الاصلاحية بمجملها تجميلي فقط كما يقول رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة في جلساته وتصريحاته واخرها للدستور ، والسلوك الادائي ما زال يدير ظهره للمواطن واهتماماته واوجاعه وثمة تباطؤ مريب في الاستجابة الحكومية لاوجاع الناس ومطالبهم وكذلك الامر في باقي دوائر صنع القرار.

فمهما حاول النواب تحسين التشريعات الضامنة للحياة السياسية لن يتحسن الحال لأن القاعدة التي بنيت عليها القوانين ليست ديمقراطية والحديث لرئيس مجلس النواب واحسن ما يمكن فعله نيابيا هو ترقيع او تجميل القوانين ، فيما يبقى سؤال الارادة الرسمية بالسير نحو الامام موضع شك ، في ظل احساس جمعي بالعودة الى مرحلة ما قبل الربيع العربي والانقلاب حتى على الاصلاحات التي حدثت في اتونه ، فخلايا التأزيم تنشط بكثافة بدل مكافأة الاردنيين على حسن سيرهم وسلوكهم الذي يعترف به رئيس الحكومة .
الحكمة تقتضي ان يسارع الرسميون الى الركض نحو الامام بمصالحة اجتماعية وسياسية والاعتراف بالخطأ والتسويف في الاصلاح لتمتين الجبهة الداخلية وافساح المجال للقوات المسلحة والاجهزة الامنية بصون الحدود وحمايتها ، فمهما بلغت ثقة اعتزازنا بالقوات المسلحة فهذه الثقة ليست بديلا عن تمتين الجبهة الداخلية من خلال ميثاق اصلاحي وطني واجراء تغيير شامل في النهج والسلوك مع المواطن الاردني بدل معاقبته لحسن التزامه .