البتراء.. إحدى عجائب الدنيا السبع تعيش أسوأ ظروفها السياحية
لم يشفع لمدينة البتراء الأثرية (جنوبي الأردن) حصولها على المركز الثاني كإحدى عجائب الدنيا السبع، فالمدينة التي تعتبر أهم المواقع الأثرية في الأردن، تشهد انتكاسة سياحية حقيقية شملت كافة المنشآت التي تعتمد على حركة السياح والفنادق والمحال التجارية والسياحية المختلفة، بالإضافة لتراجع أعداد السياح نتيجة الأوضاع الأمنية المتدهورة في الإقليم، أما سكان المدينة من البدو فقد خسروا وظائفهم نتيجة ذلك، ما دفعهم لتنظيم العديد من الفعاليات الاحتجاجية بعد أن وصلت ظروفهم الاقتصادية لحافة الهاوية.
- أزمة غير مسبوقة
أحد التجار العاملين في المدينة ويدعى حمد الفناطسة، أكد أن "ما تشهده مدينة البتراء من عزوف سياحي، وركود اقتصادي خلال الفترة الحالية، لم تشهده على مدار تاريخها الطويل"، موضحاً أن "الموسم السياحي الحالي يعتبر الأسوأ خلال العقد الأخير".
أما التاجر محمد السلامين، فقد أكد على أن "التجار في مدينة البتراء يعولون على السياحة القادمة من دول الخليج لتعويض خسائرهم المتفاقمة من خلال العطلة الصيفية وعيد الفطر القادم".
وأغلقت 10 فنادق وفق تصنيفات مختلفة أبوابها، نتيجة عجزها عن تغطية كلفها التشغيلية ودفع رواتب العاملين فيها، ما أدى إلى إنهاء خدماتهم، في حين أكد عدد من خبراء السياحة في الأردن من أن قصور وزارة السياحة في الترويج للمناطق السياحية في الأردن خاصة لمدينة البتراء دفع السياح للبحث عن بدائل أخرى، بالإضافة إلى قلة الدعم الحكومي المقدم للشركات والهيئات السياحية على اختلاف أنواعها.
رئيس جمعية فنادق البتراء خالد النوافلة، أكد في حديث له، أن "ما تعيشه مدينة البتراء اليوم يمثل سابقة أولى من حيث أعداد الفنادق التي أغلقت أبوابها، أو الاحتجاجات المستمرة من قبل العاملين في قطاع السياحة في البتراء، مشيراً إلى أن ذلك ينذر بأزمة اقتصادية على مجتمع المدينة الذي يعتمد غالبية أبنائه على وظائف المنشآت الفندقية".
- تراجع ملحوظ
وإلى 20% فقط، وصلت نسبة إشغال الفنادق في البتراء وهي التي وصلت في وقتٍ سابق من هذا العام إلى نسبة 95%، بسبب انخفاض عدد زوار المدينة الوردية بنسبة كبيرة بلغت 49% مقارنة مع عام 2010، رغم كونها مدينة أثرية وسياحية عالمية تعتبر استثماراً ناجحاً لأي دولة.
وتأسست مدينة البتراء في عام 312 ق.م كعاصمة لمملكة الأنباط، وقد تبوأت مكانةً مرموقةً لسنوات طويلة، إذ كان لموقعها على طريق الحرير والمتوسط لحضارات بلاد ما بين النهرين وفلسطين ومصر، دور كبير جعل دولة الأنباط تمسك بزمام التجارة بين حضارات هذه المناطق وسكانها.
- تاريخ زاخر
وتقع المدينة على منحدرات جبل المذبح، بين مجموعة من الجبال الصخرية الشاهقة، التي تُشكل الخاصرة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية، وتحديداً وادي عربة، الممتد من البحر الميت وحتى خليج العقبة.
وهي عبارة عن مدينة كاملة منحوتة في الصخر الوردي اللون (ومن هنا جاء اسم بترا وتعني باللغة اليونانية الصخر) (يقابله باللغة النبطية رقيمو)، والبتراء تعرف أيضاً باسم المدينة الوردية نسبة إلى لون الصخور التي شكلت بناءها، وهي مدينة أشبه ما تكون بالقلعة.
ومن شمال دمشق وحتى البحر الأحمر جنوباً، شكل موقع البتراء المتوسط بين حضارات بلاد ما بين النهرين وبلاد الشام والجزيرة العربية ومصر أهمية اقتصادية، فقد أمسكت دولة الأنباط بزمام التجارة بين حضارات هذه المناطق وسكانها، وكانت القوافل التجارية تصل إليها محملة بالتوابل والبهارات من جنوب الجزيرة العربية، والحرير من غزة ودمشق، والحناء من عسقلان، والزجاجيات من صور وصيدا، واللؤلؤ من الخليج العربي.
فيما يمثل السيق الطريق الرئيس المؤدي لمدينة البتراء، وهو عبارة عن شق صخري يتلوى بطول يبلغ 1200 متر وبعرض يتراوح من 3 - 12 متراً، ويصل ارتفاعه إلى 80 متراً. أما الخزنة المنحوتة في الصخر، فإنها تعتبر أشهر معالم البتراء وأكثرها أهمية، حيث اختار الأنباط موقعها بعناية كأول معلم يواجه الزائر بعد دخول المدينة، وقد سُميت بهذا الاسم لاعتقاد البدو المحليين سابقاً بأن الجرة الموجودة في أعلى الواجهة تحوي كنزاً، ولكنها في الواقع ضريح ملكي.