الأمن الناعم في مواجهة المعارضة الخشنة 2
أخبار البلد- قبل عدة شهور وتحديدا قبيل الانتخابات البرلمانية اعلن د.نبيل الكوفحي احد قياديي الحركة الاسلامية في ندوة نظمها مركز القدس للدراسات، ان الحركة ستلجأ الى المعارضة الخشنة لمواجهة الدولة الاردنية، وعندما سئل الرجل عما تعنيه المعارضة الخشنة اوضح انها تعني الخروج الى الشوارع، اي بلغة الديمقراطية ممارسة حق الاعتصام والتظاهر بغض النظر عن الآثار السلبية المترتبة على حملة اعتصامات اسبوعية عطلت مصالح الكثيرين وانتهكت مبدأ الديمقراطية الاول المتمثل في احترام حقوق الغير بممارسة اعمالهم وتجارتهم بدون ازعاج، وحق العشرات من تجار البسطات بالاستفادة من يوم الجمعة لتحقيق بعض الكسب المادي لسد تكاليف الحياة بدون اعتصامات وتظاهرات تغلق الشوارع والمحلات وتحرم الناس من متعة التجول في مدينتهم، وتعطل حركة المرور طوال ايام الجمع الماضية وعددها بالتحديد ثلاث عشرة جمعة.
لقد قلنا من قبل وبرهنت الاحداث اللاحقة صدق اعتقادنا، ان الأمن الناعم لا يكفي لمواجهة المعارضة الخشنة، كما وضعت بين ايدينا الأدلة على ان الحركة الاسلامية لا تريد اي شكل من اشكال الحوار لا مع الحكومات ولا مع البرلمان ولا مع غيرها ممن يختلف معها في الرأي، ومن البراهين رفض الحركة للحوار الذي دعت اليه اللجنة القانونية في مجلس النواب للاتفاق على صيغة توافقية لقانون الانتخاب، ثم بعد ذلك رفض الحركة المشاركة في لجنة انشئت خصيصا للحوار الوطني الشامل من اجل النظر في اهم قانونين ضرورين للعملية الاصلاحية وهما الانتخاب والاحزاب، وحتى بعد تعديل جدول اعمال لجنة الحوار الوطني ليشمل التعديلات الدستورية وجملة قوانين اخرى كقانون الاجتماعات العامة الذي اقر كمسودة في مجلس النواب، وقانون المطبوعات والنشر وكذلك قانون الجمعيات وكلها على صلة بعملية الاصلاح السياسي وبقانوني الانتخاب والاحزاب، استمر عصيان الحركة الاسلامية بعدم المشاركة في اعمال اللجنة، وبقي موقف الحركة بدون تغيير او تعديل حتى بعد رعاية جلالة الملك المباشرة لتوصيات اللجنة حال التوصل اليها واعلانه ضمانته لها,وهذه الضمانة تمثل في الواقع احد اشتراطات الحركة الاسلامية للمشاركة في لجنة الحوار الوطني، لكن زكي بني ارشيد استبق لقاء جلالة الملك باعضاء اللجنة ومن قبله التعديلات الاضافية على جدول اعمالها، ليعلن ان الحركة مستمرة في رفض المشاركة في لجنة الحوار الوطني ولن تغير رأيها..!!
وفي غضون ذلك رفعت الحركة الاسلامية سقف مطالبها لتشمل اضافة بند التعديلات الدستورية ذات الصلة بالملكية الدستورية وليس فقط ما تعلق منها بعملية الاصلاح السياسي المرحلي وقانوني الانتخاب والاحزاب، وغيرت شعاراتها ايضا، فبدلا من الاصلاح الشامل في السياسات العامة والقرارات الادارية وفي التشريعات بحيث تمهد الطريق امام انتخابات نيابية حرة ونزيهة تعزز وجود الاحزاب بعد حل البرلمان كمطلب رئيسي للحركة، واضافة الى محاربة الفساد ورفع القبضة الامنية عن العمل السياسي الحر وتوسيع نطاق الحريات العامة وتغيير القوانين ذات الصلة، وجملة اشتراطات اخرى جميعها جرى الاتفاق حولها، اضافة الى ذلك كله وبعد كل خطوة تنازل بهدف الوصول الى تفاهم وطني وانجاح الحوار، قررت الحركة الاسلامية وفي تطور لافت على برامجها رفع شعار (اصلاح النظام ),وهو ذات الشعار الذي سلمته الحركة الى ايدي شباب جسر العبدلي فرفعوه دون ادراك كاف منهم انه كلمة حق يراد بها باطل، فاصلاح النظام يعني في مفهوم الاردنيين الصادقين جزءا من العملية الاصلاحية الشاملة التي لا تفرق بين اصلاح وآخر، وهل يعقل ان يتوقف الاصلاح عند التشريعات والقرارات الادارية والامنية وغيرها من التشريعات الناظمة للعمل السياسي في اطار الديمقراطية، ثم ماذا تعني التعديلات الدستورية اذا لم تكن تعني اصلاح (ابو القوانين) كلها والعمود الأساسي لأي نظام سياسي في اي بلد في العالم، وما دام الامر كذلك, اذن لماذا رفع مثل هذا الشعار الاستفزازي فوق رؤوس شباب يخوضون تجربة الاحتجاج لاول مرة وربما لم يكن في نيتهم تبني المعارضة الخشنة نيابة عن الحركة الاسلامية، الم يكن الهدف من اقحام هؤلاء الشباب ايصالهم الى حافة الصدام فورا ودفعة واحدة لوضعهم تحت ابط المتمرسين الذين سبقوا الجميع للاتصال بالفضائيات.