الأزمة صحفية وليست مالية

أسباب ازمة الصحافة والاعلام كثيرة ولا يمكن حصرها بعجالة، وهي تراكمية ايضا ولا تقتصر على الصحافة الورقية، والتدقيق في المشهد الاعلامي الاردني الان والبحث في مستواه سيوصل الى العديد منها، ويكفي لذلك الوقوف عند مستوى الاحتراف التخصصي والاداء العام والمهنية، اضافة لقيمة الصحفي الاجتماعية وان هي على سوية المهن العليا كالطب والهندسة والصيدلة، واين هو الصحفي الذي يضع امام بيته عبارة منزل الصحفي ليفاخر بها او لتميزه كمهني رفيع المستوى.
ينبغي الاعتراف ان الصحافة كانت وما زالت محاصرة ومضيقا عليها ولم يسمح لها قط ان تكون حرة او مستقلة برسالتها، وان الصحفيين اكثر من تعرضوا للاخضاع والذين رفضوا او تمردوا نالهم وما زال الحرمان والتضييق، وان مركبها سار وسط السياسات الرسمية ناقلا او مداحا وداعما اكثر الوقت، وها هو الزميل محمد التل يقر في مقالين ان الدستور كانت طوال خمسين عاما مع الدولة، والامر صحيح تماما باعتقاد ان الحكومات هي الدولة، والواقع ان الصحافة اليومية اكتسبت صفة الرسمية الى جانب المؤسسات الحكومية رغم صدورها عن شركات مساهمة، وهنا ينبغي التمييز بين الوقوف الى جانب الدولة وتبني المواقف الحكومية، وكيف ان كل الحكومات استغلت الصحافة وان كل واحدة منها وجدت ابوابها مفتوحة لها دون عناء، وقد وجد كل رئيس حكومة طريقته الخاصة بالاحتواء.
يعز على من عملوا عشرات السنين في المهنة من شتى المواقع ومن الجيل الجديد المتحمس دون المتطفلين على المهنة ان يجدوا مؤسسات الصحافة وهي تنهار امام اعينهم رغم كل الاخطاء التي اكثرها -على الاطلاق- تغول الحكومات، وليس غائبا كيف ان معروف البخيت فرض الضرائب على الصحف الاسبوعية ونال منها حد اقتحام مقراتها والحجز على اصحابها، وتبعه سمير الرفاعي بمدونة سلوك ظالمة حرمت الصحف جميعا من الاشتراكات، ومنه ومن زميله بدأت الازمة وهي تصل الان ذروتها دون مسعف، والدلالة ان الزميل التل ناشد الملك في المقالين بعد ان ادرك ان الحكومة الحالية لها سياستها الخاصة للتعامل مع الصحافة ايضا.
الفرق بين الحق والاستجداء يلزمه صحافة مستقلة لتوضيحه، وان النظر ما زال متجها نحو الحصول على مساعدات حكومية لانقاذ الوضع المالي للصحف، فالحال يعني ترحيل الازمة فقط وليس حل معضلة الصحافة.. ولو ان الزميل التل واسرة الدستور الصحفية ينطلقون نحو سياسية تحرير جديدة وعمل صحفي جاذب للجمهور بعيدا عن محاباة الاعمال الحكومية والروتين وانما كشف مثالبها وبلاويها على قاعدة السبق والعمل الصحفي المبدع بما في ذلك الاثارة التي تثير اعصاب المسؤولين بما يلبي ما في وجدان الناس وحاجاتهم للانصاف اولا وقبلا وهؤلاء اولى بالمحاباة، لو انهم يفعلون ذلك فإن التوزيع والاعلان كفيلان من انهاء الازمة.