الصلاة في القدس أم عليها
بلا فائدة أي تذكير بأن اليمن كان سعيدا ذات عصر والان يقطر دما ليلفه الحزن كل يوم اكثر، وهو لن يعود اليمن الذي كان كلما ناحرت عدن صنعاء وتعرضت تعز للموت، وها هي حضرموت بلا خضرة وتصبغ يوميا بالاحمر، ونجد اختلط عليها حجاز وكانتا قبلا واحات سلام ما بين عشق وشعر وما بين صلوات تقام بلا دوافع من سنة وشيعة سوى استمرار نقاوة الروح وهدوء النفس طالما استقرت على عزة وهي الان تبحث عن قليل من كرامة ولا تجد.
وما قيمة ان نبكي دمشق اطلالا او نستعيد ذكرى عبير ريحاناتها ولما كان بردى مواويل لفيروز او فيجتها التي اصبحت بحرارة البراكين ان لم تكن جفت قهرا لكثرة ما سلبت وباتت اليوم مسبية من كل عابر يحمل سلاحا ويتداورون عليها اهلا وغرباء اغتصابا وتنكيلا. واليوم حلب سيف الدولة بلا حمدانيين ولا متنبي ليرثيها وقد تحولت الى اشلاء، وحمص بلا حلاوتها ونواعير حماة تنقل دما بين البساتين، وليس هناك من يكترث لحسكة وادلب، ودير الزور بات بهتانا، ودرعا فقدت حورانها وباتت جرداء وما عادت سلة قمح وانما براميل تتفجر، ومدن الساحل بضمانة روسية حتى الان.
ولو ان المنصور يعود اليوم لما بكى بغداد ولا تذكر المعتصم سر من رأى او اين عمورية ان عاد معه ايضا، فكل العراق من موت الى اخر يسير قدما ولا يتوقف وبات بلا معالمه وكأنه لم يكن يوما جنائن معلقة او باول شريعة لما كان له حمورابي. وليت عمر المختار حاضر ليدل على سبيل الخلاص وانه اليوم ليس بكنس الطليان وانما بغسيل الناس لانفسهم لقليل من طهارة، وقد تحول النهر العظيم لنقل الدم والصحراء ما زالت بلا ماء وحال طرابلس بحال بنغازي رغم ان الشاطئ الليبي بطول 2000 كلم وما زال بكرا.
وها هي القاهرة تنقلب على نفسها وتطفئ انوارها على اهراماتها وقد ملأت الدنيا ذات يوما طربا وكتابا، وأزهرها ليس الذي كان وهو يعج بشيوخ يصدقون بالسيسي مخلصا، وقد كانت مع بغداد ودمشق قبلة الامة، وليس مدركا بعد كيف انتقلت الى قطر ولتكون دبي منارة العرب والرياض مرجعيتها.