هل نسير بالاتجاه الصحيح؟


 

قبل عدة سنوات طرحنا في هذه الزاوية فكرة مؤشر يقيس درجة الاكتفاء الذاتي في المجال المالي ، وهو نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية ، لأن المفروض أن الإيرادات المحلية يجب أن تكون كافية لتشغيل ماكينة الحكومة وتمويل نفقاتها المتكررة كالرواتب والإيجارات والتقاعد واللوازم والمواد المختلفة.
درجة الاكتفاء الذاتي تتطلب أن يغطى كل الإنفاق الجاري من الإيرادات المحلية ، وليس من المنح الخارجية والقروض التي يمكن استخدامها لتمويل النفقات الرأسمالية ، لكن الجاري عملياً أن الحكومة كانت تمد يدها للقروض لكي تستكمل تغطية تكاليفها الجارية.
تشير الأرقام إلى أن درجة الاكتفاء الذاتي في سنة 2013 كانت 5ر84% ، بمعنى أن الحكومة غطت 5ر15% من نفقات التشغيل الجارية من القروض والمنح الخارجية ، وهو وضع شاذ وغير قابل للاستمرار.
لكن معدل الاكتفاء الذاتي سجل تحسناً ملموساً في العام الماضي (2014) مما يشكل إنجازاً يستحق الذكر ، فقد ارتفعت نسبة الاكتفاء الذاتي بمقدار 3ر5 نقاط مئوية لتبلغ 8ر89%.
ما زلنا عاجزين عن الوصول إلى حالة الاكتفاء الذاتي في حدها الأدنى ، ولكنا أخذنا نقترب من ذلك الهدف ، وهذا أحد مقاييس تحديد ما إذا كان الاقتصاد الأردني يسير بالاتجاه الصحيح.
جاء الوقت الآن لتأكيد مؤشر آخر لا يقل أهمية لمراقبة حركة الدين العام ، ويكون بمقارنة نسبة نمو المديونية بنسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية. والمقصود ان لا ُيسمح للمديونية بأن تنمو بأسرع من النمو الاقتصادي العام ، لأن معنى ذلك ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي كما كان يحدث خلال السنوات العشر الماضية.
في هذا المجال ما زال الانجاز المالي دون الطموحات ، فقد ارتفعت المديونية الصافية خلال سنة 2014 بنسبة 6ر7% ، في حين ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة 6ر6% منها 1ر3% نمو حقيقي و4ر3% تضخم كلي ، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 1ر1 نقطة مئوية لتبلغ 2ر81%.
المطلوب بعد الآن أن لا يُسمح للمديونية بالنمو بنسبة تفوق نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي محسوباً بالأسعار الجارية ، وبذلك تنخفض النسبة ونستطيع الإدعاء بأن الاقتصاد الأردني يسير بالاتجاه الصحيح.