طارق عزيز

رحل وزير الخارجية العراقي السابق طارق عزيز عن الدنيا والعراق في حال أسوأ من لحظات الاحتلال التي تلت سقوط حكم الرئيس صدام حسين.
الرجل كان دبلوماسيا من الطراز الاول وقد دافع عن العراق وعن فلسفة الرئيس صدام حسين بإحاطة ولغة مثقفة أرضت البعض وأغضبت آخرين. اعتقل طارق عزيز في عام 2003 وأمضى اثنتي عشرة سنة في السجن وينقل عنه وعن عائلته أنه عانى إهمالا طبيا في السجن وعوقب بثأرية غير مسبوقة.
كم حاولت شخصيات دولية إقناع بغداد بضرورة الإفراج عنه؛ لكنهم رفضوا وكان ثمة إصرار على القسوة في معاملة كل من تمت له صلة بصدام حسين.
في الأردن هناك تقدير كبير لكل رموز حكم صدام حسين ولهم شرعية عميقة أخذوها بسبب مواقفهم من القضايا القومية، ناهيك على ان الاردنيين لم يحكمهم النظام وكانوا فقط زوارا على خطابه.
المؤلم أن طارق عزيز يوصي بدفنه في الاردن ربما لعلمه أن العراق لم تعد تحترم الاحياء والاموات على حد سواء، وهنا كان الخيار بعيدا عن مسقط الرأس في العراق.
الاردنيون يرحبون بدفن طارق عزيز في أي مكان في البلد، ولعلي استطيع القول إن كل مقابر اخواننا المسيحيين سترحب ولن تتردد للحظة.
مع كل ذلك يرحل طارق عزيز في ظرف اقليمي قاس جدا ولا أدري كم ساهم نظامه السابق في صياغة معالمها ويبقى الموت في عالمنا مناسبة فقط لذكر محاسننا.