القاتل الليبرالي يمهد للقاتل الإرهابي

في كتابه الشهير "القاتل الاقتصادي" الذي ترجمه الدكتور بسام ابو غزاله، يكشف جون بيركنز الميكانيزمات المتدرجة "لصناعة" الدول الفاشية، ودور البنك وصندوق النقد الدوليين في ذلك، سواء من خلال سياسات الديون او من خلال تحطيم الطبقة الوسطى، القاعدة الاجتماعية العريضة لدول العالم الثالث.

ولنا ان نضيف الى البعد الاقتصادي الذي جرى ويجري تمريره باسم حريات الاسواق والتخلص من "الدولة الشمولية" ، بعدًا آخر لا يقل أهمية، هو الليبرالية، السياسية "وللحق الذي يراد به باطل الأباطيل، فالفساد من جهة واحتكار السلطة من جهة ثانية يغذي كل ذلك ولكن ضمن سياقات وتوظيفات مختلفة تماما..

فالدوائر الأطلسية، تدرك كل الادراك ان الدولة الفاشلة وسقوطها لايؤدي الى بدائل ديمقراطية او مدنية، بل الى انهيار وتفكك المجتمع ايضا، لانه وبكل بساطة ليس مجتمعا مدنيا بعد، وما ان تنهار نواظمه المركزية الخارجية ممثلة بالدولة البيروقراطية الشمولية، حتى يعود سيرته الأولى، مجاميع طائفية وعشائرية وجهوية برسم الاحتراب والاحتقانات الدموية..

في هذه اللحظة والمناخات السياسية الاجتماعية من انهيار الدولة، وعوضا عن البدائل المدنية الديمقراطية، فإن الحضور الأكبر هو للقاتل اللاحق – القاتل الارهابي التكفيري، المعد سلفا في الدوائر الأطلسية – الموسادية الصهيونية لهذه اللحظة، وما تمثله في سيناريو الفوضى الهدامة وربيع الاسلام الامريكي والشرق الأوسط الجديد، كما بشرتنا به رايس ثم شمعون بيريز.

ومن مفارقات ذلك، ما يمكن تسميته بنقل او انتقال الجمهور من قاعدة اجتماعية لدولة الحرس البيروقراطي الشمولية السابقة "دولة سايكس – بيكو" الى قاعدة اجتماعية لدولة الحرس الطائفي أو الكانتونات الطائفية.