من المسؤول عن الغش.. الطلاب أم المدارس أم الوزارة؟
أخبار البلد- عاطف الجولاني
لمصلحة من يدفع سدس طلاب المملكة (نحو 17 بالمائة) دفعا للوقوع في براثن ما كانت تعتبره وزارة التربية والتعليم «غشا» غير جائرة يستدعي الملاحقة؟
هذا بالضبط ما حصل في الامتحانات التحصيلية لطلاب السادس والتاسع، حيث انقلبت الخطوة، التي لا تزال أهدافها غير واضحة حتى اللحظة، إلى وسيلة لإفساد ضمائر النشء وتخريب ذممهم.
والمؤسف في الأمر، وما يثير الكثير من الاستهجان، إصرار التربية على الإمعان في الخطأ وتمسكها بإكمال الامتحان بعد أن تأكد لها أن الأسئلة تسربت لكل الطلبة. كان بإمكان الوزارة الاستدراك والتوقف بعد الاختبار الأول، بحيث تطلب من المدارس العودة إلى الوضع السابق الذي يقوم فيه كل مدرس باختبار طلابه بالطريقة المعتادة، غير أن إصرار الوزارة على المضي قدما في امتحان فاشل أمر ليس مفهوما ولا مبررا، وليست ثمة سبب مقنع إلا العناد وعدم الاستعداد للعودة عن الخطأ.
سابقا كنا نقول إن الغش في أداء المهام أو في امتحانات التوجيهي أو في تحمّل المسؤولية، يعبّر عن أزمة قيم وأخلاق. وحين نجحت وزارة التربية في ضبط امتحان التوجيهي وحققت قدرا جيدا من عدالة مفقودة بين الطلاب غابت لسنوات، وأعادت للتوجيهي كثيرا من مصداقيته، صفق الكثيرون لهذا الإنجاز وأشادوا بدور الوزارة، ووجه لها الشكر وبعض الأوسمة. غير أن الإخفاق الذريع في إجراء الامتحانات التحصيلية، وعدم القدرة على التصويب والاستدراك، أتى على تلك الإنجازات ونسفها وجعلها ضربا من سراب.
ليس الطلبة في سن الثانية عشرة والخامسة عشرة وحدهم من أفسدت ضمائرهم بسبب سوء تقدير الوزارة، بل إن نسبة أكبر من المعلمين والمعلمات ومديري المدارس ومديراتها، دفعوا هم الآخرون دفعا للسكوت عن الغش بل والمشاركة في الخطأ، وهو ما كانوا يعتبرونه سابقا في امتحاناتهم المدرسية جريمة تستحق العقاب. فالحديث عن تقييم أداء الطلاب، وفي المحصلة تقييم أداء المدارس، دفع القائمين عليها للتساهل بل المساهمة في عملية الغش التي تتحمل الوزارة مسؤوليتها في المقام الأول.
أي قرار حتى يكون صحيحا يتطلب توفّر ثلاثة شروط، أولها مضمون صحيح وتقدير موقف دقيق وأهداف منطقية، وثانيها توقيت مناسب لا يتقدم ولا يتأخر، والثالث آليات تنفيذ سليمة وكفؤة. وإذا اعتبرنا أن مضمون قرار التربية بإجراء الامتحان صحيحا وأهدافه منطقية، وأن توقيت إجراء الاختبار مناسب، فإنه ليس هناك خلاف على أن آليات تنفيذ القرار التي اتبعتها الوزارة كانت خاطئة وعاجزة.
ما جرى أحدث ثلمة في العملية التربوية والأخلاقية، فكيف ستتصرف التربية لمعالجة الخلل، وهل تملك الاستدراك؟