أرخميدس الأمريكي

لم يكن العالم منذ تلك الظهيرة البغدادية السوداء عام 2003 قد توقف عن الحياة بانتظار ما أعلنته مجلة التايم هذا الأسبوع وهو ان احتلال العراق وتفكيك جيشه كان مصدر الشرور كلْها، وهو المسؤول عن كل ما يجري الان في هذه المنطقة المنكوبة، والتايم ليست أرخميدس بحيث تصرخ بأنها وجدتها، فالطائف الان على مستنقع الدم وليس على حوض السباحة ليس سفينة ورقية او ورقة نقد سواء كانت دولارا او يورو او حتى شيكل ، الطافي على الدم هي اوطان تم تجريفها وتفكيك دولها وجيوشها بحيث أصبحت فراغا جاذبا لكل عفاريت الارض . الم يفكر ساسة البيت الأبيض وجنرالات البنتاغون وأفراد السي . آي . اي قبل اكثر من احد عشر عاما بأن ما اقترفوه ضد العراق سوف يفتح صندوق باندورا المليء بالشرور والثعابين، وان ما يشكون منه الان هم صانعوه ومصدروه ؟ ان ما قاله ماكين مؤخرا عن الحرب التي اعلنتها بلاده ضد الارهاب يفتضح المسألة كلها، لأن المشهد اصبح لغزا او احجية عصية على الحلّ، ومن تبقّوا منا على قيد الذاكرة ولم يعصف بهم الزهايمر السياسي الوبائي لعلهم يتذكرون ما قالته كونداليزا رايس عام 2005 في الجامعة الامريكية في القاهرة حين كانت ابتسامتها البيضاء تفتضح ما بين السّطور، وهي الاكاديمية المتخصصة في اطروحات التفكيك منذ عملت مع جورج بوش الأب عندما كان يدير المخابرات المركزية . ان ما يصدر الآن سواء عن السناتور ماكين او مجلة التايم ليس صرخة ارخميدس، فنحن ضحايا امريكا واستراتيجياتها في التشظية والتذرر واعادة هذه البلدان الى ما قبل الدولة وجدناها قبلهم وصرخنا لكن باللغة المسكينة التي لا يسمعها حتى ابناؤها ! كان غزو العراق هو اول السطر في هذا الفصل الخريفي الذي سقطت فيه الاقنعة واوراق التوت وتعرّت العورات كلها في هواء فاسد وليس طلِقا على الاطلاق ، ويبدو ان ما قاله الدوري ممثل العراق في الامم المتحدة عشية سقوط الاقنعة وهو ان اللعبة انتهت لم يكن دقيقا، وهناك مسرحية عبثية بعنوان اللعبة انتهت تستحق من العرب ان يشاهدوها الان، فاللعبة مستمرة، لكن اللاعب الوحيد فيها يلعب مع ظله او مع صورته في المرآة . شكرا لأرخميدس الامريكي، وبانتظار نيوتن كي يخبرنا عن سقوط الكوكب على رأسه وليس سقوط التفاحة !!