تأبين شيخ الشيوعيين..تعددية وصلاة ونشيد على المنصة

اخبار البلد-
 

ثمة مفارقات، ايجابية وسلبية، لا يحتملها أي حدث يوازي حجم ووزن وحضور وتاريخ شيخ الشيوعيين في الاردن وفلسطين المرحوم الدكتور يعقوب زيادين، ففي حفل تأبين مهيب في المركز الثقافي الملكي مساء الاحد، كانت الصورة في أجمل تجلياتها.

"هذه هي التعددية" عبارة رددها اكثر من رفيق سابق حضر الاحتفال، عندما شاهد حضورا غير معتاد في هذه المناسبات لقامة اقترب عمرها من الـ 100 عام، وبقي متمسكا في "البدايات" واحلام الفقراء في السماكية وأزقة القدس، فقد حضر الشيوعي والاسلامي والقومي ورجال الدولة، وقائد المطبخ السياسي في الحكومة.

في اللحظة الاولى، عندما استهل الاحتفال باعلان الروائي هاشم غرايبة النشيد الاممي، وقف مبتسما طاهر المصري وعبدالهادي المجالي وصالح ارشيدات احتراما لقامة زيادين، كما وقف وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة، ووقف البرجوازيون الذين هاجمهم الامين العام الجديد للحزب الشيوعي فرج الطميزي في كلمته الغارقة في الايدولوجيا والشؤون الداخلية.

في حفل تأبين الشيوعي زيادين، لم يتردد المعارض والاسلامي ليث شبيلات بعد ان القى كلمة حادة تناولت، السياسات الرسمية، وسلوكات المعارضة، من ان يؤدي الصلاة من على منصة الرئاسة، في مشهد يقدر عاليا معنى التعددية.

انقى ما في حفل تأبين الكبير زيادين، حضور القدس، "عاصمة الدنيا" كما وصفها عضو الهيئة الإدارية لمنتدى بيت المقدس المحامي علاء العسلي، نجل قائد الحملة الانتخابية لزيادين في انتخابات 1956، عندما فاز عن مقعد القدس.

الوصفة السرية للعلاقة الاردنية الفلسطينية جسدها على ارض الواقع الدكتور زيادين، نائب القدس في البرلمان الاردني عن المقعد المسيحي، مثلما قال صاحب الرئاسات الثلاث طاهر المصري في كلمته.

اظهرت الهُويات السياسية المتعددة للحضور في حفل التأبين، ان المخاطر تدفع الناس الى التجمع، وان العناوين الوطنية المحترمة، هي الجامع المشترك لمختلف التيارات والمشارب.

في حفل التأبين المهيب، اكتشف الحضور شاعرا كبيرا في رئيس رابطة الكتاب الاردنيين الزميل الدكتور موفق محادين، عندما أبن زيادين بقطعة شعرية تتواءم مع قامته الكبيرة، حيًا وميتًا، مناضلا في السماكية وعمان والجفر والقدس، وساكنا سفوح شيحان الان (القصيدة صفحة 11).

كل الكلمات التي القيت في حضرة زيادين، كانت معبرة، وواثقة وعميقة، لكن كلمة ابن القدس القادم من ازقتها، كانت بحجم الحضور التاريخي الذي زرعه زيادين في جينات النضال لابناء شعبها، ووحد فيه العلاقة الاردنية الفلسطينية مثلما يريد التاريخ والجغرافيا والمستقبل الواحد، والاحلام التي لا تزيغ يوما عن رؤية القدس محررة، وعاصمة للدولة الفلسطينية المنتظرة.

في الحفل المهيب، حضر كل ما هو جميل في حياتنا السياسية والوطنية والاجتماعية، لكن قيادة الحزب الشيوعي، ومن دون قصد، غيبت صوت المرأة عن هذا الاحتفال، كما غيبته عن احتفال المؤتمر الاخير للحزب، مع ان الحزب الشيوعي كان سباقا منذ الخمسينيات في العمل في الاتحادات النسائية، على عكس ما فعله حزب التيار الوطني في مؤتمره الاخير بتخصيص كلمة لاحزاب المعارضة القتها الامينة العامة لحزب الشعب الديمقراطي الاردني ـــ حشد ـــ عبلة ابو علبة.