صرخه
..:: فقدان المبادرة المكتسبة ::..
مرض اجتماعي يضاف إلى قائمة الأمراض الاجتماعية , التي تعاني منها مجتمعاتنا بكثرة, مرض يعاني منه خصيصا فئة الشباب التي تقع على عاتقها ,مهمة تغيير حياة هذه المجتمعات وتحسن أحوالها والارتقاء بروحها نحو مستويات أرقى.
مرض اجتماعي يمكن إضافته لمرض النزعة الفردية,و مرض إدمان الوسائل العصرية, ومرض البعد عن الروح الوطنية ومرض إهمال الثقافة واعتبارها ثوب قديم أصبح رثا لا ينسجم مع هذا العصر, فعندما نسلط مجهر البحث على شباب مجتمعنا اليوم نجدهم يبتعدون شيء فشيء عن كل ما يندرج تحت مضمون العمل العام ,و ما ندر منهم قد وصلته ثقافة التطوع والعمل الخيري و إن أتينا على معالجة أسباب ومسببات هذا المرض يمكن ان نعدد الكثير منهاو الذي لن تستوعبه مقالة واحدة وهو بحاجة لكثير من البحث والتمحيص ولكن سوف نعمل في الأسطر المقبلة على معالجة بعض منها لعلنا نستوفي باقي الأسباب في مقالات لاحقة .
تعود أسباب غياب روح المبادرة لعدة عوارض يعود القسم الكبير منها للتربية و التربية المدرسية خصوصا فمناهجنا التربوية تعود لما يقارب العشرون عام تم تطوير الجانب الشكلي فيها بدون العودة للمضمون فالحلقات السياسية و الصراعات الفكرية في حياتنا اليوميه وضعت رواسبها في المناهج, والذي لعب دور كبير في عامل الإحباط الشبابي هم المثقفين في القرن الماضي فظهرت بزور التفرقة في عقول أفراد هذا المجتمع وعملت على تفتيت الروح الجمعية والهوية القومية فبتنا مشتتين بين قومي وعروبي و أممي وبين سني وشيعي وأرثوذكسي وكاثوليكي وبروتستانتي وبين ابن الساحل وابن الداخل وابن المدينة وابن الريف وبين اثنيات وقوميات متعدد ومتفرعة ومتضاربة عملت على زرع شعارات براقة تلمع في أفق الفكر وتفتت أساسات المجتمع مم قاد كثير من شبابنا للابتعاد عن أي عمل نتيجة متاجرة كثير من زعماء هذه الاثنيات والأحزاب بجهد الشباب للمصلحة الشخصية فزرعوا بزور عدم الجدوى وأصبح الآن الذي يقوم بعمل جماعي فيما ندر, يقوم به نتيجة إيمان عقائدي أو نتيجة لتربية دينية متزمتة , فغياب النحن الجامعة الموحدة في التربية غيبت عامل الوعي القومي , والإنسان الذي يفقد هويته لا يمكنه بأي شكل من الإشكال أن يحقق الهدف الذي يطمح إليه فالهدف بحاجة لهوية ينطلق منها نحو المستقبل .
فقدان معنى المواطنة أدى لفقدان معنى الوطن وقادنا لفقدان روح المبادرة فجميع الشباب اليوم لا يشعرون أنهم شركاء في هذا الوطن بل إن الوطن أصبح حمل ثقيل على كاهلهم يبحثون عن أي طريقة ممكنة للتخلص منه وكثير ما نلتقي بأفراد من خيرة شباب هذا الوطن همهم الوحيد والأوحد إنهاء الدراسة الجامعية للهرب بأي طريقة ممكنة من الوطن وهمه الثقيل الحمل , و لو قمنا بإحصاء بين طلاب جامعاتنا سوف نجد أن غالبية الشباب يراودهم حلم الهجرة ليس بسبب بلاد الغرب العجائبية وإنما لأنه لا يشعرون بانتمائهم لهذه الأرض .
فان أول شرط لكي تبادر لتحقيق هدف أو مشروع يعود بالخير العام هو أن تشهر بانتمائك لهذا المجموع والتجمع أي لهذا المجتمع فالانتماء هو الذي يصهرك في بوتقة الوحدة ويجعل نشاطك الخير ذو جدوى اجتماعية واقتصادية وروحية , وعدم شعورك بالانتماء يولد لديك السطحية و البعد عن أي شيء يمت للجد بصلة ما .
وإن بحثنا الآن عن أضداد فلن نجد ولكن يوجد في الأفق حل بان نعيد مفهوم التربية الوطنية التي تكرس روح الانتماء لهذا الوطن , لدستور هذا الوطن , لتراب هذا الوطن لناس هذا الوطن, وطبيعته وعلم هذا الوطن, أن نوجد نوع من المناهج قادرة على تربية جيل يحترم في البداية سقف القانون ومرجعه الوحيد دستور بلاده بدون قوانينه الاستثنائية التي ما تزال مستمرة منذ عقود وراح ضحيتها الصالح مع الطالح يجب أن نربي لديهم روح المبادرة وروح النقد البناء يجب أن نربي لديهم جرأة قول|| الا || كقول ||النعم|| يجب أن نزرع في عقولهم إن المسؤولية هي مسؤولية وليست سلطة والسلطة لا تورث أو تمنح بالتزكية او بلترضيه بل نتيجة تعب وجهد وأنها تعطى للشخص المناسب الذي سوف يكون في المكان المناسب .
عندما نقوم بكل هذا يمكن أن نعيد تصحيح الشرخ القائم بين الوطن و شبابه ,يمكن عندها ان يصبح , مرض فقدان المبادرة المكتسبة كسب وليس فقدان .