من حقي ان افتخر بجلالته

أنهى المنتدى الاقتصادي العالمي يوم السبت الماضي 23 من الشهر الجاري، أعماله في منطقة البحر الميت بالأردن، واضعا خطر «داعش» على رأس الطروحات الأمنية والسياسية والمخاطر الأمنية المحدقة بالمنطقة والعالم، وإن ما يمكن استخلاصه من مجمل النتائج التي توصل إليها المشاركون هو غياب الثقة الناجمة عن عدم ممارسة القيم الفضلى للحوكمة، وهو ما نأمل أن يبرز في ممارساتنا على الأرض حين نجري مراجعاتنا ضمن أعمال المنتدى العام المقبل في شرم الشيخ.وحذر زعماء الدول الثلاث، الذين ألقوا خطابات رئيسية في الجلسة الافتتاحية للمنتدى يوم الجمعة 22 ايار، من خطر العنف على المنطقة.

وقال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في خطابه الافتتاحي: إن «العنف الذي يُهدد الكثيرين في منطقتنا هو جزء من هجمة عالمية الطابع على السلام والقانون والديمقراطية والتعايش، ويتطلب هزيمة ذلك نهجا شموليا عالميا يبني على عناصر الأمن، والدبلوماسية، والتنمية، والقيادة الأخلاقية».
و كانت كلمة العاهل الاردني في غاية الدقة من حيث التصويب لمشاكل المنطقة وطرق المعالجة، منطلقا من ايمانه بالمواطن العربي لانه الثروة الحقيقية وأن الاستثمار في الإنسان هو أفضل استثمار في بلد مثل الأردن الذي يعاني من شحّ الموارد والمصادر الطبيعية، وتقع التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي والرعاية الاجتماعية في رأس أولويات جلالة الملك، ويلزمها مناخ يكفل تحقيقها بمختلف وجوهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لتزويد الأردنيين بالأدوات التي تمكنهم من المساهمة في تطوير بلدهم.
وانطلاقاً من هذه القناعة كان النجاح حليف قيادته في مسيرة التنمية الشاملة، التي تتطلب اتخاذ خطوات كبيرة وعديدة، من اجل التحديث والتطوير والتغيير. ولأن الإنسان هو العامل الرئيسي في عملية التنمية، وهو هدفها ووسيلتها.
إن جلالته دائما ما يؤكد على ضرورة إعادة تأهيل الإنسان الأردني لدخول سوق العمل والإفادة من ثورة المعلومات والتكنولوجيا التي تميز هذا العصر، وسعى الى تطوير الاقتصاد وحدد جلالته عدة محاور لتحقيق هذه الرؤية، منها: تحرير الاقتصاد وتحديثه ورفع مستوى معيشة جميع الأردنيين، بما في ذلك تخفيض عبء المديونية وتقليص عجز الموازنة وتبني سياسة اقتصادية تحررية والاندماج في الاقتصاد العالمي وتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية ومحاربة البطالة والفقر.
وتنطلق رؤية جلالة الملك لإحداث التنمية الاقتصادية المستدامة، من تبني مَواطن القوة في المجتمع، على أساس الالتزام بالقيم والبناء على الإنجازات والسعي نحو الفرص المتاحة، لأن تحقيق التنمية الشاملة وبناء اقتصاد قوي يعتمدان على الموارد البشرية، المتسلحة بالعلم والتدريب، التي ستمكّن من تجاوز التحديات والمعيقات بهمة وعزيمة وبالعمل الجاد المخلص لتحقيق الطموحات.
كما ان جلالته يؤمن بأن الأردن هو وارث رسالة الثورة العربية الكبرى، ولذلك يجب أن يظل الأكثر انتماءا لأمته العربية والأكثر حرصاً على القيام بواجبه تجاه قضايا هذه الأمة، وتطلعات أبنائها المستقبلية. وعلى رأس هذه القضايا القضية الفلسطينية، التي هي قضية الأمة العربية الأولى. ومحاربة الفكر التكفيري والقضاء على الارهاب والتطرف بمختلف عناوينه والدعوة الى رفع سقف الحريات وحمايتها، واحترام كرامة الإنسان وحرياته في المعتقد والتفكير والتعبير والعمل السياسي.
إن الحديث عن كلمة جلالته في افتتاح المنتدى الاقتصادي العالمي يوم 22 من الشهر الحالي يحتاج الى الكثير من البحوث والدراسات من أجل تحقيق الرؤية الملكية السامية في تطوير كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للاردن، ورعاية الإنسان وتطويره لمواكبة التفجر العلمي ومواكبة التطورات العلمية المتسارعة.
ومن هنا تأتي أهمية البلدان ووزنها على الساحة الدولية، فمكانة الاردن مستمدة من كونها هي مركز العروبة، بقيادة ملك شجاع ذو رؤية مستقبلية لاحدود لها لانه «الانموذج القيادي المتكامل»، نعم تكاملت به كل الصفات القيادية من « الايمان بالله والنسب العربي الشريف وشجاعة الفرسان والقيادة والثقافة والحكمة «، ومن يعيش في الاردن او من يتابع شأنها يرى النمو والتطور الصاعد في كل مجالات الحياة.
لقد شهدت الاردن في ظل قيادة جلالته توسعة هائلة لم تشهدها عبر التاريخ، شيدت المدن الاقتصادية في جميع أنحاء المملكة وشهد قطاع التعليم توسعاً لم يشهده تاريخ المملكة منذ تأسيسها وتوسعت رقعة التعليم العالي أضعافاً مضاعفة، وفتحت أبواب كثيرة للشباب الاردني داخلياً وخارجياً، وشهد ت كل القطاعات الاخرى قفزة نوعية وبنسب كبيرة.
نعم هذا هو الملك عبدالله الثاني ربان السفينة الذي يحب شعبه واحبه، يستمد قوته من الله، ثم من المواطنين. وأنا كمواطن عربي دائما اتفاعل في قراءات جلالته السياسية والاقتصادية لان كلامه يعبر عن الرؤية المستقبلية لعمليات البناء الفوقي والتحتي سوى للاردن او لبقية البلدان.
لذلك من حقي كعربي ان افتخر بجلالته لاني اعتبره مصدرا للطاقة الايجابية فهو دائما يحث على الأمل والثقة حتى في أكثر الأوقات صعوبة وخطورة. لانها نتاج الايمان المطلق بالله عز وجل، وانتمائه الأصيل لرسالة آل البيت الأطهار. وبكل صدق، هي نتاج أيضاً لثقته بالأردنيين، ورهانه الدائم على أصالتهم وعلى جوهر معدنهم والتفافهم حول راية الوطن.
نعم ايها الاخوة، الأردن الان اصبح «انموجا» والرقم الصعب في كل المعادلات الإقليمية لانه نتاج حالة فريدة من الالتحام العفوي بين الأردنيين وقيادتهم، وهذا الواقع أدهش العالم كله، وأصبح حديث الإعلام العربي والعالمي.حمى الله الاردن ملكا ووطنا وشعبا وحفظه من كل مكروه.
* صحفي عراقي