الأردن للجميع.. والجميع للوطن

ونحن نتفيأ ظلال يوم الاستقلال الذي احتفلنا به جميعا قبل يومين، من واجب وطننا علينا أن نكون مواطنين أكثر انتماء، نخاف على الوطن، نرعاه بالعيون، نحرسه من سوء الآخرين وسيئات أعمالنا.
والاستقلال لا يعني فقط ضرب الكف بالكف، أو سماع أغنية وكفى، وإنما في جوهره مواطنة وانتماء، انتماء من خلال رعاية الوطن والحفاظ عليه، وتعزيز استقلاله، ورفض التعرض لبنيته الأساسية وهي الوحدة الوطنية، فالاستقلال لا يكتمل إذا نهشنا وحدتنا الوطنية أو أثرنا بين أبناء الوطن الواحد أحقادا مذهبية أوعنصرية أو طائفية أو إقليمية أو جهوية.
حتى يكون الاستقلال دوما مزدهرا مشرقا مشعا، فإن المحافظة عليه تأتي من خلال تعزيز ذهابنا للدولة المدنية الدولة الحضارية، ونفض الأفكار الجهوية والقبلية التي لا تستقيم مع وجود الدولة، فالدولة سادتي في مفهومها المتعارف عليه هي تطور طبيعي لما بعد العشائرية والجهوية، وبالتالي فإننا عندما نتحدث عن الدولة فإننا بالضرورة نعني مفهوم ما بعد الفكر العشائري الجهوي الضيق، مع احتفاظنا جميعا واعتزازنا بكل عشيرة أردنية فكلنا ننتسب لعشائر وكلنا أبناء لها ولكن حتى نذهب في بناء دولتنا الحديثة علينا أن نترك ذلك جانبا ونذهب لبناء الاردن الذي نريد، الأردن الحضاري الوطني المدني العلماني المتطور الديمقراطي العصري الذي يقبل التنوع ويرفض التقوقع، الذي يحترم الرأي الآخر ويترك له مساحة للحوار، الذي يؤمن بتنوع الأديان، ولا يقصي دينا لحساب آخر، الذي يؤمن بحقوق المرأة ويعزز تواجدها في مفاصل العمل، الذي يؤمن بالمواطنة والعدالة والمساواة ويحارب الفساد والإفساد ونهب المال العام.
هو ذاك الأردن الذي نريده والذي نسعى للوصول اليه، ولأننا نحب أردننا فإن من واجبنا مواصلة السعي لتحقيق ذاك، وإزاحة كل العراقيل التي تقف في الطريق، وهي عراقيل يتشبث بها أصحاب الأفكار المتطرفة الرجعية الذين تقوقعوا دينيا أو عشائريا، والذين يحملون أفكارا ترفض الآخر وتسعى لاقصائه، أولئك الذين يعتقدون انهم فقط من يحبون الأردن ويخافون عليه وهم في حقيقتهم طالما استفادوا منه، ويهاجمون الدولة عند أول منعطف لا قدر الله، أولئك يحرصون دوما على إثارة أفكار طائفية حينا وإقليمية حينا وإقصائية حينا، ليس حبا بالأردن وإنما خوف على أنفسهم ومصالحهم. مثل أولئك دمل ينزف في الظهر يتوجب بتره ورفض وكنس أفكارهم من العقول، هم طابورنا الخامس الذي يتوجب علينا جميعا كنسهم من ثنايا المجتمع ومن زوايا الدار.
لأنه الأردن ولأننا نحبه، ولأنه استقلال وطننا الذي نحب، فإن هذا الوطن المعطاء من حقه علينا أن نكون صرحاء في حضرته، حريصين على يوم استقلاله، وعلى وحدة أرضه وشعبه ونسيجه الاجتماعي والثقافي والإنساني، فالأردن في يوم استقلاله يتباهى بفسيفسائه المتنوعة، والجميع تحت سقف الوطن يحبونه ويخافون عليه.
أما اولئك الذين يقفزون كما سم الثعبان بين فينة وأخرى للنيل من وحدتنا الوطنية فإن من واجبنا جميعا رفضهم وكنسهم والقضاء عليهم فكرا ووجودا وتمددا، وليس هذا فقط وإنما ملاحقتهم قانونيا، وأعتقد ان الدولة قادرة على ذلك، والأجهزة المعنية لديها القدرة على كشف أولئك الصغار وتقديمهم للعدالة بحكم القانون الذي يجرّم ويحرّم ويلاحق كل من أثار فينا نعرات طائفية أو إقليمية أو عنصرية.
ولأنه الاردن الغالي الكبير دوما، فهو سيبقى لنا نحن الذين نحبه لأنه وطننا الذي نحب، فهو بالنسبة لنا "أردن أرض العزم أغنية الضبا نبت السيوف وحد سيفك ما نبا... في حجم بعض الورد إلا أنه لك شوكة ردت إلى الشرق الصبا". وكل عام ووطننا بألف ألف خير.