«السعادة»!


اذكرُ في الصف الخامس وفي الحصة الأولى بالتحديد, اذكرُ أن معلم الرياضيات الأستاذ (خليل) طلب منا أن نحل اللغز الأتي: ما هو الشيء إذا ما قسمناه على اثنين يزداد؟ طبعا ثقافتنا العامة تؤكد أن كل شيء نقسمه على أثنين ينقص, بصراحة وباختصار شديد كانت إجاباتنا وبعد التفكير المطول وقتها تدور حول (السر), ..كان المعلم يؤكد أن هذه الإجابة خاطئة, ..طلب منا البحث عن الإجابة, قائلا أن الإجابة على مثل هذا السؤال يحتاج إلى خبرة طويلة في الحياة.
في الحصة الثانية دخل معلم العلوم وللأسف غاب اسمه عني, وطرح سؤالا كان نصه, كيف تخرج أجنة الطيور من البيضة عند اكتمال نضجها؟ مع العلم أن قشرة البيضة قاسية نسبيا وهي من مادة الكلس, جميع الطلاب اجمعوا على أن الأم(الأنثى) الحاضنة للبيض تقوم بضرب البيض الذي اكتملت أجنته بمنقارها فتخرج الصغار, ..أكد لنا معلم العلوم وقتها أن هذه الإجابة غير صحيحة.
أما في الحصة الثالثة فقد دخل علينا معلم الرياضة راكضا, وبعد أن ضبط أنفاسه, قال الشيء الغريب العجيب أن لاعب الكرة ينتحر من اجل الإمساك بالكرة, وبعد الإمساك بها يقوم مباشرة بركلها والتخلص منها!..وأردف قائلا لكن تصورا يا أبنائي لو لن كل لاعب امسك بكرة وبقيت معه!
مصطفى محمود (1921- 2009)، فيلسوف وطبيب وكاتب مصري معروف لدى للجميع, اشتهر من خلال برنامجه الشهير (العلم والإيمان), كان ملحدا واسلم, ويقال والله اعلم أن سبب أسلامة, كان نتيجة لتوصله لحقيقة كانت حول كيفية خروج أجنة الطيور من البيضة بعد اكتمال نضجها,.. فقد توصل إلى أن أجنة الطيور وبعد اكتمالها داخل البيضة تبحث عن اضعف نقطة على قشرة البيضة من الداخل وتضربها بمنقارها فتنقسم القشرة لتخرج طيورا صغيرة «سعيدة» , تخرج ناطقة بإذن الله (دون أن تدخل معاهد اللغات) بأصوات الانتصار.
«السعادة» يا معشر القوم ليس في المال أو الجاه أو السلطة أو الشهادات أو..., إنما ماذا نفعل بكل ذلك, وحتى نكون «سعداء» نقول لمعلم العلوم علينا أن نبحث جادين في جميع سياستنا التعليمية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك علينا أن نبحث عن نقاط الضعف فيها ونلامسها ملامسة حقيقية لنحدد بالضبط المشكلة ونعمل على حلها لنخرج منها أقوياء معافين, فالخبرة التي لا تقتلنا تقوينا, كل ذلك من اجل أن نحقق السعادة لنا وللأجيال القادمة, ونقول لمعلم الرياضيات كل شيء إذا ما قسمناه على اثنين ينقص إلا «السعادة» فإنها تزداد, وأخيرا نقول لمعلم الرياضة بجهود الجميع تلتف الكرات فتتحقق «السعادة».