حزب «جبهة العمل الإسلامي» بين الوطن ومواطنيه

هل في انتفاء الحزب السياسي الوحيد في البلد ودحضه وتدميره مصلحة لأحد، وهل في تعنّت بعض قياداته مصلحة له أيضا، ما يقاسيه حزب جبهة العمل الإسلامي هذه الأيام ليس بغريب؛ فمنذ عقود يعاني الحزب أزمة عمودية وأخرى أفقية؛ أزمة تتجسد على هيئة صراع داخلي بين متشددين وبين متخففين من الذين يَقبلون الآخر ويُقبلون عليه أمثال: العكايلة وعربيات والفلاحات.

ومن جهة أخرى بات الحزب اليوم يعاني للأسف أزمة محاصصة إقليمية وأخرى عُمرية بين شِيبه وشبابه، أزمة تخص أولويات كل طرف والملفات التي يرغب في استعجالها والتعامل معها، فلا الحزب تقدم في طرحِه فواكب المستجدات وأراح النظام وطمأنه، ولا هو استطاع تحقيق طموحاته من تغيير في مجتمعَه لحساب تنميته ورقيّه، هذا إذا ما علمنا أن الحزب نفسَه قد قلّص – بسبب تزمّت قياداته- شعبيتَه وأطاح بها حتى النصف، فما ينقص الحزب والمعادين له اليوم هو أن يلجأوا لطورٍ جديد من المواجهة؛ طورٍ لا يعرف كسر العظم واتهامه بالعمالة للخارج.

فعلى سبيل المثال يدّعي الحزب أنه يملك برنامجا إصلاحيا رؤيويا سينقذ البلد ويحميه من براثن الغابر ومؤشرات القادم السلبية، في حين يرى الآخرون أن الحزب صاحب أجندات خارجية ستذهب بالأردن وتعبُر به حيث بؤرة الطحن الواقعة اليوم، وأنه – أي الحزب- فشل في فرص كثيرة أُتيحت له كي يذهب مع الآخر والنظام فيقنعه هناك بدلًا من التمترس طويلًا خلف أسوار لم يعد أحدٌ يريد أن يقفز إليها؛ فمنذ انتخابات 1989 وحتى حكومة دولة عون الخصاونة والفرص تتوالى إلى مائدة القيادة الإخوانية التي ترفض المشاركة في الحكومة أو أنّها تقبلها بشروط شبه مستحيلة، فبقيت بعيدةً تبعث على اللااطمئنان مثيرةً الشّك حول حقيقة موقفها ومدى حرصها الذي تدّعيه على الوطن والمخاطر التي تحدق به، وهو ما يسهل تاليا تأليب الجمهور وإقناعه بتبنّي مواقف ضدها. اليوم تكمن مسؤولية حزب جبهة العمل الإسلامي في مواجهة خطر الإرهاب المعمَّم بالإسلام؛ إذ عليها أن تستجيب لشرطها الذاتي وسياقاتها التي تعيش فيها وتعيد تعريف الجهاد والإرهاب لجمهور تتلاعب به "الميديا" وتدفعه التفسيرات الدينية والفتاوى في كل الاتجاهات التي يرغب فيها أو لا يرغب.