الأردن .. بين الاستقلال والاستقرار

يبقى الأردن رائداً للتاريخ , مركزاً للثقل , مرجعاً للعرب , في ذكريات الاستقلال نبوح بتاريخ كتب بدماء الأجداد , نهض صوت ينادي من بطحاء مكة الى حلب الشهباء «طاب الموت يا عرب « , خرج طلائع الثوار زحفوا لتحرير إرادة الأمة , من وهن الفقر , وضعف الجهل ومرارة المرض , رفعوا رايات الحرية والكرامة والحياة الأفضل , أشرقت مبادئك يا وطني طاهرة الأهداف , نقية التطلعات , سامية المعاني , طموحة الآمال , ثاقبة الرؤيا .

اختزلوك , تآمروا عليك , تقاسم المنتصرون الغنائم , وضعوك تحت نير الاستعمار الإنجليزي بعد أن خرجنا من الاستعمار التركي , بقينا نرزح تحت نير الاستبداد فترة من زمن القهر و الاضطهاد , الى ان هيأ الله لنا قائداً , دستوره القرآن نهجه الإيمان , رسالته الوسطية والاعتدال , بدأ الملك المؤسس صياغة عقد فريد , كأحد حكماء الأمة , وعالم من علمائها , وفارس من فرسان الأدب والشعر والتاريخ , أرسى مبادئ الحكم الرشيد , وضّد الأمن , أنشأ الجيش , نظم المؤسسات , أنتزع الاستقلال , انقذ شرق الأردن من وعد بلفور , عندما حان موعد الشهادة في أطهر بقاع الأرض , في ساحة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين , فاضت روحه الطاهرة إلى ربها راضيةً مرضية .
هذا الوطن باقٍ , مستمر , ترعاه عين الله , تحرسه الملائكة , طاهر الأرض , نقي الشعب , تواصل الإنجاز , وامتد العهد , نهض الملك الراحل العظيم يحمل سيف الحق وقلب الشجعان , تحدى الخطوب , وتغلب على المخاطر, ذلل الصعاب , تجاوز الأزمات , نال المجد , خلّده التاريخ, رفعَ رايةً نسجت من ضفائر أمهات شهداء القدس , وسهول حوران , وجبال شيحان , ومضارب البادية , خاض كل معارك الأمة الطاهرة , على أسوار القدس , حول سفوح الكرامة , وفوق هضاب الجولان , بنا وطنٌ مهيب الجناح حرام الحمى , أستحوذ على القلوب , هتف له الأطفال , أنقاد إليه الرجال بطيب خاطر .
يواجه العالم بركانا ضخما من الثورات وحركات الإرهاب , ومنظمات التطرف , يحمل بقايا دول مدمرة , وركام أنظمة محطمة , وأطلال زعامات ارهابية , يشاهد صور صادمة من الرؤوس المقطوعة والأشلاء الممزقة , والأطراف المتناثرة , خلال هذه الظروف المعقدة , والأزمات الصعبة , يظهر الملك عبدالله الثاني , يترك بصمات عهد جديد , يتميز بمعجزة حماية الاستقلال , يحقق مفاجأة الاستقرار , يعالج الأورام السرطانية , يقود التحديث السياسي , يبقى الأردن آخر القلاع الصلبة , على تخوم النقاط الحصينة , في طليعة العالم , لمحاربة بشاعة الإرهاب , ووحشية التطرف , وتبرز عظمة الأردن ليعمل بدلاً من المجتمع الدولي , لاحتضان كل المظلومين , يأوي ألوف اللاجئين , استجارت به شعوب أصبحت بلا أوطان , ويحرس حدود دول أصبحت بلا شعوب , يحافظ على الكرامة الإنسانية , ويحترم القوانين والأعراف الدولية , يعزز الروابط القومية , في عهد الملك عبدالله الثاني تزداد صلابة الصخرة الأردنية , تقوى أشواكه الصحراوية , ينهض كأصلب الرماح وأقوى السيوف وأعلى الجبال , يشرق كالبدر في سماء المحيط المظلم , تهبُ عليه نسمات البرد والسلام , تسير قافلة الاستقلال بين ضفاف الأمن والاستقرار .