حقيقتان في ذكرى الاستقلال

الصدق في الاحتفال بعيد استقلال الوطن، يقتضي من كل منصف، الاقرار الكامل بحقيقتين اساسيتين، وبالذات، في هذا الزمن العربي الملتبس، وعنوانه الفوضى والاقتتال والتشرد، وتعاظم المطامح الاقليمية والدولية، في هذا الجزء الحيوي من هذا العالم.

الحقيقة الأولى:
الاقرار بفضل الله تعالى اولاً، ثم بفضل الهاشميين الأخيار، في احراز الاستقلال الوطني، وسط ظروف صعبة وشاقة تتشعب فيها اطماع المستعمرين ومخططاتهم، وتشرذمت فيها الامة كما هو حالها اليوم، وعلا فيها صوت الحناجر وحسب، ليبرز النهج الهاشمي الاصدق والانبل مدعوما بجند الحق من احرار الاردن والعرب والمسلمين، وليتحقق الاستقلال بنضال وطني مشرف لا يمكن لاحد المساس بشرفه ونقائه مهما حاول تزوير الحقائق، فما هو ماثل اليوم من حال العرب، وتميز الاردن وسط هذا الحال، هو الدليل العملي المشهود على نبل نضالات اولئك الاحرار الذين ما ترددوا ابدا، عن الاخلاص الامير لكل ما هو عربي واسلامي وانساني، في مشهد قدموا خلاله التضحيات وما زالوا بسخاء ونزاهة وتجرد لا يبغي سوى مرضاته جل في علاه، والدفاع عن حق الامة وحريتها وكرامتها، ومستقبل اجيالها، فالرحمة لمن قضى راضيا مرضيا منهم، والعافية لمن هو حي يرزق، وفي الطليعة منهم، الصيد من آل هاشم الكرام.
الحقيقة الثانية:
الاقرار بحكمة وشجاعة وبعد نظر جلالة قائد الوطن، الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ايده الله، في صون الاستقلال وتعظيم اركانه، وتحصين القرار الوطني في مواجهة الاطماع والطموحات الخارجية التي تتجافى مع المصالح الوطنية الأردنية تحديدا، ومع المصالح العربية والاسلامية كذلك.
ان ما ينعم به الاردن اليوم من امن واستقرار وسط النار وعند حوافها في اقليم ملتهب مضطرب، وما يحظى به الاردن الصغير حجما الكبير معنى وحضورا لدى اوساط الدنيا بأسرها، ليسا ولا يمكن ان يكونا نتاج الصدفة او الحظ، وانما هما ثمرة طيبة لنهج طيب كريم يختطه جلالته في الداخل والخارج على حد سواء، وهو نهج محترم جنب الاردن الحر المستقل شرورا ومصائب وما زالت رهانا خائبا لبعض الخصوم والحاسدين، حتى لقد غدا الاردن الآمن والمستقر مثلا لاعجاب مختلف الاوساط العالمية، الكبير والصغير منها على حد سواء.
وهو نهج صائب محترم كذلك، مكّن الاردن بمقدراته الطبيعية المحدودة، من استيعاب سائر مخرجات الحروب المستعرة التي عجزت عن استيعابها قوى عظمى وأخرى ذات مقدرات لا حدود لها، مثلما حافظ على استمرار تقدم المسيرة الوطنية ذات القرار الوطني الحر، وبوصلته المصالح الوطنية الاردنية على اختلاف مستوياتها، والمصالح القومية في اللحظة ذاتها.
ان هذا النهج الوطني والقومي والانساني الرائع الذي يختطه جلالته هو من اهم شروط صون الاستقلال الوطني وهو وبامتياز ومهما حاول المتنطعون لي عنق الحقيقة، انجاز وطني اردني هاشمي يصعب ان يتحقق لغير الاردن، عطفاً على ما يشهده الاقليم من حروب مستفحلة لا تترك للمتابعين والمخططين لالتقاط الانفاس، في زمن غدا فيه الاردن، واحة لجوء آمن وعيش كريم للملايين الفارين بأرواحهم واعراضهم من اهلنا العرب بحثا عن الملاذ والمأوى الكريم بعد أن فقدوه في اوطانهم الام.
ان عيد استقلال الوطن، قيمة وطنية خالدة، تقتضي من كل مواطن منصف، ان يحمد الله العلي القدير اولاً، ثم ان يعظم التفافه حول الوطن، بكل مكوناته، وان يعزز اخلاصه للمسيرة الوطنية بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، وان نلفظ جميعا من بين صفوفنا، كل مشكك او ساعٍ لغرض خاص، فالاردن الحر المستقل الآمن، امانة في اعناق الجميع، وحتى وان ضاقت علينا سبل العيش احيانا، فليس في ذلك اي مبرر لنقمة او احباط، عندما نلتفت في كل الاتجاهات ونرى حال اهلنا العرب، لنحمد الله كثيراً على كريم نعمه، ولنعزز صادق انتمائنا لهذا البلد الذي يرى فيه العالم كله، حالة نادرة من الاستقرار والتقدم والامن، وسط بحر من النار والدماء والقتل والدمار، ولا حول ولا قوة الا بالله.
حفظ الله الاردن، وصان استقلاله من كل عبث، وتهنئة خالصة لجلالة قائد الوطن الغالي، والاسرة الهاشمية الكريمة وشعبنا العربي الاردني الواحد العزيز، وكل عام والأردن بألف خير.