العراق الى أين ؟!

يبدو ان الحدث ألابرز في الأخبار الواردة من العراق هو تقدم تنظيم الدولة "داعش " الرديكالي ،بمناطق واسعة بغرب العراق فهو بعد سيطرته على اجزاء واسعة من محافظة الأنبار التي تشكل مايزيد على 30% من مساحة العراق الأجمالية أستكمل بالأمس السيطرة على الوسط الحيوي للمحافظة وهي مدينة "الرمادي " ، هذه الأحداث والتداعيات بمجملها ووفق نتائجها الخطرة المنتظرة ألقت بظلالها بشكل واسع بتسأؤلات وتكهنات عدة على الساحة السياسية والعسكرية وفي الشارع العراقي خاصة ،وعلى معظم المتابعين للشأن الداخلي العراقي وخصوصآ بشقيه الأمني والانساني ،فاليوم شكل تمدد التنظيم الرديكالي بشكل دراماتيكي متسارع باجزاء واسعة من غرب العراق وسط انهيارات شاملة بصفوف الأجهزة الأمنية هناك شكل بمجموعة واقعآ جديدآ لمجمل الشكل العام للخارطة الامنية والعسكرية العراقية ،وأعاد تشكيل واقع جديد لمجمل نتائج واهداف وخطط المعركة وأتجاهاتها .

فاليوم ،لايمكن الحديث أبدآ عن حلول تجميلية سريعة لأخفاقات القوى الأمنية العراقية بالأنبار ،ولا يمكن كذلك القاء اللوم على امريكا وبعض حلفاؤها الذين يدعون اليوم كذبآ انهم يشاركون بالحرب على هذا التنظيم ،فواشنطن اليوم وبعد ان قامت بأعادة دراسة لأستراتيجيتها للحرب بالعراق ،يبدوا ان دوائر صنع القرار الرسمي فيها اليوم تصر واكثر من أي وقت مضى على تقسيم العراق وان أخفت وانكرت ونفت هذا الحديث ،وهنا طبعآ لامريكا مصلحة خاصة بتقسيم العراق وتفتيته خدمة لمشاريعها التفتيتيه التي تخدم بالضرورة المشروع الصهيو-امريكي بالمنطقة العربية، وبالعودة الى الشق الأمني الداخلي العراقي فقبل عدة ايام كنا نسمع عن استعدادت كبرى لمعارك ستنطلق باقصى شمال العراق "الموصل "تقودها الحكومة العراقية وبدعم محلي ودولي واقليمي وقالت الحكومة حينها أنها اتمت الاستعداد والتجهيز والعدة لمعارك كبرى بمدينة "الموصل "وسمعنا أننا سنعيش تفاصيلها قريبآ كما سربت وسائل الاعلام ونقلت عن مسؤوليين عراقيون ،ولكن كانت الصدمة وحالة الانهيار ألامني بمدينة الانبار التي تلقاها الشارع العراقي والدولة العراقية بكل اركانها ومكوناتها ،بمثابة النكسة الأولى لمشروع معركة مدينة الموصل المنتظرة منذ حين.


فاليوم ،من الواضح ان تقدم التنظيم الرديكالي بمدينة الانبار وضع خيارات حكومة السيد العبادي ضمن نطاق ضيق وضيق جدآ ،فما جرى بمدينة الرمادي بالأمس من حالة أنهيار سريع لمنظومة الاجهزة الأمنية هناك،انما هو دليل على ضعف وتضعضع هذه المنظومة بشكل كامل بعموم هذه المنطقة وهذا الأمر قد ينسحب على مناطق أخرى بالدولة العراقية ،وهذا ما يستوجب اليوم من الحكومة العراقية أعادة دراسة شاملة وكاملة لمجمل ملفات المنظومة الامنية والعسكرية بالاعتماد على قدراتها الذاتية وعلى قدرات الداخل العراقي وعدم الارتهان وأنتظار ما سيقدمه الاخرين خارج العراق للعراقيين،فاليوم أصبح تنظيم الدولة "داعش "الرديكالي على بعد عشرات الكيلو مترات فقط من مشارف العاصمة بغداد وهذا الامر ينسحب كذلك على عدة مناطق بجنوب العراق ،وهذا بدوره سينعكس على معارك التنظيم بمناطق واسعة من شمال وشمال غرب وشمال شرق العراق وخصوصآ بمحافظة صلاح الدين التي تشهد اليوم معارك كبرى بين التنظيم والجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي .

المرحلة الحالية بكل تجلياتها تؤكد ان المعارك ما زالت تدور على الارض وبقوة وزخم اكبر ، ومع دوي وارتفاع صوت هذه المعارك، يمكن القول أنه بهذه المرحلة لاصوت يعلو على مسار الحسومات العسكرية لجميع الاطراف المقاتلة على الساحة العراقية،فاليوم التنظيم يحاول اثبات وجوده من جديد على الساحة العراقية ومن خلال عمليات انغماسية كبرى يقودها بمناطق واسعة بشمال وشمال غرب وغرب العراق ، فالمعارك تسير بعكس عقارب مساعي الحكومة العراقية الساعية لحسم سريع لمعظم ملفات المعركة،اليوم نرى ان التنظيم يقوم بحملة من التصعيد العسكري غير المسبوق على مختلف الجبهات العراقية المشتعلة،وهذا مايؤكد حتمية ان التنظيم مازال يناور بورقة خيارات الحسم الميداني وميزان القوة بالميدان لأثبات وجوده كطرف قوي مازال موجودآ وبقوة بالساحة العسكرية العراقية .
وهنا يمكن القول من الواضح ان ألاحداث الاخيرة التي جرت بالعراق وخصوصآ بعد تقدم التنظيم الرديكالي بمناطق واسعة مؤخرآ بغرب العراق من الواضح أن هذا التقدم سينعكس على حجم الأهداف المطلوب تحقيقها بالعراق من قبل بعض القوى الاقليمية والدولية وهو ما سيسقط بالمحصلة مجموعة من الرهانات المتعلقة بكل ما يجري في العراق، وهي أهداف تتداخل فيها حسابات الواقع المفترض للاحداث الميدانية على الارض مع الحسابات الامنية والعسكرية والجيو سياسية للجغرافيا السياسية العراقية وموازين القوى في الاقليم مع المصالح والاستراتيجيات للقوى الدولية على اختلاف مسمياتها، كما تتداخل فيها ملفات المنطقة وأمن اسرائيل والطاقة وجملة مواضيع اخرى ليس اولها ولا آخرها الرهان على دور ما لأمريكا في المرحلة المقبله قد يقلب المعادلة في المنطقة وفي العراق تحديدآ ويعيد خلط الاوراق فيها من جديد إلى أقصى الحدود ،وهذا مايوحي بمسار تعقيد شائك دخله مسار المعارك والحروب المجتزئة بالداخل العراقي .


وبالعودة الى الشق الأنساني بالداخل العراقي وهم الاهم ومحور حديثنا هنا،فما زال مسار المعارك على الارض العراقية يلقي بظلاله الماسأوية والمؤلمة بكل تجلياتها على المواطن العراقي المتأثر بشكل مباشر من نتائج هذه المعارك ومساراتها الملتويه ، فما زالت نار الحرب واعدامات الميدان والتصفية بالمقار الأمنية ودوي المدافع وهدير الطائرات تضرب بقوة بمجوعها كل مقومات العيش بحده الادنى للمواطن العراقي وخاصة بمناطق غرب العراق،والناظر لحال الكثير من العراقيين اليوم داخل وخارج العراق،يعرف حجم المأساة التي يعيشها المواطن العراقي فاليوم بالعراق هناك مدن بأكملها لايوجد بها لا ماء ولاكهرباء ولا حتى طحين وان وجد الطحين يوجد بشكل مقنن ويستفيد منه بشكل واسع ما يسمى "بتجار ألازمة او تجار الحرب العراقيين"لا فرق بذلك كما يقول العراقيين ،فهؤلاء هم جزء من الحرب ومن منظومة الحرب بالعراق ولكن بوجوه وصور مختلفة ،ومن هنا فمن الواضح من حجم الدمار والخراب وحجم الدماء والدمارالهائل التي دفعه العراقيين كنتيجة لمايجري بالعراق، ان الخاسر الوحيد منه ومن كل ما يجري بالعراق هو الشعب العراقي والشعب العراقي فقط .


ختامآ ،ان تطورات الساعات الاخيرة بالعراق ،تؤكد بما لايقبل الشك ان مسار المعارك والحرب بالداخل العراقي ستستمر ألى عام اخر على الاقل بنفس وتيرتها التي نعيشها اليوم ، وإلى ذلك الحين سننتظر مسار المعارك على الارض لتعطينا مؤشرات واضحة عن طبيعة ومسار وتأثيرات ونتائج المعارك على الأرض العراقية ،وتأثيرات هذه المعارك على الشعب العراقي الخاسر الوحيد من مسار هذه الحرب المفروضة عليه،وهنا اود ان اطرح سؤالآ ليترك برسم الاجابة عند العراقيين ،ومضمون السؤال هنا موجه لكل مواطن عراقي على امتداد الجغرافيا العراقية وخارج هذه الجغرافيا ،وهو العراق الى اين يتجه ؟ ........