تصرفات الاطباء الانشقاقية والمخربة (Disruptive physicians)

قبل ثلاثين عاماً عرفت الادبيات الطبية ما يسمى بالطبيب المخرب او الانشقاقي. وحتى اليوم ونحن في القرن الحادي والعشرين فان هناك ادراكاً حسياً بان هذه الصفة لا تزال موجودة وبشكل زائد واصبحت مشكلة ليس للطبيب فقط لكن للمريض ايضاً. ولا نعلم ان كان تصرف الطبيب المخرب هو نتيجة المبالغة في الملاحظة او ارتفاع درجة المراقبة لديه. باعتقادي اهم اسبابها كون معظم الاطباء يمارسون مهنتهم بطريقة غير احترافية. ففي عام 2006 صدر تقرير اعده كلاً من الاطباء (Leupel L – Frosmon JA) ونشر في مجلة (Ann. Intern. med) الطبية الامريكية. وقد ذكر التقرير ان نسبة الاطباء الذين يتصرفون بطريقة غير حرفية يصل الى 25% وهي تصرفات تؤثر على نوعية العناية الطبية المقدمة للمريض. اذن فان التصرف المتغير من قبل الطبيب المعالج قد تم وصفه بانه غير مقبول ويعكس سوء استعمال الطبيب لطرق تعامله مع المريض وعائلته. كذلك يعني اسلوب تفاعل وتعامل الاطباء مع بعضهم البعض وكذلك مع الكوادر الطبية الاخرى الذين يعملون معهم. ان كل ذلك يؤثر على الرعاية والعناية بالمرضى كما ينعكس سلباً على الفريق الطبي الذي يعمل في جميع انواع الرعاية الطبية لهذا كله سمي بالمخرب. اما الغاية من ابداء هذا الرأي فهي تعزيز الفهم لدى الاطباء للتخلي عن تصرفهم الانشقاقي المخرب مما يساعد على تكوين ارشاد ودليل واضحين حول احسن الاساليب لمخاطبة الاطباء حول تحسين تصرفاتهم، كذلك شرح اهمية الدور القيادي للطبيب من اجل تنمية ثقافته والابداع في فنه الطبي لتتصف بالأمان ودوره الانساني. وفي عام 2008 قامت لجنة صحية امريكية مشتركة التخصصات بتقديم بحث وخارطة طريق اوضح حول موضوع الانشقاق والتصرف غير ملائم. ولقد صورت التصرفات غير مقبول بعدة أشكال: حالة الغضب واستخدام الالفاظ الفظة، والتهديد العدائي والتصرفات السلبية كرفض القيام بالمهمات المطلوبة من الطبيب وعدم استعداده للتعاون. وقد لاحظت تلك اللجنة بان معظم الكوادر الطبية المساعدة يهتمون بمرضاهم اكثر من هذا الصنف المخرب من الاطباء. اما الذين يظهرون تصرفات تهديدية غير مقبولة قد يكونوا سبباً في تحطيم ثقافة وتهديد امان وسلامة المؤسسة الطبية التي يعملون فيها. في 1/7/2012 قامت اللجنة المشار اليها بتعديل هذا الوصف وازالة مصطلح (التصرف المزعج غير ملائم) واستبداله بمصطلح (التصرفات التي تهدد وتتلف ثقافة الامان والسلامة). والعودة لتقرير 2008 حول تقييم الكوادر الطبية وعددها (2846) بالإضافة الى (944) طبيباً، و (142) ادارياً في مائة مستشفى، تبين بان هناك نسبة عالية منهم يشعرون بالإحباط والكآبة وعدم التركيز على عملهم بسبب التصرفات المزعجة الصادرة من الاخرين. كما ان الاخطاء الطبية وصلت الى 31% ووضع استبيان يحتوي على (2011) سؤالاً وجه ل (523) من الاطباء المتمرسين و (21) من الكوادر الطبية في تخصصات مختلفة: الاسئلة تتعلق بموضوع تصرف الاطباء المزعج (1) التعليق والرد على الاهانات الموجهة لهم، (2) عدم تفهم التعاون مع الاخرين، (3) التحدث بصوت عالِ. (4) الغضب. (5) العنف. (6) الالفاظ. وقد تبين ان 71% من الاطباء واجهوا تصرفات سيئة اكثر من مرة خلال شهرين من عملهم وكان التصرف الازعاجي بنسبة اكبر بين الجراحين واختصاصيي التخدير والنسائية والتوليد. ويحدث بنسبة اكبر في مناطق مغلقة ومعقمة داخل المستشفيات كغرف العمليات، ووحدات العناية الحثيثة والطوارئ. وبداية عام 2009 قامت اللجنة المذكورة بوضع مجموعة قواعد سلوكية وارشادية تحدد التصرفات والسلوكيات وكيفية معالجتها والتعامل معها. وقامت معظم المستشفيات بهذا الاجراء. اما «مجلس الاعتراف والقبول للخريجين من الكليات الطبية « (Accreditation Council on Medical Education) فقد وضع اسساً مهمة لقبول الاطباء للعمل (1) الاهتمام بالعناية الشاملة والتامة بالمريض. (2) المعرفة الشاملة للمعلومات الطبية والسريرية. (3) التدريب الاساسي المستمر واتقانه. (4) المهارة والبراعة في العلاقات بينهم ومع المرضى وذويهم والكوادر الطبية. (5) الاحترافية. هذه المعايير تشكل اساساً هاماً لمواصلة الممارسة الطبية الصحيحة. كما ان التقييم المستمر تمكن المؤسسات الطبية لإنشاء مجموعة قواعد سلوكية وادارية وهذا يعني تطوير نظام الرعاية الطبية كما تضع برنامجاً تثقيفياً وتدريبياً للأطباء يحمل الية تساهم بحل المعضلات والمشاكل الطارئة في الرعاية الصحية. اي ان المؤسسات الصحية تحتاج الى تنمية الثقافة والاسلوب الحضاري للأطباء لكي يكون هناك نتائج ايجابية واضحة في سبيل شفاء وتعافي المريض وهذا هو الشيء الاساسي في الرعاية الصحية.