تـنظيمـات إسـلاميـة عـابـرة للحـدود – الحلقة السادسة
مقدمة لا بد منها
كتابي السابع عشر هذا « التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود « يصدر في سياق تفاقم حالة الصراع في العالم العربي واحتدامه بشكل عبثي ودموي، بعد انفجار ثورة الربيع العربي التي توسلت البحث عن : 1- التحرر والاستقلال، وامتلاك زمام المبادرة وحرية اتخاذ القرار، 2- الطمأنينة ولقمة العيش الكريم متضمنة ثلاثة مطالب أساس يفتقدها المواطن العربي هي الراتب المناسب، التأمين الصحي، والضمان الاجتماعي عند التقاعد والوصول إلى الشيخوخة، و3- الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة والاحتكام إلى نتائج صناديق الاقتراع، ولذلك جاءت كتبي في سلسلة قضايا ثلاث رئيسة متداخلة، سلسلة الكتب الأردنية تحت عنوان : معاً من أجل أردن وطني ديمقراطي، وسلسلة الكتب الفلسطينية تحت عنوان : معاً من أجل فلسطين والقدس، وسلسلة الكتب العربية تحت عنوان : من أجل عالم عربي تعددي ديمقراطي موحد .
وكتابي السابع عشر هذا مرتبط بكتابين، سبق نشرهما، وهما: 1- حزب الإخوان المسلمين في الميزان، و2- الدور السياسي لحركة الإخوان المسلمين، في إطار تنظيمات وأحزاب التيار الإسلامي، تأكيداً لدورهم ومكانتهم وقيادتهم للحركة السياسية في العالم العربي، في غياب أحزاب التيار اليساري، وأحزاب التيار القومي، وأحزاب التيار الليبرالي، التي تضررت بفعل الحرب الباردة ونتائجها .
كما جاء كتابي هذا على خلفية كتابي الذي صدر العام 2013 عن ثورة الربيع العربي أدواتها وأهدافها، وحصيلتها أن الثورة ما كانت لتكون لولا توافر العامل الموضوعي المحفز للاحتجاجات والدافع لها والمتمثل بغياب الاستقلال السياسي والاقتصادي عن بعض البلدان العربية، وهيمنة اللون الواحد، والحزب الواحد، والعائلة الواحدة، والطائفة، والشخص الفرد المتحكم بمفرده في إدارة الدولة، في أكثر من بلد عربي، وأخيراً بسبب غياب العدالة والطمأنينة وعدم توافر الخدمات الأساس من صحة وتعليم وضمانات اجتماعية للمحتاجين .
أما العامل الذاتي في ثورة الربيع العربي، فقد اقتصر على مؤسسات المجتمع المدني بما تحمل من مفاهيم عصرية عن الديمقراطية والتعددية واحترام مشاركة المرأة في مؤسسات صنع القرار، وبما تملك هذه المؤسسات ( مؤسسات المجتمع المدني ) من علاقات مع مؤسسات أوروبية وأميركية توفر لها الحصانة والدعم المطلوبين، ولكن بسبب غياب دور الأحزاب اليسارية والقومية والليبرالية، فقد استثمرت أحزاب التيار الإسلامي حصيلة الربيع العربي ونتائجه كي تكون هي صاحبة القرار، سواء عبر تفاهمها مع الأميركيين، أو عبر حصولها على الأغلبية البرلمانية كما حصل في فلسطين والعراق ومصر وتونس والمغرب، أو لامتلاكها الخبرات القتالية على أثر دورها في أفغانستان، ورغبتها في التغيير الثوري الجوهري، فاحتكمت إلى وسائل العنف واستعمال السلاح لمواجهة الاحتلال الأميركي للعراق، او لإسقاط النظم القائمة في ليبيا وسوريا واليمن، وحصيلة ذلك إخفاق ثورة الربيع العربي للآن، رغم توافر العامل الموضوعي ونضوجه لقيام الثورة، تغييراً للواقع، نحو الأفضل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ولكن الإخفاق الفاقع يعود لعدم نضوج العامل الذاتي، وكثرة نواقصه، وعدم اكتماله، بصفته أداة الثورة ومحركها، وطالما أن العامل الذاتي كان ناقصاً، ولم تكتمل حلقات نضوجه، فقد انعكس ذلك على ضعف أدائه وعلى نتيجة أفعاله، فغياب أحزاب التيارات الثلاثة اليسارية والقومية والليبرالية وضعفها، جعل الوضع متروكاً لقوة ونفوذ أحزاب التيار الإسلامي، التي لا تؤمن لا بالتعددية ولا بالديمقراطية، ولا تملك البرامج الاقتصادية والاجتماعية الكافية، لجعلها أداة في يد عامة الناس، وهدفاً لها كي تلتحم مع الثورة وتلتف حولها، فانطبق على المواطن العربي المثل القائل أنه مثل الشخص الذي هرب من الدلف فوقع تحت المزراب، وغدت الأنظمة السابقة بعجرها وبجرها، هي أفضل حالاً مما وقع لاحقاً، من هيمنة ونفوذ وتأثير الأحزاب الإسلامية، وقيادتها للعمل السياسي وللتغيير الثوري، مسنودة بعواصم إقليمية، فحاضنة الإخوان المسلمين تركيا وقطر، وحاضنة ولاية الفقيه الدولة الإيرانية؛ ما خلق حالة من الصراع الإقليمي والدولي المباشر في منطقتنا، وعلى أرضنا، وعلى حساب دماء شعبنا وثرواته .
إذن هذا الكتاب، ليس فلسفة معرفية، بل هو إضافة سياسية تراكمية، لوضع ثورة الربيع العربي في سياقها من أجل إنتصار الديمقراطية في العالم العربي، وتحقيق الطمأنينة بلقمة العيش الكريم بالصحة والتعليم والضمان الاجتماعي، وتحرير فلسطين .
هذا الكتاب يسلط الضوء على التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، أي أنه يستهدف القوى الإسلامية الأساس القيّا تأثيراً ومكانة في العالم العربي، ولا يستهدف تنظيمات إسلامية محلية في هذا البلد العربي أو ذاك، بصرف النظر عن قوتها أو ضعفها، بل هو يستهدف التنظيمات الإسلامية الخمسة العابرة للحدود، والتي تعمل في السياسة، ولها تأثير على صنع القرار، أو على صنع الأحداث الجارية :
1- حركة الإخوان المسلمين . 2- ولاية الفقيه الإيرانية . 3- تنظيم القاعدة . 4- تنظيم الدولة الإسلامية داعش . 5- حزب التحرير الإسلامي.
لذا أرجو أن يقدم شيئاً جديداً، للقارئ، وللمكتبة العربية، وأن ينال الاهتمام كما يستحق، وفق الجهد الذي بذل وتحقق.
حمادة فراعنة *
داعش والتطورات الأقليمية المتقلبة
ليست التطورات التي شهدها أرض العراق ومحافظاته الغربية والشمالية وخاصة نينوى ومركزها الموصل ، وصلاح الدين ومركزها تكريت ، اضافة الى محافظتي الأنبار وديالى بدءاً من الثامن من حزيران 2014 حدثاً عراقياً داخلياً ، غيّر من موازين القوى المحلية ، الفاعلة على أرضه ، في دولة زادت فيها مظاهر الانقسام ، والتمزق القومي ، والطائفي ، وحسب ، بل ثمة تداعيات اقليمية ، فرضت نفسها ، انعكاساً لما جرى ، دللت على أن تنظيم « دولة العراق والشام « ، تنظيم عابر للحدود ، مثله مثل الفصائل الأصولية الاسلامية : 1- حركة الاخوان المسلمين ، 2- ولاية الفقيه الايرانية ، 3- تنظيم القاعدة ، و4- حزب التحرير الاسلامي .
سرعة الحدث وقوة الاندفاع
لقد أدت حركة « داعش « وهجومها المباغت الى تحقيق نتائج غير متوقعة في نظر المراقبين كافة ، جعلت غالبيتهم ينظر بدهشة لما جرى ، نظراً لسرعة الحدث ، وقوة الاندفاع ، وتراجع الجيش العراقي وهزيمته في المحافظات العربية السنية التي طالها الحدث ، وحصل على أراضيها التغيير لمصلحة داعش ، ويمكن تلخيص هذه النتائج كما يلي :
أولاً : تمكن اقليم كردستان من تحقيق غرضه في السيطرة على محافظة كركوك المتنازع عليها بين العرب والأكراد ، والعمل على ضمها للأقليم من طرف واحد ، واعلان الرغبة في استقلال كردستان عن العراق بدولة كردية منفصلة.
ثانياً : وباستيلاء داعش على المحافظات الغربية والشمالية ، يكون قد تم رسم خارطة الانقسام بين المكونات الثلاثة الكردية والشيعية والسنية لدولة العراق بشكل فاقع وبارز .
ثالثاً : اتساع الفجوة بين تنظيم القاعدة وأميرها أيمن الظواهري من طرف ، وتنظيم داعش وأميرها أبو بكر البغدادي من طرف أخر ، وهو تعبير عن انقسام تنظيمي ومرجعي وسياسي ، دموي وعميق بين الطرفين ، وكل منهما يعتبر الفصيل الأخر ، نقيضه وبديله وضده .
رابعاً : بروز تنظيم فلسطيني داعم لداعش ، أعلن الولاء والتبعية للخليفة أبو بكر البغدادي ، وقدم له قائمة بالعمليات التي نفذها ومن ضمنها اختطاف وقتل المستوطنين الثلاثة .
الدولة والخلافة
في خطابه كخليفة للمسلمين كافة ، أعلن أبو بكر البغدادي ، يوم الأحد 29 حزيران 2014 ، قيام « الدولة الاسلامية « وهو خليفتها ، بديلاً لتسمية دولة العراق والشام « تآخى فيها الأعجمي والعربي والأبيض والأسود والشرقي والغربي ، وخلافة جمعت القوقازي والهندي والصيني والشامي والعراقي واليمني والمصري والمغربي والأمريكي والفرنسي والألماني والأسترالي ، وأصبحوا اخواناً واقفين في خندق واحد ، يدافع ويحمي بعضهم بعضاَ «
ودعا أمة الاسلام وخاطبهم بقوله « تحرري من قيود الضعف ، وقومي في وجه الطغيان على الحكام الخونة ، عملاء الصليبيين والملحدين وحماة اليهود ، الذين عملوا على تنصيب حكام عملاء خونة ، يحكمون المسلمين بالنار والحديد ، رافعين شعارات براقة خداعة ، كالحضارة ، والاسلام ، والتعايش ، والحرية ، والديمقراطية ، والعلمانية ، والبعثية ، والقومية ، والوطنية ، وغيرها من الشعارات الزائفة الكذابة « ، أما اليوم ، يقول أبو بكر البغدادي « للمسلمين كلمة عالية ، وأقداماً ثقيلة ، أقداماً تدوس وثن القومية ، وتحطم صنم الديمقراطية ، وتكشف زيفهما « ، وهو لم يترك أحداً الا ونال منه ، بروح ثورية جهادية ، لا تعرف اللين ولا تستسصيغه ، وحلف بالله « لنثأرن ، ولو بعد حين ، ولنرد الصاع صاعات « وخاطب الأمة بقوله « يا أمة الاسلام لقد بات العالم اليوم في فسطاطين اثنين ، وخندقين اثنين ، ليس لهما ثالث : فسطاط اسلام وايمان ، وفسطاط كفر ونفاق ، فسطاط المسلمين والمجاهدين في كل مكان ، وفسطاط اليهود والصليبيين وحلفائهم ، ومعهم باقي أمم الكفر وملله ، تقودهم أمريكا وروسيا وتحركهم اليهود « وقد أيده في مسعاه ، وفي اعلان الدولة الاسلامية ، وفي خلافته لها « جماعة أنصار الدولة الاسلامية في بيت المقدس « ، والشيخ أبو براء الشامي « أمير جيش الصحابة في بلاد الشام « الذي صدر عنه البيان رقم 4 ، وحمل توقيع القيادة العامة لجيش الصحابة في بلاد الشام .
تأييد من فلسطين
من بيت المقدس صدّر ، جماعة أنصار الدولة الاسلامية ، بياناً ، باركوا فيه ، للدولة الاسلامية المعلنة ، وخلافتها الراشدة ، وتمددها ، والفتوحات المستمرة التي قامت بها ، وأرسلوا سلاماً خاصاً لأمير المؤمنين أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي ، وأهدوه أعمالاً جهادية من نوع جديد في بيت المقدس وأكنافه ، وأعلنوا عن مسؤوليتهم عن تنفيذها وهي :
1- عملية أسر وقتل المجندين الثلاثة في مدينة الخليل .
2- عمليات قنص في الخليل وترقوميا .
3- عمليات اطلاق صواريخ من غزة وضرب أليات العدو الصهيوني .
ووجهوا عبر بيانهم عدة رسائل أولها لليهود قالوا فيها :
« باحتلالكم لأرض المسلمين في فلسطين ، وظلمكم للمسلمين في بيت المقدس ، قد فتحتم على أنفسكم باب لا يُسد ، وعليكم الخروج اما مهاجرين سالمين ، أو معاقين ، أو مأسورين ، أو تدفنون بها مقتولين ، كما وجدتم جثث مجنديكم الثلاثة « .
وثاني رسالتهم لقيادة السلطة الفلسطينية « ان لكم في جعبتنا مفاجآت ، قد عملتم لأنهاء الجهاد في الضفة وغزة ، فانتظرونا جئناكم بالذبح والقتل ، ونقول لمن له عقل ، باب التوبة مفتوح قبل القُدرة عليكم « .
ورسالتهم الثالثة خاطبوا فيها المسلمين في بيت المقدس وأكنافه ، ونددوا بمشاركة حركة حماس بالانتخابات ، ودخولهم للمجلس التشريعي ، وانتقادهم لحماس وللجهاد الاسلامي ، لتحالفهم مع ايران ، وادخال نفوذها الى فلسطين ، وقالوا :
« لسنا جماعة حزبية ، كتنظيمات الذل والهوان ، التي باع الكثير من قياداتها ، الدين لصالح السياسة ، والدخول في البرلمانات الشركية ، وموالاة الكافرين ، وقادة الشيعة ، الذين يحاولون تمرير دعوتهم للضفة وغزة « ، وقد أشادوا بالشهداء : أبو النور المقدسي ( عبد اللطيف موسى ) ، أبو الوليد السعيدني ، ومعتز دغمش ، وأشرف صبّاح أبو البراء المقدسي ، وأنهم على نفس المنهج ، ونفس الطريق ، ونفس الهدف .
تأييد جيش صحابة بلاد الشام
بينما قال البيان رقم 4 الصادر عن القيادة العامة لجيش الصحابة في بلاد : « منذ سنوات خمسة ، عملنا على الحشد والأعداد لقتال النصيرية ، قبل أحداث الشام ، وقد أصابنا الحصار والضيق من قبل القريب قبل البعيد ، سنوات ثقال عجاف تلقينا فيها العروض والمال السخي ، لكننا لم نركن على أهل الضلال والكفر ، وقد بقيت نصرتنا للدين وللمجاهدين وقتال النصيرية وأعوانهم طوال هذه الفترة سرية غير ظاهرة للعلن ، لاجتهاد كنا نراه ، وبفضل السرية التي التزمناها ، تمكنا من نصرة اخواننا المحاصرين ابان الأحداث وامدادهم ، واعداد التقارير العسكرية لاخواننا ، والمساعدة في استقدام المهاجرين والتنسيق معهم ، وتقديم ما قدرنا عليه من دعم « ، وأخيراً بلغنا اعلان الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين من قبل الدولة الاسلامية في العراق والشام ، وعليه فاننا نعلن حل « جيش الصحابة في بلاد الشام « ودعوة عناصره الحاليين والسابقين وجميع الجماعات والكتائب لبيعة الخليفة أبي بكر البغدادي « .
موقف القاعدة
في الأول من تموز ، أصدر أبو محمد المقدسي من الأردن وهو القريب الصلة من تنظيم القاعدة ، ويدين بالولاء الى أيمن الظواهري ، بياناً ، تناول فيه رأيه ، ضد اعلان أبو بكر البغدادي الخلافة للدولة الاسلامية جاء فيه :
« سُئلت عن انتصارات تنظيم الدولة في العراق فقلت : لا يوجد مؤمن لا يفرح بانتصارات مسلمين مهما كان حالهم ووصفهم ، وانما الخوف على مآلات هذه الانتصارات ، وكيف سيعامل أهل السنة ، والجماعات الأخرى الدعوية ، أو المجاهدة ، وعموم المسلمين في المناطق المحررة ؟ وضد من ستُستخدم الأسلحة الثقيلة التي غُنمت من العراق وأُرسلت الى سورية ؟ هذا هو سؤالي وهَمِي؟ لأننا لا نثق بالعقليات التي تمسك بذلك السلاح لأسباب كثيرة « .
وحول مسمى الدولة الاسلامية قال المقدسي واسمه الحقيقي عاصم طاهر البرقاوي :
« لا يضيرني المسمى ، واعلانه ، ولن أُضيع وقتي في تفنيد ما سوده في كتابه ، فكلنا يتمنى رجوع الخلافة وكسر الحدود ، ورفع رايات التوحيد ، وتنكيس رايات التنديد ، ولا يكره ذلك الا منافق ، والعبرة بمطابقة الأسماء للحقائق ، ووجودها وتطبيقها حقا ، وفعلا على أرض الواقع ، ومن تعجل شيئا قبل أوانه عُوقب بحرمانه ، ولكن الذي يهمني جدا هو ماذا سيرتب القوم على هذا الاعلان والمسمى الذي طوروه ، من تنظيم ، الى دولة عراق ، ثم الى دولة عراق وشام ، ثم الى خلافة عامة ، هل ستكون هذه الخلافة ملاذا لكل مستضعف وملجأ لكل مسلم ، أم سيتخذ هذا المسمى سيفا مسلطا على من يُخالفهم من المسلمين ، ولتشطب به جميع الامارات التي سبقت دولتهم المعلنة ، ولتبطل به كل الجماعات التي تجاهد في سبيل الله في شتى الميادين قبلهم « .
وتابع أبو محمد المقدسي بيانه الى القول :
« لقد سبق وأعلن الاخوة في القوقاز امارتهم ، ولم يرتبوا على ذلك شيئا يُلزم عموم المسلمين في نواحي الأرض ، ولا سفكوا لأجل هذا المسمى أو به دما حراما ، فما مصير امارة القوقاز الاسلامية عند هؤلاء القوم بعد الصدح بمسمى الخلافة ؟؟ كما وأعلن الطالبان امارة اسلامية قبلهم ولا زال أميرها الملا عمر ، يقارع الأعداء هو وجنوده ، وما رتبوا على مسمى الامارة ، التي وجدت فعلا على أرض الواقع لسنين ، سفك دم حرام ، فما مصير هذه الامارة عند من تسمى بمسمى الخلافة الاسلامية وأعلنها ؟ وما هو مصير سائر الجماعات المسلمة المقاتلة المبايع لها من أفرادها ، في العراق والشام ، وفي كافة بقاع الأرض ، وما هو مصير دمائهم عند من تسمى بالخلافة الاسلامية اليوم ، ولم يكف بعد عن توعد مخالفيه من المسلمين بفلق هاماتهم بالرصاص « ؟؟ .
وختم بيانه في القول :
« لا تظنوا أنكم بأصواتكم العالية ستسكتون صوت الحق ، أو أنكم بتهديدكم وزعيقكم وقلة أدبكم وعدوانكم ستخرسون شهاداتنا بالحق لا وألف لا .. فسنبقى حراسا مخلصين لهذا الدين ، وحماة ساهرين على حراسة هذه الملة ، نذب عنها تحريف المحرفين ، وانتحال المبطلين ، وتشويه الغلاة ، والمتعنتين وغيرهم من المشوهين « .
وأخر ما صدر عن تنظيم الدولة الاسلامية داعش ، تعميماً ، بشأن تنظيم القاعدة ، وزعه موقع أخبار الدولة الاسلامية ، في كانون ثاني 2015 ، ربيع أول 1436 ، موقع باسم م . غريب الاخوان ، تحت عنوان « يا أنصار الخلافة أضبطوا خطابكم « ، جاء فيه :
« تقول التقارير الغربية أن أغلب من يلتحق بالدولة الاسلامية هم من فئة الشباب أعمارهم بين 19 – 26 وهذا من الأمور الواضحة الملحوظة، وبحسبة بسيطة فان أعمار هذه الفئة يوم 11/9 المبارك كان بين 6 – 13 سنة فقط، وأورد هذه المعلومة هنا لأنصار الدولة الاسلامية خاصة حتى يعلموا ماهية الفئة المستهدفة في نصرتهم لدولة الخلافة ، فان معرفة المُستهدف تحتم علينا ضبط الخطاب والرسالة بما يتناسب مع متطلباتهم.
ان الجيل المبارك من الوافدين الى الدولة الاسلامية أو المتوقع هجرتهم اليها لاحقا ليس معنيا بالتاريخ القديم للحركات الجهادية خاصة القاعدة، ولا تهمه الأسماء اللامعة كثيرا ولا يهتم ان كانوا من أهل الحل والعقد بل حتى أنه لم يسمع بالكثير منهم الا من خلال أنصار الدولة الاسلامية ، بل ان هذا الجيل بفطرته السليمة عقد ارتباطه وولاءه بناء على الاسلام وليس التنظيمات، لذا تجده لا يتردد في الهجرة الى الدولة الاسلامية ، وقد رأى هذا الجيل صرح الخلافة وقد شُيِّد ورأى بطولات المجاهدين واقدامهم ورأى فتح المدن وتحرير السجون ورأى تحالف الكفر يجتمع عليهم .
وما سبق يظهر الخلل الذي انتشر عند أنصار الدولة الاسلامية والذين ركزوا كثيرا على الخلاف بينهم وبين القاعدة ورموزها، وهذا يخالف اهتمام هذا الجيل الجديد الذي يجب علينا أن نركز خطابنا معه على التبشير بمشروع التوحيد المتمثل بمشروع دولة الخلافة ، وهنا أوجه نصحي الى اخواني من الأنصار بالاهتمام بنشر رسالة الدولة الاسلامية وخطابات قادتها واصداراتها والوصول الى فئة أكبر من هذا الجيل.
وبالنسبة « لقاعدة الجهاد « فانه يؤسفني القول أن الأجيال الجديدة في جلها لا تلتفت اليهم أصلا وما أتباعها الحاليين الا من الجيل القديم، فان تركناهم وتركنا طرحهم غير الجذاب وغير المقنع فاننا بذلك نكون قد تركناهم لسنة الاستبدال التي استبدلتهم بدولة الخلافة ، وهذا لا يمنع بعض الكتاب وطلبة العلم من رد بعض شبهاتهم، لكن على عموم الأنصار تركهم وما يطرحون والالتفات الى مشروع ستكون نتيجته بعد سنوات التمكن لدين الاسلام، ودخول البشر في دين الله أفواجا، ورفع الظلم ونشر العدل، فليكن لكم بذلك من الصدقات الجارية كل حسب جهده وعمله ونيته.
وأوجه نصحي أيضا الى تيجان رأسي جنود الدولة الاسلامية ، فبعضهم يقحم نفسه في اطلاق أحكام الردة على جبهة النصرة و الضلال على الطالبان، وقد تكون بعض هذه الأحكام صحيحة في بعض الحوادث التي تخص جبهة النصرة بعينها كأحكام مجردة تحتاج الى تنزيل وضبط وتحقق شروط وانتفاء موانع، ولكن بما أننا نسعى الى الخروج من دائرة الأحزاب والتنظيمات الى دائرة الخلافة والدولة فلنترك للدولة وللخليفة القيام بهذه المهمة، ألسنا مقتنعين أنها دولة ولها مؤسساتها الشرعية ومحاكمها ولجانها المختصة، اذن فلتقم هي بالمهمة، وقد قامت الدولة بذلك يوم حكمت على قيادة الجبهة الاسلامية بالردة في بحث شرعي مفصل، فانه من المعلوم بالضرورة من أحكام الامارة والسلطان أن الأمام يرفع الخلاف ويوحد الأمة، فطلبي منكم اخواني أنصار وجنود الدولة الاسلامية أن اتركوا القوس لباريها وتوحدوا خلف الخليفة عملاً وقولاً .
وقد لاحظتم جميعا في مجتمعاتكم الخاصة أن هناك فئات كثيرة من الناس بدأت تبحث عن داعش ، ماهيتها ، أهدافها ، مشروعها وبطولاتها ، فهل تريدون تنفير هذا الدفق الجديد نحوكم بكثرة القيل والقال والخلافات التي لم ولن يفهموا منها شيئا ، واعلموا أنكم تحملون خير رسالة نزلت على البشر ، والوافد عطشان فقدموا له الماء الزلال « .